الثورة – رفاه الدروبي:
شاعر كبير وناقد يوازي الكلمة.. تعرَّفنا على أدبه وشعره منذ أن بدأنا نوغل في الثقافة.
بعباراته البليغة بدأ محمد خالد الخضر الندوة الأدبية عن أدب الدكتور نزار بريك هنيدي، بمشاركة الإعلامية شذى حمود، وعدد من الأدباء والنقاد في ثقافي أبي رمانة.
استهلَّ الندوة الدكتور عاطف البطرس مشيراً إلى أنَّه شاعرٌ مثقَّفٌ لديه مخزون إنساني ومعرفي ويمكن الحكم على شعره من خلال سلوكه من خارج نصه المكتوب والمنثور شعراً ونقداً، واعتبره من الشعراء القلائل المُعَزِّزين مواهبهم بالجهد والمتابعة والمعاناة، حيث اطلع على التراث العربي والعالمي، وانفتح على الجغرافيا، سلوكاً يومياً وثقافة ومعرفة يعيشها دون انفصام، لأنَّه يمتلك رؤية للعالم تستند إلى نظرية فلسفية متماسكة مُغمَّسة بتجربة روحيَّة عميقة، مُنوِّهاً بأنَّه لا يمكن للشاعر أن لا يكون منقطعاً عن جذوره التراثية بل في نفس الوقت منفتحاً على التجارب الشعرية والنقدية العالمية دون أن يقع فريسة الإبهار الأعمى أو الاستلاب الضعيف.
واعتبرت الإعلامية شذى حمود أنَّ بريك هنيدي إنسان وشاعر وطبيب جرَّب خلال مسيرته جميع أنواع الخطاب الشعري من العمود إلى شعر التفعيلة وقصيدة النثر والقصائد الطويلة والمنمنمة والقصيرة، ولايمكن للشعر أن يُحقِّق ذاته إلا إذا كان فناً بالدرجة الأولى نابعاً من تجربة حياتية واقعية أو فكرية تستوجب التعبير، مُبيِّنةً بأنَّه من الروَّاد المؤسِّسين للشعر السوري المعاصر، فضلاً عن كونه ناقداً.. له العديد من الكتب والدراسات الأدبية، ولعل الإضاءة على تجربته الطويلة والزاخرة الممتدة لأكثر من أربعة عقود ونصف (٤٥ عاماً) تكتسب أهميَّة كبيرة وتُعطي دافعاً لعجلة الكتابة والإبداع.
كما لفتت إلى أنَّ بريك هنيدي صدرت له أوَّل مجموعة شعرية بعنوان “البوابة والريح ونافذة حبيبتي” عام ١٩٧٧ في نهاية المرحلة الثانوية، وبعدها توالت دواوينه بالصدور، فبلغت حتى الآن ثماني مجموعات شعرية، إضافة إلى كتبه في النقد الأدبي والنظري والتطبيقي.
بدوره عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكتَّاب العرب رياض طبرة أوضح أنَّ مشاركته لدراسة الأصول والفروع في تحديد شخصية الشاعر وإبداعه كانت قادرة على خلق شخصية لأنَّه لم يقصد الشعر ترفاً؛ بل تحدٍّ، وكان ابن تجربته وإحساسه، فمنذ طفولته الباكرة كانت اهتماماته بالشعر إلى جانب دراسته لذا أصدر ديوانه الأول وكان في المرحلة الثانوية، ثمَّ استمرت العلاقة بين الجوانب المتجانسة والشعرية والعمل الإبداعي وقليلون من يوائموا بينهم.
من جهته الدكتور نزار بني المرجة أكَّد أنَّ العلاقة بين الطب والأدب مسألة علاقة تكامل، فالأولى للجسد والثانية لمداواة الروح، لذا أتت تجربته غنيَّة بالشعر والنقد، واعتبره قامة شعرية أدبية نتيجة مساهمته بنقل المشهد الأدبي السوري إلى الساحات العربية في لبنان ومصر وتونس.
عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكتَّاب العرب الأرقم الزعبي فأضاف أنَّ الدكتور نزار ينقل القارئ والمستمع بين الغموض والوضوح من خلال قصائده، ويتغلغل في التفاصيل خلال النص الواحد مثل قصيدته “حلم بطعم الشام” سلَّط الضوء على تفاصيل كثيرة، وأشعر القارئ بأنَّه يسير بين الدروب والأزقة والأماكن الطبيعية وسحرها يشمُّ عبق ياسمينها المُعرِّش على الجدران، مُشيراً إلى أنَّ الكتابة عن تجربته تعطيه قيمة مضافة لأنَّه دائماً يكون مشاكساً في جلسات اتحاد الكتَّاب ويفرض نفسه بقوة مُدافعاً نقابياً يُدقِّق ويُضيف.
بينما الدكتور أسامة حمود رأى بأنَّ تجربة الشاعر تدعو للفخر، مُؤكِّداً على وجود تقصير تجاه المبدعين والقامات الأدبية ولا بدَّ من تكريمهم في بلادهم وليس من قبل البلاد الأخرى وعدم اقتصار التجربة على المبادرات الفردية بل تكون من قبل مؤسسات.
فيما بدأ الدكتور نزار بريك هنيدي بقصيدة تلاها عن الشام عنوانها “حلم بطعم الشام” أنشد فيها:
مازالَ لي حلمٌ بطعمِ الشام
حينَ يفيضُ سحرُ الياسمين
على أزقَّتِهَاْ
فتحتفلُ الروابي والسهول
مازالَ لي شفقٌ
يُرْجعُ أغنياتِ فراشة الضوءِ التي
صُلِبَتْ على الحبلِ العتيق
ولم تزلْ
برفيفِهَاْ
تُحي الحقولْ
وختام الندوة كانت بقصيدة عنوانها: “تلويحة في وداع نزار قباني” أنشد فيها:
لم يُكملْ بعدُ قصيدتَهُ
فدعوه.!
لم يطوِ شراعَ الحروفِ، فلاتبكوه!
مازالَ النورُ يملكُه
مازالَ الوردُ يسيرُ إليه
مازالتْ أسرابُ الأحلامِ تُعَشْعِشُ
في عَيْنَيْهِ
مازالتْ أجنحةُ الكلماتِ تَرِفُّ
على شَفَتَيْهِ