الثورة – هبه علي:
يتطلع آلاف الشباب السوريين إلى فرص عمل بعد سنوات الدراسة الجامعية، ليجد معظمهم أن الشهادة لم تعد كافية للحصول على وظيفة، إذ أصبح شرط “الخبرة المسبقة” عائقاً أمامهم، في ظل سوق عمل يعاني ضعفاً هيكلياً وتباطؤاً في الإنتاج.
يؤكد المدرب الدولي أكرم الأحمد في حديث خاص لصحيفة الثورة أن “سوريا اليوم تعيش حالة اقتصادية هشة، والسوق المحلي ضعيف جداً، ولذلك فإن الاعتماد على الخبرات أصبح ضرورة وليس ترفاً”.
ويضيف أن المؤسسات “تسعى إلى تسريع دوران عجلة الاقتصاد، ولهذا تفضل من يستطيع إنجاز العمل فوراً دون فترات تدريب طويلة”.

اقتصاد هش ومتطلبات سريعة
ويرى الأحمد أن هذا الاتجاه مبرر في الظروف الراهنة، لكنه “يجب أن يكون مؤقتاً”، مشدداً على أن الحل الأمثل هو تبني نموذج هجين يجمع بين الشهادة والخبرة العملية.
ويوضح أن خريج الجامعة “يجب أن يحصل على فرصة تدريب واكتساب خبرة حقيقية قبل التخرج، تماماً كما يحدث في كليات الطب التي تدمج الدراسة بالتطبيق العملي”.
الحاجة ملحة للخبرة
ويشير إلى أن الاعتماد على أصحاب الخبرات يحقق عدة فوائد اقتصادية، أبرزها تقليل زمن التأهيل للعمل، ورفع الإنتاجية، وخفض تكاليف التدريب، إضافة إلى الحد من مخاطر التنفيذ في بيئة اقتصادية ضعيفة مثل الحالة السورية.
كما يساهم في تسريع دوران السوق المحلي وتفعيل سلاسل التوريد المطلوبة لدعم الإنتاج الوطني.
لكن هذا الخيار، بحسب الأحمد، يحمل سلبيات لا يمكن تجاهلها، إذ إن إهمال دور التعليم والشهادات الأكاديمية “يحرم السوق من الدماء الجديدة والأفكار المبتكرة والتقنيات الحديثة التي عادة ما يجلبها خريجو الجامعات”.
فالتعليم العالي، كما يوضح، هو “الركيزة الأساسية لتطوير أدوات الإنتاج وتحديث أساليب العمل في المؤسسات العامة والخاصة”.
ويؤكد الأحمد أن استمرار هذا الاتجاه دون توازن “قد يؤدي إلى تكرار أدوات العمل القديمة، ويحد من فرص التطوير والتجديد في بيئة العمل السورية”، مشدداً على ضرورة “تعزيز الجانب العملي في التعليم الجامعي، وربط الطلاب بسوق العمل أثناء دراستهم من خلال التدريب والتطبيقات الواقعية”.
ويختم الأحمد حديثه بالدعوة إلى اعتماد نظام تقييم هجين عند التوظيف، يوازن بين الخبرة والشهادة، ويأخذ في الاعتبار معادلة سنوات الخبرة بالشهادات الأكاديمية كما هو معمول به في العديد من الدول، معتبراً أن هذا النموذج “يفتح باب العدالة أمام الجميع، ويمنح أصحاب الخبرة والمتعلمين فرصاً متكافئة، تسهم في تحريك الاقتصاد الوطني بشكل أسرع وأكثر استقراراً”.