الثورة – دمشق – علاء الدين محمد:
ذوو الإعاقة شريحة من المجتمع لها كل الأهمية والرعاية، شأنها شأن أي شريحة أخرى، منها كبار الشعراء والكتاب والعلماء، ورجال قاتلوا واستبسلوا في الدفاع عن الوطن والأرض والمجتمع، وقدموا جزءاً من أجسادهم، فأصبحوا من ذوي الإعاقة، وجاء المرسوم ١٩ لإنصافهم ودمجهم بالمجتمع لتأمين متطلباتهم واحتياجاتهم.
للإضاءة على أهمية هذا المرسوم وما يلبي من آمال وطموح هذه الشريحة كانت لنا هذه الوقفة مع الأستاذ المحامي أحمد خزعه، والذي أوضح أن صدور المرسوم التشريعي رقم 19 الخاص بذوي الإعاقة، يمثل نقلة نوعية متقدمة هدفها تأهيل ذوي الإعاقة بجميع الوسائل الممكنة ليمارس حياته الطبيعية، كما يعيشها المواطن العادي، وهي بهذا المعنى تمثل نهضة اجتماعية إنسانية حضارية، تخص شريحة وجدت نفسها في وضع خاص، فجاء المرسوم المذكور ليصبح قادراً على العطاء والاندماج بالمجتمع ويتحول من جهة مستهلكة إلى عنصر منتج، وكم قدمت هذه الشريحة من الناس وعبر التاريخ من ذوي الإعاقة مبدعين أثبتوا وجودهم وتميزهم، وحققوا إنجازات علمية في عالم المعرفة، واستطاعوا أن يتعايشوا مع تحديات الإعاقة بروح ايجابية، فكم من فاقد بصر تفوق على المبصرين وكان منهم الشعراء والعلماء.
ولفت إلى أنه جاءت نصوص هذا المرسوم متضمنة تأسيس مجلس وطني يهتم بشؤون ذوي الإعاقة، وعرفها بأنها قد تكون ذهنياً أو حسياً أو غيرها، ووصف درجاتها منصة على منح بطاقة تعريف للشخص ذوي الإعاقة تحتوي على المعلومات المتعلقة به، وصولاً إلى تحقيق المساواة مع الآخرين، ليشارك في جميع مجالات الحياة.
كما حدد مفهوم الإعاقة ونص على عقوبات قانونية زاجرة بحق من يقلل من قدرات الشخص ذوي الإعاقة تتراوح بالحبس ما بين ستة أشهر وثلاث سنوات وبغرامة مالية من مليون إلى 3 ملايين ليرة سورية، كما نص على وجود طابع مالي لتأمين الموارد المطلوبة للنهوض بهذه الرسالة الإنسانية خدمة لهم وللمؤسسات التي تعنى بهم، وتضمن شرطاً تفصيلياً للتسهيلات الواجب تقديمها إليهم سواء في وسائل النقل العامة أم اقتناء تلك الوسائل وتخصيص المواقف المجانية لهم، مع الإعفاءات الجمركية والرسوم وتعويضات العاملين الذين يقدمون الخدمات لهم.
وأضاف المحامي جزعه أن صدور هذا المرسوم وبما تضمنه من معالجات لأوضاع ذوي الإعاقة، يشكل نقلة في تسهيل حياة هذه الشريحة من المواطنين، وقفزة في مجال التشريع القانوني خدمة لهم، وتعويضاً عما أصابهم من حالات لا يد لهم فيها، فجاء منصفاً بإعطاء الميزات التي يستحقونها، في إطار مفهوم التضامن الاجتماعي والإنساني والحضاري.
وأكد أن المرسوم جاء ملبياً لما يتطلع إليه كل من هو ذو إعاقة ومهما كانت درجة إعاقته من دون استثناء، كما نص على حمايته نفسياً من كل ما يمكن أن يلحق بهم أذى.
وقال: جاء المرسوم 19 متكاملاً.. فحدد المؤسسات والهيئات والجهات المنوط بها مهمة التنفيذ والرقابة وحماية المشمولين فيه من وقوع الأذى عليهم، وفرض العقوبات الرادعة على كل من يخطئ بحق أي من أبناء هذه الشريحة من المواطنين، ولقد وضع المشرع آلية لتطبيق هذا المرسوم ومسؤولية القائمين على تنفيذه والتعويضات التي يستحقونها مقابل الرعاية الخاصة اللازمة لهم، وحقق المرسوم قفزة تشريعية متقدمة على كثير من التشريعات المماثلة في دول أخرى، فنص على عطاءات معظم مناحي الحياة التعليمية والاقتصادية والاجتماعية والحياتية إنصافاً لهذه الشريحة من الناس، الذين من حقهم أن ينالوا التعويض والعناية عن كل ما أصابهم بما لم يكن لهم يد فيه، وبذلك يتحقق التكافل الاجتماعي بأحلى صوره ومعانيه، ويعزز الوحدة الوطنية وروح الانتماء.
لقد أكد المرسوم على دور الإعلام في نشر التوعية الاجتماعية لاحتضان هذه الفئة من الناس ومقابلتها بالتقدير والاحترام، بالمقابل نص على العقوبات القانونية بحق من يقلل من مكانة شخص ذوي إعاقة أو يمس بشعوره الإنساني، كل ذلك كي تعيد لذوي الإعاقة ثقته بنفسه.
وختم المحامي جزعه كلامه مؤكداً أن هذا المرسوم بما تضمنه من امتيازات يتمتع بها ذوو الإعاقة في إطار نصوص قانونية محكمة، كل ذلك يؤكد أن الدولة التي ينتمي إليها لم تنساه، وأن المجتمع الذي يعيش بين جانبيه يعطيه ما يستحق من التقدير والاعتبار، كل ذلك يسهم في تعزيز دور هذه الشريحة الاجتماعية لتعيد ثقتها بنفسها وقدرتها على استنهاض الطاقات الكامنة لديها لتصبح قادرة على العطاء.