الملحق الثقافي- رولا محمد السيد:
يعيش عالمنا اليوم ثورة إلكترونية، حتى أصبح قرية صغيرة، وأصبحت المعلومات تصل بسهولة، وتتداول بيسر، وغدت أكثر تأثيراً وعنصراً مهماً من عناصر التغيير.
وشكل الإعلام الإلكتروني نظاماً اتصالياً جديداً في الفضاء الأزرق، فرض معطياته الذاتية أثرت على آلية التعاطي الإعلامي في ظل الطور الهائل للتكنولوجيا، كما فتح آفاقاً جديدة ليصبح إعلاماً تفاعلياً في محيط الفضاء الأزرق الواسع.
استحوذ هذا النوع الجديد من الإعلام اهتمام الباحثين والكتّاب لدراسته وإعداد الأبحاث حوله نظراً لتأثيراته الكبيرة ولاسيما أنه قدم خدمات جليلة للكثير من القضايا التي تهم حياتنا نظراً لما يتمتع به من سهولة في الاستخدام والآليات وسرعة في إيصال المعلومة وقلة التكاليف، فانبرى عديد من الباحثين لدراسة هذه الظاهرة وأثرها على واقعنا، وظهرت دعوات لوضع ضوابط للإعلام الإلكتروني.
كان من بينهم الدكتور وسيم زيد محمد الإعلامي والكاتب الفلسطيني، الذي قدم كتاباً جديداً بعنوان: «ضوابط الإعلام الإلكتروني في ظل التحول الرقمي».
دوافع تأليف هذا الكتاب، كما يقول مؤلفه في أحاديثه للإعلام، لأن الإعلام الفلسطيني استطاع أن يؤكِّد كذب الرواية الصهيونية وجعلت شعوب العالم يعتمدون الرواية الفلسطينية، مبيِّناً بأنَّ الإعلام الإلكتروني ساهم في إظهار المجازر الواقعة بحق الشعب الفلسطيني، وتمَّ إنجاز الكتاب إنتاجاً بسيطاً في ظل التحول الرقمي، فجعل من العالم قرية وفي كل عنصر من عناصره بقصد أو من دون قصد لتسليط الضوء على الصحف الإلكترونية وتحليلها وسماتها من أجل أن يكون الكتاب مرجعاً للطلبة والإعلاميين.
الكتاب يتحدث عن نشأة الصحافة الإلكترونية ومراحل تطورها وسماتها، كما يتناول الخدمات التي تقدمها هذه الصحافة.
لكنه يقدم ضوابط التحرير والإخراج في هذا النوع من الإعلام، وذلك من خلال تناول أساليب منهج التحرير للصحف الإلكترونية وكيفية التحرير من خلال توظيف تكنولوجيا الاتصال.
ويفرد الكتاب فصولاً أخرى عن إدارة وتحرير الصحف الإلكترونية، وكذلك عن الفنون التحريرية وقوالب التحرير الصحفي الإلكتروني إلى جانب تصميم وإخراج الصحف الالكترونية.
أهمية تناول ضوابط الإعلام في مثل هذه الكتب، يمكن الإشارة لها عندما نتحدث عن دور الإعلام الإلكتروني في دعم القضية الفلسطينية، وتسليط الضوء على ما يعانيه الفلسطينيون وكشف ما يدعيه الاحتلال من باطل وأكاذيب وكشف الجرائم والمؤامرات.
ويمكن أن الكتاب يكون داعماً ثقافياً للصحافة الإلكترونية وما قدمته من تطوير يفيد الإعلام الذي سلط الضوء على القضية الفلسطينية وأبطل مزاعم الصهيونية.
والكتاب يحمل بين دفتيه ستة فصول تحت عناوين مختلفة تحيط بالموضوع الرئيس وتتفرع عنه بما يشبه السلسلة حيث تتالى حلقاتها حتى لا تترك انقطاعاً وفجوةً لدى القارئ، كي يستطيع أن يطلق على الكتاب الجامع والشامل لكلِّ ما يتعلق بالإعلام الإلكتروني وقضاياه كونها تثير الشؤون والشجون في آن معاً.
ورغم أنَّه يأتي في سياق ثورة المعلومات والتقنيات الحديثة استجابة للواقع الراهن بما يواجهه من تحديات عدة إلا أنَّه يطرح الكثير من التساؤلات أبرزها تحديد موقعنا في خضم ثورة كاسحة تكاد تبتلع الفضاء الإلكتروني برمته خاصة أنَّنا أمة مازالت تعاني من الأمية الأبجدية فكيف بالأمية الإلكترونية، وتستطيع في المجتمعات النامية أن تتحدث عن بنى تحتية يقوم عليها في دخول معترك الصناعة الإلكترونية تطويراً واستخداماً، كما تناول حديثها بأنَّ الصناعة الإلكترونية لها حسناتها ونقائصها، وتتمثل حسناتها بأنَّها تقلص المسافات بين الكاتب والقارئ بسرعة الوصول، وهامش التعبير الواسع، وتكاليف الإنتاج البسيطة مقارنة بالورقة مايجعلها تكتسب الجولة في السابق، فكانت عابرة للحدود الجغرافية؛ أمَّا سلبياتها فأهمُّها ضعف الرقابة، والمنافسة الشديدة على الشابكة وبروز مواقع إعلامية شعبية كموقع التواصل الاجتماعي والمدونات الشخصية، وغياب التخطيط، وعدم وضوح الرؤيه المستقبلية، ومازالت الصحافة الإلكترونية تأتي في مرتبة متدنية بالنسبة للإعلام الرسمي في تنظيم الدول بسبب غياب القوانين الناظمة لعلمها.
إننا بحاجة ماسة اليوم إلى الضبط الإعلامي وبناء الذوق العام للمجتمع والارتقاء بمنظومة القيم والأخلاق فيه، خاصة أن مجتمعنا أصبح اليوم يعتمد على الشابكة الكترونية بشكل متزايد، وصارت منصات التواصل الإجتماعي تؤدي دوراً رئيساً في بناء الوعي، وركناً أساسياً للتواصل اليومي، واستقبال المعلومات بالنسبة لكثير من الأشخاص في العالم، منوهاً إلى أنَّ الإعلام الإلكتروني لعب دوراً بارزاً ومهماً بالنسبة للقضية الفلسطينية، لأنَّه أظهرحقيقة ما يجري خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، والضفة الغربية، والقدس، وكشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي أمام العالم بأسره، وتؤكدها المظاهرات ضده في عدد من المدن الأوروبية، لكن يظل التحول الرقمي والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني له أهميته، وأصبحت الضوابط وتنظيمات المجال ذاته أمراً بالغ الأهمية لضمان سلامة المحتوى الإعلامي وحماية المستخدمين وأنَّ التكامل بين الضوابط والتنظيمات سيكون له دور حيوي في ضبط وتنظيم الإعلام الإلكتروني، وضمان استفادة المجتمع من ميزات دون المساس بالقيم والأخلاقيات.
الكتاب مهم ومفيد، لكنه لم يعتمد منهجاً أكاديمياً يستند إلى المراجع العلمية، ويحتاج إلى توثيق الأمثلة المرافقة للنقاط التي تم التركيز عليها في ضوابط الإعلام الإلكتروني في التحرير والإخراج، كي يصلح اعتماده في كليات الإعلام.
العدد 1198 – 23 -7-2024