“المساعدة الذاتيّة” لتحقيق صحّة نفسية أفضل

الثورة – عمار النعمة:

ضمن إطار تعزيز الدور الثقافي في التنمية الاجتماعية السوريّة، قدَّمت الدكتورة ربا ياسين المتخصصة في علم النفس، وعضو الهيئة التدريسية في جامعة القلمون الخاصة، ضمن النشاط الجامعي الثقافي والعلمي، محاضرة علمية بعنوان: “المساعدة الذاتية لتحقيق الصحة النفسية”.
انطلقت المحاضرة من أهمّية نشر الوعي الصحّي، وتعزيز الثقافات النفسية لدى الأجيال الجديدة من الشباب السوريين القادرين على امتلاك السبل المعرفية لدعم أنفسهم، والإسهام في تقديم الدعم النفسي الفعّال لبناء فضائهم الشخصيّ الاجتماعيّ، منطلقةً من تعريف منظمة الصحة العالمية لمفهوم الصحة النفسية ومفهوم الاضطراب النفسي، لافتةً إلى فوائد المساعدة الذاتية، وأهمّية العلاج المعرفي السلوكي CBT وأدواته وسيلة واقعية ومنظمة لتحقيق نفسية سويّة.

استراتيجيات خاطئة

بدأت الدكتورة ياسين محاضرتها بمقولة شهيرة في علم النفس: “إذا كنتَ في حفرة، توقّف عن الحفر!”، للدلالة على أنّ مشكلاتِنا تتعمَّق بسبب استخدامنا لاستراتيجيّات خاطئة في التعامل مع المشكلة، فاستخدام المجرفة للخروج من حفرة سيعمق الحفرة أكثر، وينهكنا في محاولات غير مجدية، وبذلك تكون الخطوة الأولى لحلّ المشكلات اليوميّة والضاغطة هي وضع المجرفة جانباً للتوقّف عن الاستراتيجيات المؤدِّية إلى هزيمة الذات، والعمل تدريجياً على إيجاد طرق أكثر إنتاجيّة للتغلب على المشكلات الانفعاليّة، فالشخص الذي يعاني من القلق مثلاً، قد يستخدم الطعام “كمجرفة” للهروب، فيزداد وزنه وقلقه! والشخص الذي يعاني من الكآبة قد يستخدم النوم “كمجرفة” للهرب، فيزداد انعزاله وكآبته!
بعد ذلك قدمت تعريفاً لمفهوم الصحة النفسية، التي تعرّفها منظمة الصحّة العالميّة أنّها حالة من العافية يستطيع الفرد فيها تكريس قدراته الخاصة، والتكيّف مع حالات التوتّر العادية، والعمل بجدّ منتج ومفيد، والإسهام في نشاطات مجتمعه المتنوّعة، كما عرّفتِ المساعدة الذاتية أنّها ممارسات يقوم بها الفرد لتحسين صحّته النفسيّة من دون تدخّل من غيره، أو الاعتماد الكليّ على متخصِّص.. وعدّدت مجموعة من فوائدَ المساعدة الذاتية، مثل قلّة تكاليف العلاج الذاتيّ مقارنة بالعلاج التقليدي، وتعزيز الاستقلاليّة والتمكين الذاتيّ، والحفاظ على الخصوصيّة وتجنّب الوصمة.
كما عرضت إحصائيّات تبيّن أهميّة اللجوء إلى المساعدة الذاتيّة من وجهات نظر الأفراد والدول على حد سواء، إذْ يعاني واحد من كل أربعةِ أشخاص في العالم من اضطرابٍ نفسيٍّ في مرحلة ما من حياته، حسبما ورد في تقرير منظَّمة الصحّة العالمية .(WHO, 2022) كذلك يتسبّب الاكتئاب والقلق في خسارات الاقتصاد العالمي تريليون دولار سنوياً بسبب انخفاض الإنتاجية. (WHO, 2023).
ثمّ عرضت المحاضرة مجموعة من تقنيات المساعدة الذاتية المستندة إلى العلاج المعرفي السلوكي، مثل تقنية تدوين الأفكار السلبيّة، التي تهدف إلى الوعي بالأفكار التلقائية السلبيّة التي تظهر آلِيّاً- “أوتوماتيكياً” عندما ننفعل، وتحليلها، كي تستبدل بها أفكاراً أكثر واقعية.

تمارين

ونفّذ معظم الحاضرين بناء على دعوة الدكتورة ياسين، اثنين من تمارين الاسترخاء، مثل تمرين التنفس العميق الذي يهدف إلى تحقيق الهدوء الفوريّ، بخطوات بسيطة، هي شهيق عبر الأنف لأربع ثوانٍ، وحبس النفس لسبع ثوانٍ، ثم زفير عبر الفم في ثماني ثوانٍ.. وتمرين استرخاء التدريج العضليّ، الذي يعدّ تمريناً مساعداً على استرخاء الجسم، حين يمكن اختيار مجموعة عضلية من الجسم مثل عضلات الكتفين أو الذراعين أو غيرها، وشبكها بقوة لمدة خمس ثوانٍ، ثم إطلاقها فجأة للشعور بالفرق الكبير بين التوتر وإرخاء العضلات.
عرضت المحاضرة أيضاً تمريناً مهمّاً في صياغة الأهداف الذكية، فالهدف “أريد أن أكون أقل قلقاً”، غير واضح، ويصبح الهدف ذكيّاً بتحويل الرغبات العامة إلى خطوات قابلة للقياس، وكمثال على ذلك يمكننا تحويل الهدف السابق إلى هدف ذكي بجعله: محدّداً: (ممارسة تمرين التنفس مرّتين يومياً) قابلاً للقياس (لمدة 5 دقائق كل مرة)، ممكن التحقيق (سأضبط منبهاً لتذكيري)، واقعياً (لدي وقت فراغ بعد الفطور، وقبل النوم) ومحدداً زمنيّاً (لمدة أسبوع، ثم أقيّم النتائج)، وهذا ما يجعل الهدف أكثر وضوحاً، مما يساعد الفرد على الالتزام بأهدافه وتحقيقها وفق معايير جيدة من دون تخبّط.
ومن أهم التمرينات التي عرضتها المحاضرة أيضاً تمرين تحديد الميزات والعيوب، الذي يساعد على اتخاذ القرارات البسيطة والمهمة بإبراز عيوبها وميزاتها، وحساب وزن كل منها للتوصل إلى قرار سديد بشأنها. وختمت التمرينات بتمرين عجلة الحياة، الذي يساعد الفرد على إعادة النظر في محاور حياته الرئيسة لتقييمها، ومعرفة أي مسارات حياته بحاجة إلى اهتمام أكبر، وأيها عليه التعامل معها بتوازن حتى لا تطغى على المسارات الأخرى.

خُتمت المحاضرة بكلمة أخيرة: “أكبر خطوة نحو الصحة النفسية هي أن تبدأ… وأنت بدأتَ الآن بالفعل!”.
تفاعل الحاضرون من أعضاء الهيئة الإدارية والتدريسية لجامعة القلمون، وطلبة كليّاتها المختلفة، مع المكوّنات المعرفية للمحاضرة، بتقديم الأسئلة والمداخلات والمناقشات، في حوارات شكّلتْ قيماً مضافة إلى تلك المكوّنات، وجعلتها أكثر فائدة ومتعة.

آخر الأخبار
محافظ حلب : دعم القطاع التجاري والصناعي يشكل  الأساس في عملية التعافي د. الرداوي لـ "الثورة": المشاريع الكبرى أساس التنمية، والصغيرة مكمّلة مبادرة "تعافي حمص"  في المستشفى الجامعي اندلاع أكثر من عشرة حرائق في اللاذقية وإخماد ثلاثة منها حريق يستعر في حي "دف الصخر" بجرمانا وسيارة الإطفاء بلا وقود تسريع إنجاز خزان المصطبة لمعالجة نقص المياه في صحنايا صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص معالجة التعديات على عقارات المهجرين.. حلب تُفعّل لجنة "الغصب البيّن" لجنة فنية تكشف على مستودعات بترول حماة الشمس اليوم ولاحقاً الرياح.. الطاقات المستدامة والنظيفة في دائرة الاستثمار صياغة جديدة لقانون جديد للخدمة المدنية ..  خطوة مهمة  لإصلاح وظيفي جذري أكثر شفافية "الشباب السوري ومستقبل العمل".. حوار تفاعلي في جامعة اللاذقية مناقشات الجهاز المركزي مع البنك الدولي.. اعتماد أدوات التدقيق الرقمي وتقييم SAI-PMF هكذا تُدار الامتحانات.. تصحيح موحّد.. وعدالة مضمونة حلاق لـ "الثورة": سلالم التصحيح ضمانة للعدالة التعليمية وجودة التقييم "أطباء بلا حدود" تبحث الواقع الصحي في درعا نهضة جديدة..إقبال على مقاسم صناعية بالشيخ نجار وزير الخارجية اللبناني: رفع العقوبات عن سوريا يساعدها بتسريع الإعمار ترميم قلعة حلب وحفظ تاريخها العريق