الثورة – عبير محمد:
النرجسية هي صفة بشرية تتطور لتصبح اضطرابات في الشخصية التي يتبع فيها الشخص نمط حياة أنانياً، يضع فيها احتياجات الذات فوق احتياجات الآخرين ويتوق إلى اهتمام وإعجاب الآخرين به.
تعود تسمية النرجسية بهذا الاسم استناداً للأسطورة اليونانية نرسيسوس أو نرجس (بالإنجليزية: Narcissus) الذي وقع في حب انعكاس صورته وتم اعتباره نوعاً من أنواع اضطرابات الشخصية وأطلق عليه اضطراب الشخصية النرجسية.
يتسم الشخص النرجسي بسلوكياته المتمحورة حول التفكير بالذات، والغطرسة، وعدم التعاطف مع الآخرين، والحاجة إلى الحصول على الإعجاب والاهتمام بصفة مستمرة، ومن خصائص النرجسية حب الذات، والتكبر، والأنانية، والتلاعب، وكذلك التركيز على المظاهر الخارجية، والجمال، والتألق، مع العيش في أوهام النجاح، والقناعة بأنهم يستحقون معاملة خاصة، ولا يتقبلون النقد أو الهزيمة.
أنواعها
تتضمن أنواع الشخصية النرجسية عند المرأة والرجل بعدة أشكال منها: النرجسية العلنية أو الصريحة: يركز الشخص النرجسي في هذا النوع على المكانة، والثروة، والقوة، ويعتقد بأنه يستحق معاملة خاصة عن الآخرين، كما أنه حساس تجاه النقد.
النرجسية الخفية: هي أقل وضوحاً من العلنية، وفيها يشعر الشخص بأهمية ذاته ويتوق إلى إعجاب الآخرين به، وقد تظهر عليه سلوكيات لوم الآخرين، أو التشهير، أو التلاعب للحصول على ما يريد.
النرجسية المعادية: يولي هؤلاء الأشخاص اهتمامهم للظهور في القمة دائماً، وقد يستغلون الأشخاص للوصول إلى أهدافهم، بل عادة ما يقللون من شأن الآخرين.
النرجسية الطائفية: يتسم النرجسي في هذا النوع بسمات التضحية من أجل الآخرين، ولكن بدافع الظهور ونيل الإعجاب فقط، وليس لمساعدة الآخرين، فقد يتصدر هؤلاء الأشخاص القضايا الاجتماعية كقادة حركة أو فكرة ما، ويرون أنفسهم أناساً متعاطفين ويهمهم أمر الآخرين.
النرجسية الخبيثة: هي أكثر الأنواع خطورة، فبالإضافة إلى الصفات العامة للنرجسي يعاني الشخص في هذه الحالة من سمات مرتبطة باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، مثل جنون الارتياب، وافتقار التعاطف، وسمات السادية.
حول ما تقدم أفادتنا الاستشارية الأسرية والنفسية وماجستير في علم النفس هبة عرنوس، عن ماهية الطرق التربوية التي تحد من عدوانية الشخص النرجسي فتحدثت:
النرجسية عند الأطفال موضوع معقد ويتطلب تقييماً دقيقاً للسلوكيات والدوافع الكامنة في البداية، ومن المهم التميز بين الثقة بالنفس والشعور بالاستحقاق دون أساس، وهو ما يمكن أن يعتبر شكلا من أشكال النرجسية.
النرجسية في سياق التطور النفسي للطفل قد تظهر على أنها نزعة للتعالي على الآخرين، الحاجة المستمرة للإعجاب، وعدم القدرة على التعاطف مع الآخرين.
أما عن دور الأم والتربية في تنشئة مثل هذا الطفل بينت أن التعاطف مع الأمهات له دور حيوي في تعليم أطفالهن كيفية التعاطف مع الآخرين، يتم ذلك من خلال المثال والممارسة، حيث يشجع الأطفال على التفكير في مشاعر الآخرين والاستجابة لها بشكل مناسب.
كما أن تعزيز الاعتماد على الذات: مهم للغاية بحيث يتعلم الأطفال كيفية حل المشكلات بأنفسهم وأن يروا قيمة في جهودهم الخاصة بدلاً من الاعتماد فقط على الثناء من الآخرين.
وضع حدود واضحة: من المهم أن تكون الأمهات واضحات في توقعاتهن، وأن يثبتن حدوداً ثابتة تعلم الأطفال الاحترام وتقدير حقوق ومشاعر الآخرين.
الإشادة الواقعية: تجنب المبالغة في الثناء وركز على التقدير الواقعي للجهود والإنجازات، هذا يساعد على تطوير مفهوم صحي عن الذات يقوم على القيم الحقيقية بدلاً من مجرد الرغبة في الحصول على الإعجاب.
تعليم القيم: تشجيع الأطفال على القيم مثل الكرم والشكر والمسؤولية، ويساعد هذا في تطوير روح الفريق وفهم أن العالم لا يدور حولهم وحدهم.
أما عن الطرق التربوية الحديثة للتعامل مع النرجسية هو: التدريب على المهارات الاجتماعية عبر الأنشطة الجماعية والألعاب التي تتطلب التعاون والمشاركة.
تعزيز الذكاء العا طفي:من خلال الحوار واللعب التمثيلي، حيث يمكن للأطفال تجربة وفهم مشاعر مختلفة.إعداد النماذج: البالغين والأمهات يجب أن يكونوا نماذج يحتذى بها في السلوك، ويظهرون التعاطف والتواضع في تعاملاتهم.
وأخيراً: معالجة النرجسية عند الأطفال تتطلب جهداً مشتركاً من الوالدين والمربين لتوجيه الطفل نحو سلوكيات أكثر صحة وتوازناً من خلال التركيز على تعزيز التعاطف، الاستقلالية، وتقدير الذات القائم على القيم الحقيقية، يمكننا مساعدة الأطفال على تطوير علاقات أكثر صحة وتوازنا مع أنفسهم ومع الآخرين.