قلوب خرجت من تحت الأنقاض مازالت ترتجف… اضطراب ما بعد الصدمة يطارد السوريين في زمن السلم

الثورة – إيمان زرزور:

قد تتوقف أصوات القذائف وتغيب أزيزالطائرات، لكن ضجيج الحرب يبقى ساكناً في أعماق من نجا منها، ملايين السوريين خرجوا من تحت الأنقاض أحياء، وتجاوزوا الاعتقال والقصف والتهجير، لكنّهم اليوم يعيشون في هدوء يشبه الكمين، لا يطمئنون، لا يفرحون كما ينبغي، ولا يصدقون أن الحرب ربما انتهت.

هذا التحسّن المؤقت لا يقنعهم، لأن آثارالحرب لم تنتهِ في داخلهم، بل ترسّخت عميقاً مع كلّ لحظة عاشوها تحت التهديد، وساهمت عوامل عدّة في تعزيزهذا الشعور، على رأسها التهديد الأمني المستمر كالمداهمات والاعتقالات المفاجئة، والوضع الاقتصادي المنهك الذي حرم الآلاف من الاستقرار، إلى جانب الذاكرة الجمعية المثقلة بالرعب والموت، التي أبقت صورالفقد والدمار حاضرة في الوجدان الجماعي.

وقد أدى ذلك إلى انتشار اضطراب ما بعد الصدمة النفسية (PTSD)، وهي حالة مرضية تظهر بعد التعرض لصدمات عنيفة كالاعتقال، أو مشاهد الحرب، أو الخسارة، هذا الاضطراب لا يزول بانتهاء الحدث، بل يستمرلسنوات، ويؤثرعلى السلوك والعلاقات والصحة النفسية.

الأعراض التي يعاني منها كثير من السوريين تشمل الكوابيس والفزع الليلي، حيث تتكررمشاهد الهروب من القصف أوالمداهمات في الحلم، ما يتركهم منهكين في الصباح، تقول سيدة من دير الزور: “كلّ ليلة أهرب من بيت يُقصف أو من مداهمة، أستيقظ وكأنني عشت الحرب مجددًا.

كما يعاني كثيرون من حساسية مفرطة تجاه الأصوات، إذ قد يثير صوت انفجار إطار سيارة، أو صراخ طفل، شعوراً حاداً بالخوف، يضاف إلى ذلك نوبات الغضب والانفعالات المفاجئة، حيث يظهر سلوك عدائي تجاه النفس أو الآخرين بسبب احتباس التوترالداخلي، وغالباً ما تكون ردود الأفعال لا تتناسب مع الموقف.

الانسحاب والعزلة

أيضاً سمة بارزة، فعدد كبيرمن المتأثرين يفضّلون الابتعاد عن المناسبات الاجتماعية، أو يتجنبون الحديث مع الناس، كذلك، يشعربعضهم بانعدام الأمان حتى في أماكن مستقرة، ويظلون في حالة تأهب دائم، وكأن الخطر قد يباغتهم في أي لحظة.

رغم أن هذه المعاناة منتشرة، إلا أن التوعية النفسية لا تزال ضعيفة، ويجهل الكثيرون طبيعة ما يعانونه، إذ يظنونه مجرد مزاج سيىء أو قلّة إيمان، في المقابل، لا يزال العلاج النفسي محاطاً بوصمة اجتماعية تجعله في نظرالبعض “عيباً” أو علامة ضعف، مما يمنعهم من طلب المساعدة.

علاوة على أنه في كثير من المناطق السورية، لا تتوفر مراكز علاج نفسي كافية، وحتى إن توفرت فإنها تفتقر أحياناً إلى كوادر مدربة على التعامل مع ضحايا الحرب، ما يزيد من تفاقم الأزمة النفسية في البلاد.

والثابت اليوم أن الحروب لا تكتفي بسرقة الأرواح، بل تزرع ألغاماً داخل الناجين لا تُرى، ولعل اضطراب ما بعد الصدمة ليس مجرد حالة مؤقتة، بل امتداد للحرب بأساليب أخرى، والاعتراف بهذه المعاناة ليس ضعفاً، بل خطوة أولى نحو التعافي، وما لم تُشفَ الجراح النفسية، ستظل المجتمعات تعيش في ظلّ حربٍ صامتة، لا تُسمع أصواتها، لكنّها تدمّر بصمت لا يقل قسوة عن صوت القنابل.

آخر الأخبار
تصدير 600 ألف برميل من النفط السوري يعزز الحضور في الأسواق العالمية وزير الاقتصاد في لقاء حواري: تعزيز الإنتاج وخلق فرص العمل في سوريا دعم الابتكار والشباب.. جولة اطلاعية لوزير الاقتصاد في معرض دمشق الدولي خطة لترميم مدارس درعا تأهيل شوارع بصرى الشام لتعزيز العلاقات.. إيطاليا تعيد افتتاح قسم التعاون في سفارتها بدمشق 200 خط هاتفي  بانتظار التجهيزات في مقسم السليمانية تقديرات بإنتاج 33 ألف طن رمان في درعا سوريا تعرب عن تضامنها مع أفغانستان وتعزِّي بضحايا الزلزال  مستشفى التوليد والأطفال في اللاذقية.. خطط طموحة لتعزيز جودة الخدمات الطبية رغم خطورته أثناء الحرائق.. الصنوبر الثمري يتصدر الواجهة في مشاتل طرطوس الحراجية المواصلات الطرقية في اللاذقية ترصد المحاور المتضررة تمهيداً لإصلاحها هل يتحول معرض دمشق  إلى منصة رقمية متكاملة؟ لجنة وطنية للنهوض بالمنظومة الإحصائية وبناء نموذج للاقتصاد الكلي وزير المالية : الحرب على الفقر أولوية وطنية تحتاج تكامل الجهود معرفة مصير المفقودين والمغيبين.. حاجة وطنية لتثبيت دعائم السلم الأهلي "صواريخ العقل للبرمجيات" الأردنية.. خطوة أولى نحو دعم التقنيات في سوريا مظاهرات حاشدة في أوروبا: أوقفوا الإبادة الجماعية بغزة وأدخلوا المساعدات الإنسانية سرافيس النقل الخارجي بحلب.. تعدد العملات يسهم باستغلال المواطنين الليرة تتراجع والذهب يحلِّق