الثورة – ناديا سعود:
في تحوّل لافت نحو تنظيم قطاع استيراد الأدوية في سوريا، كانت وزارة الصحة قد أعلنت عن تشكيل لجنة متخصصة بالأدوية المستوردة، إلى جانب هيئة تمثيلية لمستوردي الأدوية، في خطوة تعكس اتجاهاً نحو ترسيخ الحوكمة وتعزيز الشفافية في واحدة من أكثر الحلقات حساسية في المنظومة الصحية.
يأتي هذا التشكيل في سياق الحاجة الملحّة إلى ضبط عمليات الاستيراد من حيث الجودة والمصدر، وضمان انسيابية التوريد بعيداً عن مظاهر التهريب والتلاعب، ما يفتح الباب أمام شراكة مؤسسية بين القطاعين العام والخاص في رسم سياسات دوائية أكثر اتزاناً واستجابة لاحتياجات السوق.
ومن شأن هذه البُنى الجديدة أن تسهم في إعادة تنظيم السوق، وتوفير أرضية تشاركية لصناعة القرار، بما يخدم المصلحة العامة ويضع الأطر اللازمة لضمان الأمن الدوائي المستدام.
خطة رقابية
معاون وزير الصحة لشؤون الصيدلة الدكتور عبده محلي، في تصريح خاص لصحيفة الثورة، كشف عن جملة من التحديات التي تواجه قطاع استيراد الأدوية في سوريا، في مقدمتها العقوبات المفروضة على البنوك السورية، والتي تسببت في عرقلة كبيرة لحوالات القطع الأجنبي من وإلى البلاد، ما انعكس سلباً على عمليات استيراد الأدوية من الخارج.
وأوضح أن غياب التمثيل الرسمي للعديد من الشركات العالمية في السوق السورية، نتيجة الظروف التي مرت بها البلاد في ظل النظام المخلوع ، أدى أيضاً إلى تراجع توفر الأدوية المستوردة ذات الجودة العالية.
وأكد أن اللجنة الجديدة التي تم تشكيلها سيكون لها دور محوري في تطوير آليات الرقابة من خلال جمع التغذية الراجعة من مختلف المستودعات السورية والتواصل مع الوزارة بشكل مباشر، ما يساهم في كشف الأدوية المزورة وتفعيل الدور الرقابي.
وأشار معاون الوزير إلى أن وزارة الصحة تعمل حالياً على مراجعة القوانين الناظمة لاستيراد الأدوية، مبيناً أنه لن يكون هناك تغيير في القوانين أو الرسوم الخاصة بالاستيراد، بينما ستُجرى بعض التعديلات البسيطة على إجراءات استيراد المتممات الدوائية.
وفي سياق متصل، أعلن محلي عن خطة رقابية جديدة تهدف إلى ضبط الأدوية المهربة والمزورة وغير المرخصة، مشيراً إلى أن هذه الخطة تتألف من مرحلتين: قصيرة الأمد وطويلة الأمد.
وأكد أن الأتمتة ستلعب دوراً محورياً في هذا الإطار، حيث سيتم الاعتماد على تقنيات مثل الباركود والرموز الإلكترونية (QR Code) لتتبع الأدوية والتأكد من مشروعيتها.
رقابة حازمة
وفيما يتعلق بضبط جودة الأدوية المستوردة، أوضح محلي أن الوزارة لا تسمح بدخول أي دواء مستورد إلى البلاد إلا بعد استيفائه لعدة شروط صارمة، تشمل وجود شهادات تحليل أصلية، وشهادة بيع حر في بلد المنشأ، بالإضافة إلى شرط تداول الدواء في البلد المصدر لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات.
وأكد أن الوزارة تقوم بسحب عينات عشوائية من الأدوية بعد دخولها وتحليلها في مخابر الرقابة الدوائية، لضمان فعاليتها وسلامتها قبل طرحها في الأسواق.
وتحدث الدكتور محلي عن الجهود المبذولة لضبط الأدوية المهربة عبر المعابر الحدودية، سواء الرسمية أم غير الرسمية، لافتاً إلى زيارة قام بها مؤخراً إلى معبر باب السلامة، حيث جرى التنسيق مع إدارة المعبر لتعزيز الرقابة على دخول الأدوية. وأضاف أنه تم الاتفاق على نشر 80 ضابطاً جمركياً على الحدود بيننا وبين مناطق “قسد” لضمان منع دخول الأدوية المزورة، مشدداً على أن الأدوية التي يتم ضبطها تُسحب فوراً من الأسواق وتُتلف، مع اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتورطين في إدخالها.
هيئة مستوردي الأدوية
وحول تأسيس هيئة لمستوردي الأدوية السورية، أشار محلي إلى أن هذه الخطوة بالغة الأهمية، نظراً لحاجة القطاع إلى جسم تنظيمي يمثل أكثر من 60 مستورداً يتعاملون مع الأسواق الخارجية.
وأضاف أن الهيئة ستتعاون بشكل مباشر مع وزارة الصحة والجهات المعنية، وستكون مسجلة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، فيما سيتم انتخاب الأمين العام للهيئة من قبل أعضائها عبر آلية ديمقراطية.