الثورة – يامن الجاجة:
فتحت نتائج ممثلي كرتنا في المسابقات القارية على مدار السنوات الماضية، وحتى في الموسم الحالي، باب النقاش حول حقيقة الأسباب التي أوصلت كرة القدم السورية على مستوى الأندية والمنتخبات إلى ما هي عليه اليوم، من وضع مزرٍ وتراجع مريب أوصلها لمرحلة العجز، بعدما كان لأنديتنا صولات وجولات على المستوى العربي والقاري.
نتائج مخيبة
على مدى السنوات القليلة الماضية، كنا على موعد مع فشل ذريع لممثلي كرتنا بتحقيق نتائج مقبولة، على أقل تقدير في المسابقات الآسيوية، علماً أننا لا نتحدث عن بطولات قارية قوية، وإنما عن كأس التحدي الآسيوي، المصنف كأضعف بطولات الأندية على مستوى القارة الصفراء، حيث فشلت أنديتنا في التأهل إلى دوري المجموعات في المسابقة الأضعف، تارةً كما حدث في نسخة هذا الموسم، واكتفت بالمشاركة في هذا الدور دون الوصول للأدوار الإقصائية، تارة أخرى ليكون التفوق لصالح أندية مسابقات الدوري العماني أو اللبناني أو حتى الفلسطيني، رغم ضعف تلك المسابقات، ليشكل ذلك برهاناً واقعياً عن عجز كرتنا على مجاراة الفرق الممثلة لبلدان الجوار.
الطامة الكبرى
ولم تكتفِ كرتنا بتراجعها على المستوى الإقليمي، من خلال عجزها عن مجاراة فرق غرب آسيا عموماً، بل زادت في تواضعها وأثبتت أنها في مرحلة موت سريري، بعد النتائج الكارثية التي سجلها ممثلا كرتنا في الدوري التمهيدي لمسابقة كأس التحدي الآسيوي لهذا الموسم، حيث خسر فريق الكرامة أمام ضيفه باشوندارا البنغالي بهدف نظيف، فيما خسر فريق حطين أمام مضيفه عبديش آتا القرغيزي بخمسة أهداف لهدفين، ليشكل ذلك صدمة كبيرة، وطامة كبرى بالنسبة لجماهير كرتنا، على اعتبار أن خسارة ممثلينا جاءت أمام أضعف فرق القارة الآسيوية، والمصنفة في المستوى القاري الأضعف.
موسم استثنائي وتراجع مضطرد
ورغم ما تمّ سوقه من تبريرات، لتعليل خسارة ممثلي كرتنا، كتواضع مرحلة التحضير، وعدم التعاقد مع محترفين أجانب على مستوى عالٍ، وكذلك خروجهم من موسم كروي استثنائي، من حيث الشكل وعدد المباريات الملعوبة، وغير ذلك من التعاليل غير المقنعة، إلا أن كل تلك التبريرات لا تعدو كونها محاولة لذر الرماد في العيون، لأن أسباب هذا التراجع أكبر من أن تختصر بسطور قليلة، والحلول تحتاج لإرادة كبيرة، ويمكن وصف الخيبة التي يعيشها متابعو كرتنا بالكبيرة، و صدمتهم بالقاسية، لأن الإرث التاريخي لأنديتنا في المسابقات القارية مليء بالومضات المبهجة التي شكلت علامات مضيئة في مسيرة أنديتنا على المستوى القاري، حيث كان فوز فريق الجيش بلقب أول نسخة لكأس الاتحاد الآسيوي عام (2004) وفوز أهلي حلب بلقب المسابقة ذاتها (المصنفة في المستوى الثاني من حيث القوة) باللقب عام (2009) وكذلك وصول نادي الكرامة لنهائي دوري أبطال آسيا (أقوى بطولة قارية) عام (2006) قبل تأهل الكرامة نفسه، ومعه نادي الشرطة إلى الأدوار الإقصائية المتقدمة من كأس الاتحاد الآسيوي في أكثر من مناسبة، كان ذلك تأكيد على التفوق النسبي والقوة الفنية التي تمتعت بها أنديتنا خلال العقود الماضية، عكس ما هو عليه الحال في السنوات الأخيرة التي تشهد تراجعاً مضطرداً لممثلي كرتنا موسماً بعد آخر.
أسباب التراجع والحلول
ويعود تراجع المستوى الفني لأنديتنا أولاً إلى ضعف المسابقات المحلية، وتواضع البنية التحتية، وإهمال الأكاديميات ومسابقات الفئات العمرية، حيث حدثت كل تلك المشاكل خلال سنوات الثورة السورية التي شن فيها النظام البائد حرباً على مقدرات البلاد بمختلف مشاربها، مهملاً القطاع الرياضي الذي عاش عهوداً من الفساد، ما أدى لهجرة الكفاءات الفنية، وتدمير جزء كبير من البنية التحتية الرياضية، عدا عن تدخل السياسة بالرياضة، وهو ما أدى لتراجع كرتنا يوماً بعد يوم، دون أن ننسى غياب الاحتكاك المفيد في المسابقات المحلية، من خلال عدم السماح بالتعاقد مع محترفين أجانب.
وطالما أن أسباب التراجع معروفة، فإن الحلول الممكنة معروفة أيضاً، ولكن أهم الحلول التي يجب العمل عليها تلك التي تكون على المدى المتوسط والطويل، ويكون لها نتائج مستدامة، وعلى رأسها الاهتمام بالبنية التحتية، وإقرار قوانين تساعد على تطوير المسابقات المحلية، مع تفعيل دور الأكاديميات وإلزام الأندية بالاهتمام على مستوى الفئات العمرية.