الثورة – غصون سليمان:
رسمت ملامح الحياة بتفاصيل هادئة رغم ضجيج الأمكنة خارج الحدود، صممت أسطورة الوجع النازف من شرايين الجغرافية التي أتعبتها فوضى الحرب وشظايا القهر المتطاير فوق الرؤوس.. فكرت بالغد لأن الحاضر في داخلها والمستقبل لابد آت على ضفاف الحياة والذكريات .
رولا العجة حموي سيدة سورية عكست إنسانيتها في تفاصيل الغربة، وإن كانت دياراً عربية لتترك أثراً طيباً لا تمحوه الأيام العصيبة، فكانت السند لكل من اتكأ الزحمة، الخوف.
فعلى مدار العقد الماضي، عملت العجة على تأسيس منظمة أسمتها “بريق” لتكون منارة أمل مستمرة للأطفال والعائلات النازحة، منذ تأسيسها عام 2015 في الأردن، وأحدثت المنظمة تغييراً ملموساً في حياة الآلاف من خلال التعليم، والتنمية الاجتماعية، والجهود الإنسانية.
العجة أو ضحت في لقاء لصحيفة الثورة أن من أولويات “بريق” هي تنمية الإنسان من خلال برامجها المبتكرة، حيث تدرك أن التعليم هو المفتاح لإطلاق الإمكانيات.
ومن خلال برامج تعليمية تعويضية عالية الجودة وتدريب المعلمين، تسد المنظمة الفجوة المعرفية وتغرس ثقافة التعلم الدائم والرعاية.
وذكرت في هذا السياق كيف تعرضت العائلات السورية المهجرة من سوريا إلى الأردن خلال سنوات الحرب الماضية وحالة التنمر التي حاول البعض ممارستها على أبناء البلد، ولاسيما الشرائح المتعلمة عندما يحاولون ممارسة أي عمل أو أي وظيفة تناسب دراستهم واختصاصاتهم، ولاسيما النساء في مجالات العمل الأردنية، إلا أن منظمة بريق استطاعت أن تداوي هذا الجرح وهذا الوجع بكل كبرياء الإنسان السوري الغيور على بلده وأبناء مجتمعه عبر استقطاب الكثير من هؤلاء الذكور والإناث من أساتذة وخريجي جامعات وغيرهم، ليكونوا جزءاً فاعلاً ومنفعلاً مع أهداف وطموحات منظمة بريق الاجتماعية والتربوية والتعليمية.
دعم الأطفال المحرومين
وأوضحت العجة أنه بين عامي 2015 و2024، قُدمت 797,640 ساعة تعليمية، مع زيادة مضطردة كل عام، وساهم افتتاح مراكز جديدة مختلفة عام 2022، وفي إدلب عام 2024، بتوسيع نطاق التعليم، ما أدى إلى زيادة بنسبة 182 بالمئة في عدد ساعات التعليم بين عامي 2022 و2024 فقط، وقد بلغ مجموع ساعات التعليم المقدمة للشباب 43,200 ساعة، بمعدل 14,400 ساعة سنوياً خلال نفس الفترة.
في حين نمت أعداد الأطفال المسجلين في البرامج التعليمية بشكل ملحوظ، من 200 طفل عام 2016 إلى 1,266 طفلاً في عام 2024، ما يمثل زيادة بنسبة 533 بالمئة، وبإجمالي 5,400 طفل حتى الآن، نجحت المنظمة في تزويد الأطفال المحرومين بالأدوات التي يحتاجونها لبناء مستقبل أفضل.
دعم الطلبة
وحول البرامج التعليمية الأساسية، قدمت بريق منحاً جامعية للطلبة المتفوقين، ودعمت الطلاب الجامعيين من خلال 3,168 دورة تدريبية منذ عام 2017، ما أتاح لهم متابعة تعليمهم العالي رغم تحديات النزوح.
وخلال عشر سنوات من الدعم للأطفال والعائلات المستضعفة، توضح العجة كيف تجاوز تأثير بريق حدود التعليم، إذ أطلقت المنظمة مبادرات لرعاية الأيتام، وبرامج دمج للأطفال ذوي الإعاقة، وأنشطة ترفيهية للأطفال.
كما نظمت حملات إغاثية لتقديم المساعدات الحيوية في أوقات الأزمات، ما ساعد المجتمعات على التعافي وإعادة البناء.
وتابعت بالقول، منذ عام 2015، قدمت بريق الدعم لـ55 يتيماً سنوياً، موفرة لهم التعليم والغذاء والمأوى والدعم النفسي، وقد بلغ إجمالي أيام الرعاية المقدمة لهؤلاء الأطفال 180,675 يوماً، مما ساعدهم على استعادة الشعور بالاستقرار رغم فقدانهم الكبير.
كذلك قدمت “بريق” دعماً غذائياً للعائلات المحتاجة، إذ وزعت 18 ألف وجبة على مدار السنوات، مما خفف من حدة انعدام الأمن الغذائي وساهم بتحسين تركيز العائلات على صحتها وتعليم أطفالها.
التأثير في حياة الناس
لم تقتصر مساهمات “بريق” على الدعم التعليمي والمادي فقط، بل امتدت لتشمل الأثر الإنساني الأعمق، وبفضل جهودها المستمرة على مدى العقد الماضي، أثرت برامج المنظمة مباشرة في حياة أكثر من 1 ألف شخص، من أطفال وعائلات استفادوا من التعليم والغذاء والتدفئة ورعاية الأيتام.
ونمت هذه الأرقام من 320 مستفيداً في عام 2015 إلى 3,582 في عام 2024، أي بزيادة إجمالية قدرها 1,021 بالمئة، ما يعكس النمو اللافت في نطاق وتأثير المنظمة.
كل رقم من هذه الأرقام يُجسد قصة إنسانية لأمل جديد وطريق إلى الأمام، فقد أصبحت بريق منارة للتغيير الإيجابي- حسب تعبير العجة، وملاذاً آمناً مزدهراً للمجتمع، ما يثبت أن الأفعال الصغيرة قادرة على تحقيق تأثير كبير وإيجابي في حياة الناس.. فخلال السنوات العشر الماضية، تركت المنظمة بصمة عميقة ومؤثرة في حياة العائلات المحتاجة.
فمن خلال برامجها التعليمية الواسعة، وجهودها الإغاثية المتواصلة، ومشاريعها الاجتماعية الشاملة، ساهمت “بريق” في تقديم الإغاثة وبناء مستقبل أكثر إشراقاً لآلاف الأفراد، فهي مستعدة لمواصلة هذا العمل الحيوي لسنوات قادمة، لتصل إلى مزيد من الأرواح والمجتمعات عبر الجمع بين التعليم والتعاطف والتكافل الاجتماعي، لتنمية الإنسان خدمة لتنمية الإنسان.