الأطفال المختفون في سوريا… ملف عدالة مؤجل ومسؤولية دولية ثقيلة

الثورة – إيمان زرزور: 

 

كشف تحقيق صحيفة “نيويورك تايمز” الأخير حول مصير الأطفال المختفين في سوريا حجم الكارثة التي خلفها نظام الأسد البائد، إذ أظهرت الوثائق أن آلاف الأطفال تعرضوا للفصل القسري عن ذويهم ونُقلوا إلى دور أيتام تحت هويات مزيفة، فيما بقي مصير آخرين مجهولاً حتى اليوم.
هذه الجريمة الممنهجة تعكس سياسة عقابية مورست ضد عائلات المعتقلين السياسيين، وتركت جروحاً غائرة في المجتمع السوري لاتزال مفتوحة بعد سقوط النظام، ويؤكد خبراء حقوق الإنسان أن هذه القضية يجب أن تكون في صلب مسار العدالة الانتقالية في سوريا.
ويمثل الأطفال المختفون الحلقة الأضعف في سلسلة الانتهاكات، والحق في معرفة الحقيقة منصوص عليه في القانون الدولي الإنساني، وهو حق فردي وجماعي لا يسقط بالتقادم، كما أن إعادة هؤلاء الأطفال إلى أسرهم، أو على الأقل كشف مصيرهم، خطوة جوهرية لبناء الثقة بين الدولة والمجتمع، ولضمان عدم تكرار الانتهاكات مستقبلاً.
وفق الصحيفة، فإنه رغم تشكيل لجنة حكومية للتحقيق في الملف، إلا أن القدرات المحلية محدودة للغاية، خاصة فيما يتعلق بفحوص الحمض النووي اللازمة للتعرف على هوية الأطفال، وهنا يبرز دور المجتمع الدولي، عبر توفير خبراء الطب الشرعي والدعم التقني والمالي، لضمان تنفيذ عمليات دقيقة تعيد لهؤلاء الأطفال هوياتهم المسلوبة، ومن دون هذا الدعم، سيبقى الملف عالقاً بين بيروقراطية الدولة وعجز المنظمات.
لا يقتصر الضرر على الفقدان المادي للعائلات، بل يمتد إلى جرح نفسي عميق، فالأطفال الذين كبروا بهويات مزيفة يعانون من اضطرابات هوية وانعدام الثقة، بينما يعيش أهلوهم في انتظار مأسوي دائم، وهذا الخلل النفسي والاجتماعي قد يستمر لأجيال ما لم تُعالج القضية بجدية عبر برامج إعادة الدمج والدعم النفسي إلى جانب المساءلة القضائية.
تطرح القضية سؤالاً جوهرياً: كيف يمكن لمجتمع يسعى لإعادة بناء نفسه بعد الحرب أن يتجاهل مصير آلاف من أطفاله؟ إن التطبيع مع هذه الجريمة أو تركها بلا محاسبة يهدد بتكرارها مستقبلاً، ويعطي إشارة خطيرة بأن استخدام الأطفال كوسيلة عقاب سياسي أمر يمكن أن يمر بلا عقاب.
لحل هذا الملف، يقترح حقوقيون خطوات أساسية منها إنشاء قاعدة بيانات وطنية موحدة تضم أسماء الأطفال المفقودين وربطها بشكاوى العائلات، والتعاون مع فرق دولية مستقلة لتطبيق فحوص الحمض النووي على نطاق واسع، ومحاسبة المسؤولين المباشرين عن الانتهاكات، سواء من داخل سوريا أو عبر آليات قضائية دولية، إضافة لإعادة دمج الأطفال في أسرهم ومجتمعهم عبر برامج تأهيل ودعم نفسي، وتضمين القضية في المفاوضات السياسية بوصفها أولوية إنسانية غير قابلة للتأجيل.
وفي النهاية، يوضح التقرير أن ملف الأطفال المختفين في سوريا ليس مجرد قضية إنسانية، بل هو اختبار لمصداقية أي مسار عدالة انتقالية حقيقي، وأن التخاذل عن ملاحقة هذه الجرائم سيُبقي جراح المجتمع مفتوحة، فيما يشكل دعم المجتمع الدولي فرصة لإعادة الاعتبار لآلاف العائلات السورية المكلومة.

آخر الأخبار
سوريا تشارك في "القمة العالمية للصناعة" بالرياض  حفرة غامضة في درعا تشعل شائعات الذهب.. مديرية الآثار تحسم الجدل وتوضّح الحقيقة داء السكر .. في محاضرة توعوية  استراتيجية المركزي 2026–2030.. بناء قطاع مالي أكثر توازناً وفاعلية سوريا ولبنان.. من الوصاية والهيمنة إلى التنسيق والندية انتشار أمني واجتماع طارئ.. إجراءات في حمص لاحتواء التوترات بعد جريمة زيدل سوريا الجديدة في مرآة الهواجس الأمنية الإسرائيلية من أماكن مغلقة إلى مؤسسات إصلاحية.. معاهد الأحداث تعود إلى الخدمة برؤية جديدة الطاقة الشمسية خارج الرقابة.. الجودة غير مضمونة والأسعار متفاوتة خريطة الترميم المدرسي في سوريا.. 908 مدارس جاهزة وألف أخرى قيد الإنجاز دمشق تستضيف اجتماع لجنة النقل في "الإسكوا" لأول مرة منذ أكثر من 15 عاماً سوق السيولة.. خطوة تدعم الاستقرار النقدي وزارة التربية تحدد مواعيد التسجيل لامتحانات الشهادات العامة لدورة 2026 عودة اللاجئين.. استراتيجية حكومية تعيد بناء الثقة مع الدولة سوريا والتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية... مسار لا رجعة عنه إعادة تفعيل البعثة السورية لدى منظمة حظر الأسلحة..السفير كتوب لـ"الثورة": دمشق تستعيد زمام المبادرة ... رئيس الأركان الفرنسي يؤكد ضرورة الاستعداد للحرب لبنان وسوريا يتجهان نحو تعاون قضائي مشترك تفعيل البعثة الدائمة.. كيف تطوي سوريا صفحة "الرعب" ومحاسبة مجرمي "الكيميائي"؟ الأردن يعزز التنسيق مع سوريا لمواجهة تحديات إقليمية