«أغمضْ جفونكَ تبصرُ».. دمكَ المُراقُ لا يُهدرُ

الثورة- هفاف ميهوب:
في كتابه “البيادر” يعترف الأديب والشاعر اللبناني “ميخائيل نعيمة”، بأنه ما وقف مرّة على منبرٍ، إلا وتمنّى أن تكون الوقفة الأخيرة، ذلك أنه كان يرى، بأنه يحاول أن يفرّغ وجدانه وروحه، في وجدان وروح كلّ من يخاطبهم، ودون جدوى لطالما، كان يشعر بأن النزاع الذي يعيشونه، والصراع القائم بينهم، جعلهم لايستمعوا له، ولا يفهموا مغزى كلامه:
“الدمُ البشري دمٌ طاهر، فهو الحامل للحياةِ المباركة، والفهم المقدّس، ومن الحرامِ أن يُراق إلا في سبيلِ الحياة، بل من الإثم أن يُهدر بغير حساب، ترضية لأهواءٍ يثيرها الجهل ويسوقها الموت، ولا بدّ للإنسانية المفصودة بمفاصدِ البغض والجشع، من صوتٍ يهيب بها، إلى حقن دمائها والاحتفاظ بما تبقى منها، لغاياتٍ أنبل وأسمى من استبدالِ حكامٍ بحكام، وتخومٍ بتخوم، وأوبئةٍ بأوبئة..”..
قال “نعيمة” هذا، بعد أن شعرَ بتفاقم الشرورِ والصراعاتِ والأحقاد، مثلما الظلام والجهل والتآمر والانقياد.. أيضاً، بعد أن فقد الأمل بمحبّة الناس ورحمتهم ببعضهم، ولاسيما أبناء الشرق ممن كان كلّ ما ذكره، سبباً في كونِ أيامهم:
“كانت أيامهم حبلى بالشدائد، ولياليهم مثقلة بالهموم، ولو أنهم أبصروا الحياة ببصائرهم لا أبصارهم، لما كان لهم همٌّ، سوى همّ الانعتاق من كلّ همٍّ، ولو أنهم طلبوا الانعتاق، لوجدوا أن لا سبيل إليه، إلا بطرح مقاييسهم العوجاء وموازينهم الجوفاء، ومشيئتهم العمياء،.. إن أخوّةٍ كهذه، لا تنزّ إلا القيح والوجع، ومحبّة كهذه، في عينها رمد وفي أمعائها هواءٌ أصفر..”.. كلّ هذا، وسواه مما ذكره “نعيمه”، يجعلنا نقول أمام مانراه اليوم، وآلمنا كما تألّمه: ما أشبه أمسه بيومنا، وما رآه من إعراضٍ عن الأخوة والمحبّة الإنسانية، بما نراه اليوم يتفاقم، فيُفقد الحياة معناها، ويُغرق الإنسان بالحزن والألم والتيه، والنهايات المأساوية.
ما أشبه الأمجاد التي وجدها تقوم على جثثِ البشرِ وأشلائهم، بالأمجاد التي نشهد اليوم، بشاعة ما يُقترف سعياً لنيلها، ولاسيما لدى أبناء الشرق ممن واجههم:
“الأمجاد التي تطلبونها هي التي جعلت من الأرض مسلخاً، ومن الإنسانِ قصاباً، ومن حياة الناس مجزرة هائلة، ومقبرة شاسعة.. مجد الشرق الحقيقيّ، ليس بتحريرِ الإنسان من حكم ِجاره، بل بتحريره من حكمِ نفسه، ولا ذُلَّ من ساد نفسه، وإن كان محكوماً من الناس أجمعين..”.
لاشكّ أن كلً ما ذكرناه، هو ما جعله يسعى لتغيير صورة الواقع المأساوية، وتحويلها إلى صورة حالمة ومثالية.. يغمض عينيه ويعتمد على بصيرته، ليخلق مدينته الخاصة عبر قصيدته:
إذا سماؤكَ يوماً/ تحجّبت بالغيوم/ أغمضْ جفونكَ تبصرُ/ خلفَ الغيومِ نجومْ/ وإن بُليتَ بداءٍ/ وقيلَ داءٌ عياءْ/ أغمض جفونكَ تبصرُ/ في الداءِ كلّ دواءْ/ وعندما الموتُ يدنو/ واللّحدُ يفغرُ فاهْ/ أغمضْ جفونكَ تبصرُ/ في اللّحدِ مهد الحياة..

آخر الأخبار
بمشاركة سوريا.. انطلاق المؤتمر الـ20 لرؤساء أجهزة الدفاع المدني في بغداد وزير المالية: إيقاف تراخيص شركات التأمين والتمويل العقاري لمراجعة شاملة محليات معرض دمشق الدولي يستقبل أولى الوفود الرسمية والعربية خطوة نوعية طال انتظارها.. قرار التربية بعودة الكوادر المفصولة إلى أعمالها سوريا وبريطانيا تبحثان العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون الاقتصادي دمشق في معرضها ال٦٢ تفتح نوافذها الاقتصادية للشراكات والاستثمارات "موتكس خان الحرير 2025".. بين الفرصة والتحدي من مرفأ طرطوس.. تحميل باخرة بنحو 7 آلاف رأس من الغنم إلى السعودية "سيريانا الخير" تقدم مساعدات طبية لمستشفى إزرع الوطني متابعة حملة "أبشري حوران" في الصنمين عبد القادر طحان: من سوريا نصدّر المستقبل "الدفاع المدني" يشارك في المؤتمر العربي للحماية المدنية في بغداد معرض دمشق الدولي.. البوابة الجديدة لسوريا اقتصادياً ولإعادة الإعمار وزير الاقتصاد يستقبل نظيره التركي للمشاركة في فعاليات المعرض معرض دمشق الدولي.. لقاء المحلي والعالمي وعيون على استثمارات واتفاقيات سوريا والبنك الدولي يبحثان التعاون في مجالات التنمية وإعادة الإعمار "سامز" تعزز قدرات الكوادر الطبية في دير الزور عودة الألق للمرافئ وقطاع النقل البحري الاقتصاد الرقمي وتعزيز الكفاءة الإنتاجية.. في جامعة اللاذقية مكتب تكسي في كراج البولمان والكراج الشرقي في اللاذقية