الرأي العام السوري يدخل رقمياً على خط المفاوضات مع “قسد”… 65 بالمئة يرحب بالحوار تحت سقف السيادة ورفض الانقسام

الثورة – عزة شتيوي :
حركت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن ركود العملية التفاوضية بين دمشق و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ودفع اتفاق العاشر من مارس/آذار الفائت، إلى الواجهة من جديد ما يعكس أن الكواليس السياسية للمرحلة تحضر لخطوة هامة على الصعيد السوري الداخلي قد تبدأ باستئناف المفاوضات مع “قسد”.
ولكنها قد لا تنتهي كسابقاتها بالاستعصاء والتجميد على حساب استمرار معاناة الشعب السوري خاصة أن معظم الثروات السورية من نفط وغاز توجد في المنطقة الشرقية حيث تتمركز “قسد”، وهناك مخاوف حقيقية لدى السوريين من مشاريع الانفصال والتقسيم التي تغذيها بعض الأجندات الإقليمية والدولية، لذلك يميل المزاج العام السوري إلى التشجيع للجلوس على طاولة المفاوضات بين دمشق و”قسد” والتوصل إلى حل يضمن وحدة البلاد وسيادتها.
اللافت في هذه الجولة المرتقبة من المفاوضات بين دمشق و”قسد” أنها تركز على دمج قوات “قسد” ضمن مكون الجيش السوري وهو ما أكد عليه الرئيس الشرع داعيا إلى أن تُسنَد مهمة الإشراف على عملية الدمج إلى القوات الأميركية المتمركزة في سوريا، بينما تتحمل الدولة السورية وحدها مسؤولية حماية أراضيها وتأمين سيادتها، بحسب ما ذكرت صحيفة “الواشنطن بوست”.
وتأتي هذه المفاوضات في سياق سياسي ودبلوماسي يعكس انفتاحاً محسوباً على الملفات الداخلية المعقدة التي تهم الرأي العام السوري والعربي، وأظهرت المنصات الرقمية السورية والعربية تفاعلاً واسعاً مع الحدث، حيث تراوح بين الترحيب المشروط والتحليل النقدي.

60 بالمئة ترحب بالمفاوضات

من خلال رصد ردود الفعل الجماهيرية والتفاعل مع فكرة المفاوضات بين دمشق و”قسد”، تشير البيانات إلى أن نسبة الترحيب العام بالمفاوضات بلغت نحو 60بالمئة، في مقابل 40 بالمئة، من التحليلات والثقافات السياسية التي تمحورت حول السيادة واللامركزية والهوية الوطنية، وهذا يعكس ضرورة الحوار الشفاف السوري – السوري حول القضايا الاستراتيجية، حيث رصدت 10 منصات رئيسية للتفاعل الجماهيري و1250 تعليقاً إجمالياً عبر المنصات، وكانت نسبة الترحيب بالمفاوضات تتراوح بين 55% إلى 65% حسب طبيعة المحتوى، أما نسب التحليل النقدي فكانت بين 35 بالمئة إلى 45بالمئة للقضايا الحساسة.
وبالتطرق إلى التحليل الاستراتيجي للتفاعل مع الجماهيري، تظهر الإحصاءات أنه تضمن تأكيد الدولة على وحدة المؤسسات كما حافظ الخطاب الرسمي السوري على وضوح موقفه بأن دمج “قسد” لا يتم إلا ضمن مؤسسات الدولة الشرعية، وبإشراف مركزي يضمن وحدة القرار العسكري والأمني، ويمنع أي ازدواجية في السلطة أو السلاح.

اللامركزية الإدارية

أبدت الدولة استعدادها للنقاش حول صيغ اللامركزية الإدارية في إطار وحدة الدولة، مع رفض أي مظهر للانفصال أو الحكم الذاتي. هذا الموقف وجد قبولًا شعبيًا واضحًا في التعليقات المرصودة ومعظم التعليقات القادمة من المناطق الشرقية ركزت على تحسين الخدمات والاستقرار، معتبرة أن الحوار وسيلة لتخفيف التوترات الأمنية والاقتصادية، وليس مجرد ملف سياسي.
كما أن تزامن المفاوضات مع زيارة الرئيس الشَرع إلى واشنطن ساهم في خلق مزاج رقمي متفائل، يُعتبر دعمًا دوليًا لمسار الحل الداخلي، ويُعد ذلك مؤشرًا على ارتفاع وعي الجمهور السياسي وتزايد ثقته بالمؤسسات الوطنية في إدارة الملفات المعقدة بتوازن.
كما لوحظ في الرصد والتحليل لبيانات المنصات ارتفاع ملموس في خطاب الثقة بالدولة كمظلة جامعة. مع استمرار التخوف من “النيات” لا من “المبدأ”، ما يعني أن الجمهور لا يرفض الحوار، بل يطالب بضمانات واضحة.
علاوة على ذلك، زاد مؤشر الوعي من خلال ارتفاع نسبة التحليلات السياسية في التعليقات إلى 40%، ما يؤكد تطور الخطاب الشعبي الرقمي من الانفعال إلى الفهم التحليلي.
ما يسلط عليه الضوء وفق الخبراء، أن هذه اللحظات السياسية تعد حاسمة بالنسبة لسوريا؛ لذلك وبعد رصد الدولة للتفاعل الجماهيري مع الحدث السياسي وجولة المفاوضات، ينبغي على مؤسسات الدولة السورية إطلاق حملات توعوية تشرح بلغة مبسطة مفهوم “الاندماج” و”اللامركزية الإدارية” ضمن إطار الدولة.
وليس ذلك فحسب، بل عليها إنتاج محتوى رقمي من داخل المناطق الشرقية يظهر روح الشراكة لا الصراع، واعتماد نبرة إعلامية مطمئنة تركز على وحدة الشعب لا على تخوف الفئات. فضلا عن البدء بتشكيل لجان تواصل مجتمعية في الحسكة ودير الزور والرقة، لضمان إشراك المجتمع المحلي في أي صيغة إدارية مقبلة، والتأكيد على أن كل سلاح على الأرض سيكون بإمرة الدولة، مع فتح مسار تدريبي وإداري لدمج العناصر ضمن المؤسسة العسكرية.

التفاعل الرقمي إلى حاضنة سياسية للمفاوضات

تُعد هذه الجولة من المفاوضات اختبارًا سياسيًا واجتماعيًا لمدى قدرة سوريا على تجاوز إرث الحرب والانقسام، وبناء دولة موحدة تستوعب تنوعها الداخلي دون تفريط في سيادتها.

المزاج الرقمي العام في سوريا يميل إلى التفاؤل الحذر، ويرى في الحوار وسيلة لبناء الثقة الوطنية لا تهديداً لها. والفرصة اليوم مواتية لتحويل هذا التفاعل الشعبي إلى حاضنة دعم للمسار السياسي، عبر خطاب وطني جامع يُعيد تعريف العلاقة بين المركز والأطراف، على أساس الشراكة في المواطنة والولاء للدولة السورية الواحدة.
من المرجح أن تُعقد جولة مفاوضات جديدة بين دمشق و”قسد” هذا الأسبوع، عقب عودة الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني من واشنطن، بحسب ما نقلت قناة “العربية” السعودية عن مصدرين، الأول حكومي سوري والآخر مقرب من “قسد”.
وأوضح المصدران، أن الجانبين سيجتمعان في العاصمة دمشق لتنفيذ بنود اتفاق العاشر من مارس/آذار، وعن إمكانية نجاح اللقاء بين دمشق و”قسد”، يقول المحلل السياسي والاستراتيجي، درويش خليفة، في لقاء مع صحيفة “الثورة”، أن انضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب وملاحقة عناصر تنظيم “داعش”، يشكل فرصة كبيرة لكسر حاجز الثقة بين السلطات السورية في دمشق مع “قسد”، فالطرفان أصبحوا شركاء في هذه المعركة، الأول عضوا في التحالف وستخضع قواته للتدريبات المشتركة ويتم تزويدهم بالأسلحة والمعدات والأدوات اللازمة، والآخر شريك ميداني لديه قوات مدربة للتعامل مع “داعش”.
ويؤكد درويش، أنه ومن هنا يمكن تطوير العلاقة وتوطيدها والعودة مجدداً إلى اتفاق العاشر من مارس/آذار الماضي. ولا يمكن إغفال الدور الأميركي الراعي لهذا التقارب الذي يشكل حجر أساس الاستقرار في سوريا والذي تنشده واشنطن وتردده عبر قادتها في “البيت الأبيض” والخارجية و”الكونغرس”.
وبناء على ما سبق، يمكن القول أننا أمام فرصة كبيرة لتحقيق الاندماج وتثبيته في الدستور الجديد مع مراعاة حق المواطنة لجميع السوريين وبكافة أطيافهم. ويضيف خليفة: باعتقادي اللامركزية الإدارية لم تعد عائقا أمام التقدم نحو الوفاق الوطني وكذلك شكل العلاقة بين المركز (دمشق) وباقي المناطق السورية، لا سيما ونحن نتجه كدولة جديدة إلى الاصطفاف خلف المحور الغربي الذي يراعي حقوق ومصالح المجتمعات.
والأهم من كل ما تم ذكره آنفاً، هو تضييق المسافات والفجوات وحصر خطاب الكراهية بين السوريين كافة، للتقدم في عملية المصالحة والوفاق الوطني، على أساس سياسي قانوني واجتماعي.
وينص اتفاق 10 مارس/آذار على 8 بنود أبرزها: “دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في منطقة شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية”، والاعتراف بالمجتمع الكُردي كجزء أصيل في الدولة السورية، وضمان حقوقه الدستورية والمواطنة الكاملة، علاوة على بنود أخرى تتعلق برفض دعوات التقسيم ووقف إطلاق النار.
وتُعد هذه الجولة من المفاوضات اختبارًا سياسيًا واجتماعيًا لمدى قدرة سوريا على تجاوز إرث الحرب والانقسام، وبناء دولة موحدة تستوعب تنوعها الداخلي دون تفريط في سيادتها. المزاج الرقمي العام يميل إلى التفاؤل الحذر، ويرى في الحوار وسيلة لبناء الثقة الوطنية لا تهديدًا لها. والفرصة اليوم مواتية لتحويل هذا التفاعل الشعبي إلى حاضنة دعم للمسار السياسي عبر خطاب وطني جامع يعيد تعريف العلاقة بين المركز والأطراف، على أساس الشراكة في المواطنة والولاء للدولة السورية الواحدة.

آخر الأخبار
المرأة السورية.. بين الحاجة والطموح عمل الفتيات في المحلات التجارية.. بين تحسين وضع معيشي وإثبات وجود مسؤولون سابقون من النظام المخلوع على قائمة الاتهام في النمسا ريف إدلب يتنفس الأمل.. افتتاح المدارس يُعيد الحياة إلى المجتمع مصفاة حمص الجديدة ترسم ملامح تحول قطاع الطاقة في سوريا "دواجن طرطوس".. إنتاج متجدد نحو الاكتفاء الذاتي الخبرة تتفوق على الشهادة في سوق العمل تغير المناخ يهدد قمح سوريا.. هل تنقذ الزراعة المستدامة محصول الغاب؟ الشيباني يرفع العلم السوري في السفارة بـ لندن خلال زيارته للمملكة المتحدة باراك يكشف تفاصيل دقيقة عن اجتماع الرئيسين الشرع وترامب الرأي العام السوري يدخل رقمياً على خط المفاوضات مع "قسد"... 65 بالمئة يرحب بالحوار تحت سقف السيادة و... اقتصاد البقاء.. هكذا يعيد السوريون بناء حياتهم بوسائلهم الخاصة البطالة المقنّعة.. وجه خفيٌّ للفساد الإداري وتشويه للمؤشرات الاقتصادية تحديات تعترض طريق المنتجات السورية إلى الأسواق الخارجية الإسمنت السوري بين التحدي والفرص.. من تلبية الطلب إلى رافعة للتنمية بعد فتح واشنطن أبوابها.. لماذا على دمشق تفعيل القوة الناعمة؟ تعاون أردني – سوري يرسم ملامح شراكة اقتصادية جديدة تسجيل إصابات التهاب الكبد في بعض مدارس ريف درعا بدر عبد العاطي: مصر تدعم وحدة سوريا واستعادة دورها في الأمة العربية لبنان وسوريا تبحثان قضايا استثمارية خلال المنتدى "العربي للمالية"