الثورة – دمشق – رولا عيسى:
على وقع ارتفاعات وتضخم عالمي في الأسعار بدت ملامح عام 2023 منذ بدايته، وبدا التأثر على الصعيد المحلي واضحاً ومتزايداً نتيجة أسباب مضاعفة منها الحصار الاقتصادي المستمر على سورية، ولا يمكن تجاهل ما تركه الزلزال المدمر من آثار سلبية أرخت بظلالها على مختلف القطاعات مع بداية شهر شباط الماضي.
وتتالت الارتفاعات على صعيد المشتقات النفطية ووصلت لأوجها بعد منتصف العام الحالي، وجاء مرسوم الزيادة على الرواتب من السيد الرئيس بشار الأسد بنسبة 100%، ليخفف من آثار الارتفاعات التي تتسببت بها متوالية ارتفاع المشتقات النفطية.
إلا أن ارتفاع أسعار مختلف السلع وعدم توقفها عند حد معين ذهب بالقدرة الشرائية للمواطن والتهمت الأسعار دخله من دون وجود إجراءات مواكبة لهذا المستوى من الارتفاع، وفي مقدمتها إعادة دوران عجلة الإنتاج على نحو يحقق الفائض الذي يسهم في تخفيض الأسعار ويساهم في استقرار الليرة السورية.
اللافت هذا العام أيضاً محاولة توجيه الدعم الذي تقدمه الدولة نحو مستحقيه ومن ضمن الإجراءات كان إبقاء سعر ربطة الخبز المدعوم ضمن مخصصات البطاقة الالكترونية على حاله ب200 ليرة سورية، فيما حصلت زيادة على سعر الخبز خارج الدعم مرتين ليصبح في المرة الأخيرة ب3000 ليرة للربطة الواحدة لمن هم خارج الدعم.
ومع ذلك وبحسب– مصادر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك فإن تكلفة ربطة الخبز ارتفعت هي الأخرى إلى 5500 ليرة سورية وهذا يعني أن الدعم للجميع لكن بنسب متفاوتة.
لكن في المقابل خرج هذا العام السكر والرز المدعوم من دائرة التوزيع عبر البطاقة الالكترونية والذي حافظ على تسعيرة ثابتة لم تتجاوز 1000 ليرة للكيلو، وتم الاكتفاء بتوزيع كيلو واحد ضمن سعر التكلفة، ودخل على الخط البرغل الذي سعر ب7500 ليرة للكيلو، وذلك من خلال صالات ومنافذ بيع المؤسسة السورية للتجارة.
وما طرأ من تغير على آلية تسعير المشتقات النفطية هو إمكانية التخفيض أو الرفع حسب السعر العالمي، ووجدنا أحياناً انخفاضاً لا يذكر على بعضها، فسجل مع نهاية العام سعر ليتر البنزين أوكتان 95 بـ 12.270 ألف ليرة، وسعر ليتر المازوت الحر 11.780 ألف ليرة وأما أوكتان 90 للبطاقات المدعومة فبلغ الليتر 8500 ليرة والمازوت 2000 ليرة، كما أن المازوت بغرض دعم المنتجين بسعر 8000 ليرة ضمن مخصصات.
وحول التضخم الذي قدرت نسبته بأكثر من 250% خلال العام 2023 تحدث الخبير الاقتصادي جورج خزام لـ “الثورة” عن التضخم النقدي وعرفه بأنه كمية كبيرة من الأوراق النقدية تطارد كمية قليلة من البضائع والدولار المعروضة للبيع، ما يؤدي لارتفاع سعر التوازن الحسابي بين العرض والطلب.
ولفت إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار بالمصرف المركزي لأكثر من 3 أضعاف أدى إلى زيادة نسبة التضخم النقدي وتراجع القوة الشرائية لليرة السورية ومعه تراجعت القوة الشرائية للأموال المخصصة للدعم، وظهر ذلك بشكل واضح بتراجع الدعم وخاصة للمواد التموينية.
أي أنه– والكلام لخزام- إذا كان ارتفاع سعر صرف الدولار 3 أضعاف فهذا يعني تراجع عدد مرات استلام المواد التموينية 3 مرات، أي بدلاً من وصول 4 رسائل استلام فإنه يصل رسالة واحدة.
ورأى خزام أن الجهات المختصة بمكافحة التضخم النقدي لم تقدم أي حلول حقيقية على أرض الواقع سوى المراقبة، والسبب هو غياب التخطيط والتنفيذ الحقيقي من قبل المسؤولين في مراكز اتخاذ القرار الاقتصادي وخاصة المصرف المركزي واللجنة الاقتصادية.
وتابع: إن غياب الأدوات الحقيقية للمصرف المركزي، وأهمها القدرة على زيادة العرض من الدولار بالأسواق للتدخل بمنع ارتفاع سعر صرف الدولار هو أحد أهم الأسباب التي أدت لتراجع الدعم وزيادة تراجع القوة الشرائية للرواتب الضعيفة.
ونوه بأن المشكلة الحقيقية ليست بالتضخم النقدي الذي حصل بعام 2023، وإنما ما هو متوقع من زيادة بالتضخم النقدي في ظل تراجع الموازنة العامة لعام 2024 لتصل حوالي 2,8 مليار دولار فقط، بعد أن كانت في عام 2023 هي 5,5 مليارات دولار بحسب سعر الصرف بالمصرف المركزي، أي أن الموارد تراجعت للنصف.
واختتم الخبير الاقتصادي قائلاً: هذا سوف يظهر بشكل واضح على تراجع الدعم