ريف إدلب يتنفس الأمل.. افتتاح المدارس يُعيد الحياة إلى المجتمع

الثورة – ميسون حداد:

بعد سنوات من الحرب والانقطاع الطويل عن مقاعد الدراسة، بدأت مدارس ريف إدلب تستعيد حياتها تدريجياً، لتمنح الأطفال فرصةً للابتسامة والأمل بمستقبل أفضل. فمنذ أيام تمّ افتتاح مدرسة التمانعة، التابعة لخان شيخون الذي شكّل خطوةً رمزية وعملية لإعادة بناء الثقة في العملية التعليمية.

ولأن إعادة افتتاح المدارس تعبير عن التزام المجتمع والمؤسسات التعليمية بإعادة بناء المستقبل، التقت “الثورة” الأستاذة جميلة الزير، معاون مدير التربية في محافظة إدلب، ورصدت آراء الأهالي.

فرحة الأهالي

أعرب أهالي الطلاب لصحيفة “الثورة” عن فرحتهم الكبيرة عند حضور افتتاح المدارس، وأوضحوا أنّ الأطفال الذين لم يعرفوا المدارس سابقاً شعروا في البداية بالرهبة، لكنهم اليوم أصبحوا متحمسين للتعلم وفخورين بمدارسهم. وأكد الأهالي أنّ سهولة الوصول إلى المدارس جعلت الذهاب والإياب مشياً على الأقدام ممكناً بعد أن كانت صعوبات التنقل تمثل عبئاً كبيراً أثناء فترة النزوح، لافتين إلى أنّ أكثر ما أعجب الأطفال هو وجود أقاربهم وجيرانهم بالمدرسة، ما جعل البيئة التعليمية أكثر دفئاً وأماناً.

مدرسة التمانعة

أشارت الأستاذة جميلة الزير، إلى أنّ افتتاح المدرسة في بلدة التمانعة يشكّل خطوةً أساسيّة في تخفيف العبء عن المدارس المجاورة، و تتيح لأطفال البلدة فرصةً للحصول على تعليمٍ جيّدٍ وآمن، مما يعزّز الاستقرارَين المجتمعيّ والنفسيّ للطلاب. وبيّنت أنّ المدرسة ستخدم ما بين 600 – 800 طالب وطالبة خلال العام الدراسي، مؤكدةً أنّ الكوادر التعليمية تمّ اختيارها من معلمين ذوي خبرةٍ وكفاءةٍ مع إعطاء الأولوية للمعلمين المحليين القادرين على فهم احتياجات المنطقة بشكلٍ أفضل. وأضافت أنّ الخطة تتضمّن إدراج برامجَ دعمٍ نفسيٍّ تشمل جلساتٍ استشارية للطلاب الذين تأثروا بالأحداث في السنوات الأخيرة، إلى جانب تنفيذ أنشطةٍ تربويةٍ وورشِ عملٍ لا منهجيةٍ تساعد على تعزيز القدرة على التكيّف.

كان لمنظمة اليونيسف دور محوري في دعم ترميم المدرس، وقالت: “منظمة اليونيسف لعبت دوراً أساسياً في دعم ترميم مدرسة تمعانة عبر توفير التمويل اللازم والخبرات الفنية”.

خطّة ترميم المدارس

أوضحت الزير أنّه تمّ حتى الآن ترميم وإعادة افتتاح نحو 232 مدرسةً كانت قد تعرّضت لأضرارٍ جسيمة، وبيّنت أنّ العمل لا زال مستمراً إذ لا تزال نحو 354 مدرسةً بحاجةٍ إلى الترميم، بعضها يحتاج إلى إصلاحاتٍ كبيرة وبعضها الآخر إلى صيانةٍ جزئية، في حين تبقى 44 مدرسةً خارج الخدمة بشكلٍ كامل. وذكرت الزير أنّ خطة مديرية التربية للمدارس المتبقية تقوم على تنسيقٍ وثيقٍ بين الوزارة والمنظمات الإنسانية، بهدف تحسين واقع الأبنية التعليمية المتضرّرة نتيجة القصف، إلى جانب بناء مدارسَ جديدة في المناطق التي لا تزال تعاني ضعفاً في البنية التحتية التعليمية، وأضافت: “نحن نعمل بخطواتٍ متوازنةٍ بين إعادة التأهيل والبناء الجديد لضمان استمرار العملية التعليمية في كلّ المناطق”.

التحديات والصعوبات

وفي السياق ذاته، قالت الزير إنّ عملية ترميم المدارس في ريف إدلب واجهت جملةً من الصعوبات المعقّدة، موضحةً أنّ حجم الدمار الواسع الذي طال البنية التحتية جعل بعض المدارس بحاجةٍ إلى أعمالٍ إنشائيةٍ عميقةٍ تستغرق وقتاً وجهداً كبيرين. وأشارت إلى أنّ الضغط المتزايد على المدارس المرمّمة والجديدة يشكّل تحدّياً آخر، إذ لا تزال الطاقة الاستيعابية غير كافية مقارنةً بعدد الطلاب المتزايد في بعض المناطق. وبيّنت أنّ ضعف مشاريع التعليم غير الرسمي يُعدّ من أبرز العقبات، ولا سيّما بالنسبة للعائدين إلى سورية الذين يحتاجون إلى دعمٍ إضافيٍّ في مادة اللغة العربية وتأهيلٍ تربويٍّ يواكب المناهج الحديثة، مؤكدةً أنّ التمويل المحدود لهذه المشاريع يفاقم من صعوبة توسيع نطاقها لتغطية جميع المدارس، خصوصاً في المناطق التي تشهد عودة اللاجئين. وأضافت أنّ نقص تدريبات إعادة بناء القدرات التعليمية لدى المعلمين ما يزال يؤثر على جودة التعليم، ما يستدعي خططاً مستمرةً لتطوير مهارات الكوادر التربوية وتمكينها من التعامل مع المناهج الحديثة بفعاليةٍ أكبر.

عودة التلاميذ إلى المدارس

ترك افتتاح المدارس في ريف إدلب وإعادة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة بعد سنواتٍ من الانقطاع بسبب الحرب وما خلّفته من دمارٍ في البنية التعليمية أثراً عميقاً. وأوضحت الزير أنّ هذه الخطوة، مثّلت استعادةً للثقة لدى الأهالي بقدرة النظام التربوي على النهوض من جديد ومتابعة رسالته رغم الصعوبات.

كما أسهمت عودة الطلاب المنتظم في تحقيق استقرارٍ نفسي واجتماعي للأطفال، إذ باتت المدرسة بالنسبة إليهم مساحةً للأمان والتفاعل الإنساني بعد سنواتٍ من العزلة والاضطراب، مشيرةً إلى أنّ التعليم اليوم يشكّل أداةً أساسيةً لإعادة بناء الحياة والمجتمع في المناطق المتضرّرة.كما ساعدت هذه العودة في الحدّ من نسب التسرب المدرسي، خاصةً في الأرياف التي كانت تعاني ضعف البنية التعليمية ونقص الكوادر.

الأثر الاجتماعي

امتد أثر ترميم المدارس إلى حياة العائلات والمجتمعات المحلية في ريف إدلب، إذ شملت جوانبَ إنسانيةً ونفسيةً واسعة. وأوضحت الزير أنّ افتتاح المدارس أسهم في تقليل الأعباء اليومية عن الأهالي الذين كان أبناؤهم يقطعون مسافاتٍ طويلةً للوصول إلى مدارس بعيدة أو يدرسون في أماكن غير مناسبة. وأضافت: “إنّ الجانب النفسي من أكثر الجوانب المتأثرة بشكل إيجابي، فعودة المدارس أعادت الطمأنينة إلى قلوب الأهالي”، كما أتاحت عودة المدارس للأطفال بيئةً آمنةً ومستقرةً تسهم في بناء شخصيتهم وتطوير قدراتهم. وأضافت الزير أنّ هذه الخطوات ساعدت في تعزيز الثقة بين الأهالي والمؤسسات التعليمية، بعد سنواتٍ من التردّد والشكوك التي فرضتها الأوضاع الصعبة، مؤكدةً أنّ رؤية الأطفال يعودون إلى صفوفهم في بيئةٍ نظيفةٍ ومنظّمةٍ تمثّل رسالة التزامٍ واضحة من قبل الوزارة والمجتمع على حدٍّ سواء. وختمت الزير حديثها بالقول إنّ إعادة تشغيل المدارس لم تكن مجرّد عمليةٍ خدميةٍ، بل خطوة لإعادة بناء النسيج الاجتماعي وترميم الثقة بالمستقبل.

آخر الأخبار
إعادة تدوير النفايات.. الطريق نحو بيئة نظيفة المرأة السورية.. بين الحاجة والطموح عمل الفتيات في المحلات التجارية.. بين تحسين وضع معيشي وإثبات وجود مسؤولون سابقون من النظام المخلوع على قائمة الاتهام في النمسا ريف إدلب يتنفس الأمل.. افتتاح المدارس يُعيد الحياة إلى المجتمع مصفاة حمص الجديدة ترسم ملامح تحول قطاع الطاقة في سوريا "دواجن طرطوس".. إنتاج متجدد نحو الاكتفاء الذاتي الخبرة تتفوق على الشهادة في سوق العمل تغير المناخ يهدد قمح سوريا.. هل تنقذ الزراعة المستدامة محصول الغاب؟ الشيباني يرفع العلم السوري في السفارة بـ لندن خلال زيارته للمملكة المتحدة باراك يكشف تفاصيل دقيقة عن اجتماع الرئيسين الشرع وترامب الرأي العام السوري يدخل رقمياً على خط المفاوضات مع "قسد"... 65 بالمئة يرحب بالحوار تحت سقف السيادة و... اقتصاد البقاء.. هكذا يعيد السوريون بناء حياتهم بوسائلهم الخاصة البطالة المقنّعة.. وجه خفيٌّ للفساد الإداري وتشويه للمؤشرات الاقتصادية تحديات تعترض طريق المنتجات السورية إلى الأسواق الخارجية الإسمنت السوري بين التحدي والفرص.. من تلبية الطلب إلى رافعة للتنمية بعد فتح واشنطن أبوابها.. لماذا على دمشق تفعيل القوة الناعمة؟ تعاون أردني – سوري يرسم ملامح شراكة اقتصادية جديدة تسجيل إصابات التهاب الكبد في بعض مدارس ريف درعا بدر عبد العاطي: مصر تدعم وحدة سوريا واستعادة دورها في الأمة العربية