ثورة أون لاين :
يبحث كتاب “شرح مقصورة ابن دريد” لجامعه وكاتبه عبد القادر بن محمد المبارك الحسني الجزائري الصادر عن مجمع اللغة العربية بدمشق في أغوار لغة الضاد عبر تبيين الفروق بين المفردات وتفسير مقاييس الألفاظ وتصحيح نسبة الإشعار إلى أصحابها مع التمثل بالمعاني القرآنية مستقيا شواهده من أمهات الكتب مضيفا على شروح ابن هشام وابن خالويه وغيرهم.
وبين محقق الكتاب الدكتور ابراهيم عبد الله أن القصيدة المقصورة هي ضرب شعري يأتي حرفها الأخير الذي يسمى الروي على شكل ألف مقصورة وليست كل قصيدة تنتهي بمثل هذا الروي معدودة في القصائد المقصورة لأن لهذه القصيدة خصائصها ليست كغيرها مشيرا إلى أن ابن دريد لم يكن أول من نظم المقصورة وهناك من سبقه أمثال مقصورة نصر بن نصير الحلواني أبي المقاتل التي مدح فيها محمد بن زيد الداعي الحسني بطبرستان أولها ..
قفا خليلي على تلك الربى .. وسائلاها أين هاتيك الدمى
ومقصورة ابو صفوان الأسدي ومطلعها..
نأت دار ليلى وشط المزار فعيناك ما تطعمان الكر
غير أن ابن دريد من المقدمين في نظم القصائد المقصورة من حيث بنائها وأحكام نظمها وسلاسة أسلوبها وجمال سبكها ورفعة موضوعاتها إنسانية كانت أو حكما أو أمثالا أو مشاعر وأحاسيس لذا نالت مقصورته شهرة واهتماما بالغين عند أهل العلم لأنها امتازت بسهولة ألفاظها ونبل أغراضها وثقة منشئها واستفادة قارئها واشتمالها على نحو الثلث من المقصور ولما فيها من مواعظ وحكم وأخبار نادرة.
وبين عبد الله أن ابن دريد نظم مقصورته ما بين عامي 295/ 301 هجري حيث مدح فيها عبد الله بن ميكال وابنه ابا العباس اسماعيل فدفعا له مقابل مدحهما عشرة آلاف درهم إضافة إلى تضمينها الفخر والحكمة والغزل وسرد أحداث تاريخية.
والهدف من مقصورة ابن دريد بحسب محقق الكتاب الدكتور عبد الله هو صنع منهج يقوم على النظر في المفردات اللغوية الواردة في كل بيت من أبيات المقصورة ونقل المعاني اللغوية لهذه المفردة من كتب اللغة ومن ثم يترك للقارئ أن يصطفي من هذه المعاني المعنى اللائق بالبيت.
وأشار إلى أن الاستفاضة والتوسع في شرح مفردات المقصورة يبدو أكثر ما يبدو في الجزء الأول من الشرح حيث شرح المفردات شرحا لغويا وافيا بالغرض دون استطراد بالمعاني.
وبين عبد الله أن ما أتى به الشيخ عبد القادر بن محمد المبارك الحسني الجزائري في شرحه للمقصورة عبارة عن جمع وأنه كان ينقل معاني المفردات من أمهات كتب اللغة ومعاجمها كتاج العروس ولسان العرب والقاموس المحيط والمصباح المنير والصحاح والنهاية في غريب الحديث وأساس البلاغة وغيرها الكثير .
وبين الدكتور مروان المحاسني رئيس مجمع اللغة العربية في مقدمة الكتاب أن المقصورة يبلغ عدد أبياتها 250 بيتا وقد أملاها ابن دريد وعمره إذ ذاك أربع وسبعون سنة فاشتهرت لما فيها من فن واقتدار وتسجيل لحوادث التاريخ والحكم والأمثال وأثارت ضجة صاخبة حول اسمه ورفعته إلى مصاف الشعراء الكبار حتى قال الأسدي “إن أبا بكر ابن دريد أعلم الشعراء وأشعر العلماء”.
ولفت المحاسني إلى أن الشيخ عبد المبارك كان فردا من ذلك الجيل الذي استهوته اللغة العربية فأكب على دراستها بشغف وتعمق حتى غدا أحد أعلامها وأئمتها فتولى تعليمها في مدارس دمشق بعد أن عادت العربية لغة التعليم على جميع المستويات في سورية موضحا أنه ساهم مساهمة بحركة التعريب التي أطلقها مجمع اللغة العربية لاستبعاد الألفاظ الأعجمية من اللغة واقتراح البدائل لها لتستقيم اللغة لغة فصيحة لا تشوبها شوائب الألفاظ الغربية.
المصدر : وكالات