الثورة – عبد الحميد غانم:
يقف قطاع الإسمنت السوري على مفترق طرق حاسم في ظل تحديات إعادة الإعمار وبناء اقتصاد صناعي متكامل، وسط دعوات إلى تحويل القطاع من مجرد مستجيب للطلب إلى محرك صناعي متكامل يعتمد على الابتكار والتكامل والاستدامة.
وتُبرز الرؤية التي تقدمها الخبيرة الهندسية الاستشارية نبيلة علي، الحاجة إلى إعادة هندسة قطاع الإسمنت لتحويله من مادة استهلاكية إلى رافعة حقيقية لإعادة الإعمار وتنمية الاقتصاد الوطني.
ووفق الرؤية التي تطرحها علي، فإن مستقبل القطاع لن يُبنى على مجرد زيادة الإنتاج، بل على تبني خطة استراتيجية شاملة تخرج من إطار “تلبية الطلب المتزايد” إلى “خطة متكاملة للتطوير المستدام”، مؤكدة أن هذه الرؤية، رغم التحديات، واقعية وقابلة للتحقيق في حال اتباع خطوات عملية واضحة.
وترى علي أن ركائز التحول الاستراتيجي تقوم على أربع نقاط رئيسية:

من الطلب إلى التنمية:
تؤكد علي ضرورة تغيير النموذج الفكري لإدارة قطاع الإسمنت، والانتقال من الاستجابة السلبية لمتطلبات السوق إلى تبني استراتيجية تنموية متكاملة تهدف إلى بناء قدرات تصنيعية متقدمة، تجعل من القطاع ركيزة صناعية لا مجرد مورد إنتاجي.
التكامل مفتاح الكفاءة:
تشير علي إلى أن التكامل الرأسي، عبر تطوير سلسلة قيمة تبدأ من المقالع وتنتهي بمصانع الإسمنت، يساهم في تحسين إدارة الموارد الطبيعية وخفض التكاليف وتحقيق الاستدامة البيئية.
أما التكامل الأفقي، فيقوم على التعاون مع قطاعات مواد البناء الأخرى كالحديد والمواد المضافة، لتشكيل منظومة متكاملة تقدم حلولاً شاملة لمشاريع الإنشاء، وتعزز كفاءة السوق ككل.
محرك إعادة الإعمار:
أوضحت علي أن القطاع قادر على أن يكون رافعة حقيقية للنهضة الاقتصادية من خلال الاستثمار في مصانع حديثة تعتمد على التكنولوجيا النظيفة والذكاء الاصطناعي، ودعم مراكز البحث والتطوير لإنتاج مواد عالية الجودة تقلّل الاعتماد على الاستيراد وتحقق الاكتفاء الذاتي الصناعي.
الاستدامة البيئية التزام وفرصة:
في إشارة إلى التزام سوريا بـ”اتفاقية باريس”، تدعو المهندسة علي إلى تبني ممارسات صناعية مستدامة، من خلال استخدام بدائل الطاقة، وإعادة تدوير النفايات الصناعية، وتطوير مشاريع “الإسمنت الأخضر” لخفض البصمة الكربونية في عمليات البناء.
خريطة طريق للتنفيذ
وضعت الخبيرة الهندسية خطة تنفيذية لعملية تطوير قطاع الإسمنت تشمل خمسة محاور رئيسة:
– برنامج زمني لإعادة التأهيل: تحديث المصانع القائمة وتطوير قدراتها التكنولوجية، مع إنشاء قاعدة بيانات وطنية شاملة للقطاع.
– مراكز بحث وتطوير: إقامة مراكز متخصصة لتعزيز الابتكار في مجالات مواد البناء والتقنيات الحديثة.
– شراكات دولية: إرساء تعاون مع شركات ودول رائدة في صناعة الإسمنت لنقل الخبرات والتكنولوجيا.
– خطة استثمارية طويلة الأمد: استثمار مدروس في الموارد الطبيعية والبنية التحتية الداعمة للقطاع.
– تحفيز القطاع الخاص: توفير حوافز وتشريعات مرنة لجذب الاستثمارات الخاصة نحو التطوير والابتكار.
