ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير- عـــلي قــاســــــم:
نستطيع أن نجزم بأن السيد ستيفان دي ميستورا قد لمس حرص سورية وجديتها في التعاطي مع كل الأفكار والطروحات التي من شأنها التخفيف من وطأة الأزمة والحفاظ على حياة المواطنين السوريين، وهي جدية، لا نزال نعتقد بافتقادها من قبل الأطراف الأخرى سواء تلك المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية أم من الدول الداعمة لها.
ونستطيع أن نجزم أيضاً أنه اطلع في زيارته إلى حمص على تجربة سورية بأبعادها ونتائجها، والتي تصلح للبناء عليها وتعميمها، ولو اختلف السياق أو تباينت التفاصيل المتعلقة باجراءات الوصول إلى مفاهيم ومعطيات قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
وبإمكاننا أن نبني على هذا وذاك الكثير من العوامل الضرورية، التي تحتاج إلى توافر أرضية صالحة لها بمعايير العمل الدولي وتحديداً فيما يخص مهمة المبعوث الدولي، ولا سيما أنها تأتي على ضوء تجارب عديدة لا يمكن إغفالها ولا تجاهل تداعياتها مهما تكن الصيغ والمصطلحات التي يتم تداولها.
ومن باب الحرص على الجهد الدولي وكي لا يلدغ من الجحر ذاته، ثمة ما يبرر الكثير من الاسئلة التي تثيرها في العادة مثل هذه الطروحات، بدليل أن الكم الهائل من تلك الأسئلة المشابهة التي أثيرت في الماضي كانت تمتلك المشروعية الحقيقية، وبعضها كان في موقعه الصحيح، وتتوافر لديه عوامل كافية لإعادة إثارته.
فقد سبق لكثير من الأفكار أن تمت محاصرتها لمجرد أنها لم تتوافق مع الأجندات والحسابات المدرجة في خانة المعادلات الخارجية، وفي بعض الأحيان يجري تفخيخها بعد أن تتلمس بعض الأطراف المتضررة من الحل السياسي جدية يمكن لها أن تُترجم ببعض الخطوات القابلة للتنفيذ، التي تجنب السوريين المزيد من الآلام والأوجاع، وهو بالتحديد ما يستدرج تلك الأسئلة الملحة على ضوء التسريبات والاستنتاجات التي تريد الاصطياد في الماء العكر.
فطرحها هنا ليس للتقليل من أهمية ما يطرحه السيد دي ميستورا، وقد عبرت سورية على لسان السيد الرئيس بشار الأسد عن موقفها بأن ما يطرحه جدير بالدراسة، ولا للتخفيف من جدية نياته في تحقيق اختراق بمهمته، وإيصالها إلى طريق تستطيع أن تجد له نهاية ولو بعد حين، وقد لمس حرص سورية على هذه المسألة حيثما اتجه وكيفما انتقل، بل هي فقط من باب الاستدلال إلى الأفق الواسع التي يمكن للجهد الأممي إذا ما أخلص النية وامتلك ما يكفي من الجدية أن يبني عليها ويراكم من خلالها على النتائج، وأن يعطي التجربة الكثير من الإضافات النوعية القابلة للتكرار في أكثر من مكان وموقع.
في الإجابة المنتظرة تتعدد النماذج والطرق وتتدحرج التفسيرات في إطار استباق جهد المبعوث الدولي عبر التلويح بمجموعة من المعوقات الافتراضية التي تتحرك بأمر عمليات خارجي من أجل تعطيل الجهد الدولي والحيلولة دون أن يصل إلى أهدافه، كلما لاحت في الأفق بوادر إيجابية تصلح أرضية للعمل المستقبلي.
في كل الأحوال ما هو مؤكد أن الكثير من تلك الأسئلة ليست غائبة عن ذهن المبعوث الدولي ويدرك مشروعيتها أيضاً كما لمس مبرراتها وأسبابها، ولدينا من الضرورة ما يكفي للبحث بجدية عن إجابات منتظرة تمتلك أيضاً القدر نفسه من المشروعية.
ويبقى الأهم أن ذلك كله لا يمكن أن يؤثر في أولويات الجهد الدولي المطلوب، وتحديداً فيما يخص محاربة الإرهاب، بل يجب أن يكون منطلقاً لتأكيد تلك الأولوية، والعمل بمقتضاها عبر تفعيل الجهد الدولي لمحاربة الإرهاب والبدء من حيث يجب أن تكون البداية.. من تجفيف منابع الإرهاب ومحاصرة أدواته والضغط على وكلائه المعتمدين وصولاً إلى آليات حقيقية وجادة لمحاربته!!.
a.ka667@yahoo.com