فائزو جائزة «حنا مينا» للرواية: حصولنا على الجائزة ينقلنا إلى دروب الاحترافيّة.. لجان التحكيم: اللغة والابتكار والإدهاش من شروط الفوز
الثورة- رفاه الدروبي – رنا بدري سلوم:
لم تكن الأسماء الفائزة في مسابقة حنّا مينا للرواية بعيدة عن الساحة الثقافية وتفاعلها وحضورها في الإصدارات الأدبية التي ترعاها وزارة الثقافة، فلكلِّ فائز تجربته الخاصة في صقل موهبته ومتابعتها، نقرؤها في الصحف والمجلات ونتابع كُتَّابها عبر الحضور في المراكز الثقافية المُتعدِّدة،ما يُؤكِّد أنَّ المشهد الثقافي ليس بعيداً عن متغيرات الحياة ونبضها السريع جيلاً بعد آخر، فلكلّ من الفائزين له دواوينه وكتبه وقصصه ورواياته المنشورة إمَّا إلكترونياً أو عن طريق الهيئة العامة السورية للكتاب أو اتحاد الكتاب العرب أو دور نشر خاصة، وبعد حصولهم على جائزة بمقام المبدع “حنا مينا” ازداد ألق الفائزين وطموحهم فكما عبّروا في تصريح لهم لصحيفة “الثورة” أنَّ الجائزة الأكثر قيمة من طباعة الهيئة العامة السورية للكتاب المنتج الأدبي الفائز في الجائزة، وأنَّ الفوز مسؤولية كبيرة تدفعهم لتقديم أعمال إبداعيَّة مُميَّزة، فالأدب قوَّة إيجابيَّة ينقلنا إلى تجارب وعوالم أخرى، ويُعرِّفنا عليها، يتحدانا كي نُفكِّر بطرق مُبتكرة، ويُلهمنا ويُواسينا ويفرحنا ويمنحنا الأمل.
القصيدة واللوحة الموجَّهة للطفل والقصة القصيرة للكبار، حُجبت لعدم صلاحيتها للنشر في مجلتي أسامة وشامة، وفقاً لما ورد في شروط المسابقة المعلن عنها. بحسب مدير الهيئة العامة السورية للكتاب الدكتور نايف الياسين أثناء تكريم الفائزين في مكتبة الأسد، مشيراً إلى أنّ الجائزة تُقدِّم دعماً مادياً ومعنوياً للكتّاب السوريين عن أعمالهم ونشرها والترويج لها، مُنوِّهاً إلى تشكيل لجان لأعمال وصلت من قبل نخبة من الأكاديميين المعروفين بنزاهتهم وعمق ثقافتهم وإبداعهم، وبذلوا جهداً كبيراً وبكلّ عناية وحتى آراء الأعضاء كانت دافعاً للأعمال الإبداعية.
أربع عشرة رواية
بدوره رئيس لجنة التحكيم للرواية “حنا مينه” الدكتور وائل بركات بيَّن أنَّ صلاح الصالح، وعاطف بطرس رافقاه في اللجنة، حيث تمَّ قراءة الأعمال المُقدَّمة وعددها ١٤عملاً بتأنٍّ وموضوعيَّة ضمن شروط اللغة الجيِّدة ووضوح السرد والإتقان والحياة الشخصيّة للبطلة والمرافقة لها، وتنظيم سيرورة الأحداث بدقة، وإضفاء طابع التجديد والإثارة ومفاجأة القارئ بأفق توقّع مغاير للمنتظر، كما شكّلت فصولها بالاعتماد على فكرة جديدة تمنح كلاً منها عنواناً مقروناً بتدرُّجات اللون الأحمر.
رئيس لجنة سامي الدروبي للترجمة الثانية الدكتور سامي قاجو أكَّد بأنَّ النص تطابق مع معايير الترجمة وفق النسخة الأصلية، مُنوِّهاً بأنَّ البحث يطرح مجموعة من الحلول، ويُسلِّط الضوء على الانعكاسات الحديثة منها في ظلِّ انتشارها وسط اليافعين والشباب، كما حافظت على روح العمل، مستخدمةً المصطلحات الواردة في البحث بدقة وبلغة عربية سليمة فكان يستحق جائزة سامي الدروبي.
رئيس لجنة قصص الأطفال مطيع حمزة ترافقه لينا كيلاني ولينا الزيبق، قال: إنَّ الموضوعات المطروحة توزَّعت حول أفكار إنسانية ومواقف اجتماعية حال أكثرها إلى محاكاة الطفولة المتأخِّرة. أما آلية التحكيم فبنيت على أسس ومعايير منهجية شملت المستويين: الفني: اللغة وجماليات الكتابة، والفكري بقيمه التربوية، فمُنحت الجائزة لقصة “التفاح الأحمر الحزين” لميادة مهنا سليمان صاحبة الدرجة العليا.
أسباب الحجب
ثم بيَّنت رئيس لجنة القصة القصيرة للكبار الدكتورة ماجدة حمود بأنَّ الكاتبين وفيق يوسف ورباب هلال رافقاها في اللجنة؛ وتمَّ حجب الجائزة لوجود توحُّد مع نوع الكتابة نفسه يستسهله الكتَّاب عادةً، ويسعون لنشر كتاباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي؛ دون أن ينتبهوا إلى ما تفرضه القصة القصيرة من تحدٍّ في الأسلوب، أي الانتباه إلى التشويق والإدهاش من العنوان وحتى الخاتمة، كما عانت أغلبية القصص من ضعف ثقافي ما أدَّى إلى السطحية وعدم الغوص في الأعماق، إضافة إلى ضعف في اللغة العربية وعدم الاهتمام بعلامات الترقيم.
رئيس لجنة الشعر صقر عليشي رافقه بيان الصفدي والدكتور نزار بريك هنيدي، قال: لن يخفى ألق الشعر أو يخبو دوره الجديد في توسيع مساحة السلام والجمال على الكوكب، وسورية أرض ثرَّة تضمُّ قامات من الشعراء، مهيبة، شامخة يضيق تعدادها، وما عمر أبو ريشه ونزار قباني إلا رموزٌ نفتخر بها.
الفائزون في الرواية
حملنا ما في جعبتنا من أسئلة للفائزين الذين فعبروا “للثورة” عن مشاعرهم في الفوز حيث بينت القاصة وجدان أبو محمود أنَّ الرواية مشروع متكامل يستحيل نجاحه بميزة واحدة في أحد عناصره، فينبغي انجدال التفرد الفكري بالفني بالدرامي لغزل بصمة جديدة، ويكون القارئ الأقدر على الالتقاط الموضوعي لتلك الجماليات إن وجدت نتيجة لارتباط الكاتب العاطفي بعمله أكثر من خمس سنوات، لافتة بأنَّ الرواية محاولة للإحاطة بالضعف البشري المسكون بالتناقضات. إنَّها رحلة في تدرُّجات اللون الأحمر وتوظيفه كرمز للنفس البشرية، بدءاً من الورد والتوت الشامي وأسطورة خيط القدر الأحمر وانتهاء بالدم.
وأشارت بأنَّ الرواية متعددة الرواة، والبطلة طبيبة نفسية تصاب بمرض لم يتم تصنيفه سابقاً، وتحاول فهم ذاتها لتشرح لنا ذواتنا، وما حاولت إيصاله وصف وحدة صورة المشاعر الإنسانية ووحدة شكل الظلم في عالم اليوم القادر على جرف كل رقيق وحقيقي، ولفتت إلى وجود رواية للناشئة قيد الطبع وأخرى للكبار في طور اللمسات الأخيرة، لكنَّها مازالت تُصنِّف نفسها كقاصَّة، وتعتبر القصة عالمها الأول. تكتبها وتنشرها منذ عشرين عاماً، وبعد سبع مجموعات قصصية مازالت تُجرِّب وتختبر رغم إهمالها عالمياً.
المترجمة عبير حمود بينت أنَّها ترجمت كتاب من الفرنسية إلى العربية عنوانه :”أمراض وسائل التواصل الحديثة”، وفازت بالجائزة ما منحها دافعاً قوياً كي تكمل طريقها في ترجمة الكتب رغم نشر خمسة كتب لها مطبوعة من إصدارات وزارة الثقافة وأخرى لاتحاد الكتَّاب العرب.
تناولت علم النفس والاجتماع وتطوير الشخصية بينما الكتاب الحالي يُشكِّل نقلة نوعيَّة لها في مجال الترجمة وله وقع في الحياة العامة، مُعتبرةً الترجمة الرمزية الأساسية لها وحمَّلتها الجائزة مسؤولية كبيرة لتقديم جهد متقن توَّجته بالمركز الأول.
الشاعرة ميادة مهنا سليمان أشارت إلى أنَها كتبت جميع الأجناس الأدبية من شعر ومسرح وقصة للأطفال، ولديها سيناريو لمسلسل انتهت منه، مشيرةً بأنَّ حلماً يراودها منذ زمن يتحقق الآن بفوزها بقصة للأطفال نتيجة عدم قدرتها على طباعة منتجها لارتفاع تكاليف الطباعة المحتوية على رسوم مرافقة للأحداث؛ لكنَّ المسابقة أتاحت لها الفرصة لطباعتها من قبل الوزارة ووجدت حافزاً لتشجيعها أكثر.
ثم لخَّصت سليمان الحائزة على شهادة دبلوم دراسات عليا في الأدب العربي قصتها الفائزة حول التفاح الجولاني وعدم استطاعة أطفال سورية تناوله لأن العدو الغاصب يمنع إيصاله، مُركِّزة على الطفل “ثائر” ورسمه لأشياء فقدها أو ضاعت منه فصوَّر شجرة التفاح الحزين في بستان، مشيراً إلى الجولان المحتل لأنَّ أطفال بلده أحقّ بتناوله.
الشاعر مفيد وسوف اعتبر أنَّ الجائزة مهمَّة على مستوى القطر، وتأتي أهميتها من خلال لجنة تحكيم تُقدِّر القصائد المقدَّمة كما تُقدِّر الشعر وتعطيه حقه، فمَنْ فاز يستحق بجدارة لأنَّ القصيدة تحمل مُكوِّنات إبداعيَّة.