الثورة – رفاه الدروبي:
جاء الشاعر والصحفي والمترجم اسكندر حبش، من بلد الأرز يحمل زوَّادة كتبه، الصادرة له عن دار دلمون، بما تحتويها من ترجمات في الشعر والرواية، أبرزها رواية الكاتبين: الأفغاني عتيق رحيمي، والبرتغالي فرناندو بيسوا ليوقِّعها للقراء في دمشق الفيحاء بصالة ألف نون.
يرسم بالكلمات
الكاتب حبش شبَّه كتاباته بالرسم بالكلمات فيها شيء من معاني التفاؤل؛ فالآلام وما يحدث من حروب لا يمكن أن تستمر في العالم بالشكل الموجود الآن ولابدَّ للحق أن يعلو، لافتاً بأنَّ لديه إحساساً بانتهاء الظلام عاجلاً أم أجلاً فكل الحروب عاصرها وغيَّرت فيه، إذ توجَّه للبحث عن الإنسان المفقود في داخله والآخر كون التخلِّي عن إنسانيتنا تكمن فيها الصعوبة الكبرى.
وأشار الشاعر حبش إلى كيفية أن يحافظ أيُّ شخص على إنسانيته في الحروب الصعبة، وأن ينجو من الكوارث، والهدف منها تدمير الحضارات في كلا البلدين سورية ولبنان، إنَّها حضارة بلاد الشام وتدميرها من قبل عدو واحد يهدف إلى التوجُّه للمخزون الثقافي في سبيل إعادة شيء لا يشبهنا في الاتجاهات كافةً.
كما يرى الكاتب اسكندر بأنَّ واجب الشخص أن يشير إلى الخطأ وألَّا ينأى بنفسه جانباً ويمكث في برجٍ عاجيٍّ، مُنوِّهاً بأنَّه قضى في أروقة العمل الصحفي ثلاثين عاماً كانت نتيجتها إصدار كتاب “حوارات” يروي فيه كيفيَّة طرح الأسئلة بين الإعلامي وضيفه.
حوت ترجمة
بدوره الأديب حسن حميد أكَّد ضرورة الغوص في تجربته باعتباره صحفياً من المستوى العالي وكتب في جريدة السفير وغيرها، تابعناه وتعلَّمنا منه، واعتبره حوتاً في الترجمة فقدَّم نصوصاً تخيَّر فيها أسماء ليست عبارة عن نقل كلمات أو إصدار ما ورد في لغة صعبة إلى العربية إطلاقاً؛ وإنَّما عين نبيه نابهة نفوذ وذات حساسيَّة خاصة وما ترجمه عن الكاتب البرتغالي فرناندو بيسوا يثبت أنَّه حوتٌ حقيقيٌّ وعينُ شوِّيفة قدَّمت لنا كتابات على غاية من الأهمية، ثمَّ قارن بينه وبين أصحاب تجارب أوروبية كتلستوي ودوستوفسكي فكان الإسكندر في التنوّع ذاته. قدَّم نفسه كمترجم عارف وحاذق في الترجمة بحيث تغلَّب على ما يُسمَّى نرجسيَّة الشاعر والصحفي كي يعطي للآخرين كرماً ثقافياً غير عادي ليقول لهم: خذوا الكتاب بعينه لأنَّني تخيَّرته، وتحتاج عملية التميُّز في الترجمة إلى ثقافة ومعرفة كبيرة وواسعة.
ثم بيَّن الكاتب حميد أنَّ مجموعة حوارات تنبع أهميَّتها بما يفيد الصحفي كي يمتلك كميَّة من المعرفة عن شخص يودُّ الحوار معه أو استنباط الإجابات، وعين صحفيَّة يمكن أن تقدِّم أشياء جديدة كانت متوارية في مكانٍ ما لم يتطرَّق إليها السائل من قبل من أجل استبطان أو أخذ الزوَّادة المعرفيَّة لدى الشاعر، مُؤكِّداً أنَّ أهميتها تنبع من الاكتشاف للآخر وكيفية أن يرى الشعر، الرواية، الفن التشكيلي، السينما، المسرح فاشتغل عليها في الحوارات لتكون عالماً آخر من أجل تشكيل اسكندر حبش آخر وليست من أجل الاكتشاف فقط؛ وإنَّما لطرح أسئلة تأتي بثقافات وانتباهات مختلفة للآخرين ومحاورة الآخر فيها خطورة ومغامرة غير عادية، فكثير من الحوارات تفشل لأنَّ المحاور لم يكن سؤاله حقيقياً؛ بل سؤال كتبه غيره، بالمقابل لنجاح الحوار يكون المحاور حاملاً سؤالاً على درجة مهمة من الثقافة والحضور وإنَّ تجربته في كلِّ ما كتبه واشتغل عليه من الكتب المنتجة للآخر.. إنَّه اسكندر حبش المثقف والمبدع.