الملحق الثقافي- هادي دانيال- تونس:
إلى روح أخي المناضل هشام مصطفى
كأنّ القوافيَ حِمْلُ القوافلِ بين عواصمِنا وَرَفَحْ
وكأنّ كتابَ ملاحم شعْبِ دليلةَ تُطْمَسُ آياته بمزيدٍ مِنَ الدمِ
والصوتُ مُشْتَبَهٌ حين ينبحُ :اقرأْ أناجيلَ أحفادِ لوثرَ
في البدءِ كانَ الخيامْ
كتابُ الملاحمِ بينَ غلافيهِ تصغرُ مِصْرَ
ويكبرُ جُرْحُ الشآمْ
كأنّا ضحايا عروبتنا شُهُباُ نتساقطُ شرْقاً وغَرْباً
نُضيءُ اللياليَ حتى نرى دربنا فَنُعَرّي ذئابَ الظلامْ
خُطَباً وأناشيدَ تعلفنا أُمّةٌ أَمَةٌ ثمّ تخذلنا كلّ سَبْعِ سنينَ وسبعينَ عامْ
إلى أنْ سئمْنا وكَيْل الفُجورِ طَفَحْ
لم يَعُدْ جُرحنا طلسما
وما عادت الأرْضُ تقرأه بِدَعاً ألْصِقَتْ بالسما
فبلاغة نور العدالة فيه أشعّتْ
وأيقظَتِ الماردَ النائمَ
في ضميرِ البشَرْ
إنّ إرْث النجيع الذي سال سبعينَ عاماً وفاضَ عن الرمل كي لا يضيع
راوغَ النارَ والنِّفْطَ دولارَ والجوعَ والقادةَ الأمّعاتِ
بما صاغَ من أشرعهْ
وأرسى سفائنه المترعهْ
بالحقائق والأقنعهْ
بين أضلاع معرفة الغرْبِ جامعةً جامعهْ
فكيفَ لأموال روتشيلدَ أن تقلَعَه
دَمٌ يشخبُ الآنَ في وعْيِ جيلٍ جديدٍ من الآدَميّين يَلْمَعُ أحمَرَ أحمرَ بينَ ظلامِ القبورِ
وعُشْبِ الحياة النضيرْ
دَمُ الناصريّ الذي يتوزع بين كؤوس الخلاص التي لن تفرّق بين الغنيّ وبين الفقيرْ
وخبز البلاد الذي من رفاتِ بنيها…به تتصدّقُ
(كي يَشْبعَ الوحشُ في الآدَمِيِّينَ، هل يشبع الوحْشُ؟)
نَحْلُ فلسطينَ كانَ تشرّدَ قرناً يلمّ رحيق معارف كوكبنا وسؤال الوجودِ
ويصنع هذا القفيرْ
عساه يكون نَبيَّ الفَرَح؟!.
……….
رُغْمَ هذا الثرى المُشْبَعِ
بالدماءِ وبالأدمُعِ
بالبكاء صُراخاً
وبالصمتِ مُنكسراً بالأنينِ
قَسَماً بدَمْعِ أبٍ فلسطيني
يلمّ جديلةً، شلْواً، بقايا فَخذٍ بضّ، أصابعَ قَدَمٍ يسرى، وحنجرةً صدى أوتارها يعلو هديرَ القاذفاتِ
قَسَماً بأقصى ما تبقّى من حياتي
ما زلتُ آمَلُ بل أريد وأعتقدْ
أنّي أودّع هذه الدنيا برحلتيَ الأخيرةِ مِن دمشقَ إلى صفَدْ
وبأنّ حلمَ طفولتي
وأنا أفك البندقية ثمّ أجمعُها وألقمها وأطلقُ
قَد تحقق واتّضّحْ.
العدد 1190 –21-5-2024