الثورة – ميسون حداد:
أصبحت الشكاوى من آلام الرقبة والكتفين والرأس اليوم، شائعة جداً نتيجة الاستخدام الطويل للموبايل أو الجلوس لساعات أمام أجهزة الكمبيوتر، خصوصاً الموظفين الذين يتطلب عملهم تركيزاً مستمراً أمام الشاشات.
وللتعرف على أسباب هذه المشاكل وطرق الوقاية منها، التقينا بالدكتور مروان علي الخطيب ماجستير في الجراحة العظمية، ليقدّم لنا شرحاً مفصّلاً عن متلازمة الرقبة النصّية وأحدث النصائح للعناية بالرقبة واليدين أثناء العمل.
متلازمة الرقبة النصّية
يوضح الدكتور الخطيب ل “الثورة” أن “متلازمة الرقبة النصّية” هي حالة تنتج عن الانحناء المتكرر والمطوّل للرقبة إلى الأمام أثناء استخدام الهواتف المحمولة أو الكمبيوتر.
يضاعف هذا الوضع الحمل على العمود الفقري العنقي، فالرأس الطبيعي يزن حوالي 5 كغ عند الوضع المستقيم، لكن عند انحنائه بزاوية 45 درجة يصبح الحمل الفعلي على الرقبة أكثر من 20 كغ تقريباً.
هذه الوضعية المتكررة تؤدي إلى ألم وتيبس في الرقبة والكتفين، وصداع ناتج عن شدّ العضلات، وخدر أو وخز في الذراعين أحياناً.
وفي هذه الحالة ينصح الخطيب: “حافظ على رأسك مستقيماً قدر الإمكان أثناء استخدام الهاتف، وارفع الجهاز لمستوى العين، وخذ استراحات قصيرة كل نصف ساعة لتحريك الرقبة والكتفين”.
كما يشير الخطيب إلى أن استخدام الهاتف أو الكمبيوتر لفترات طويلة يؤدي إلى وضعيات تسبب إجهاد عضلات الرقبة والكتفين، وهو ما يمكن أن يمتد إلى الرأس مسبّباً صداعاً يعرف بـ الصداع العضلي التوتري.
ويضيف: “الاستخدام الطويل للوحة المفاتيح أو الهاتف يسبب أحياناً ما يُعرف بـ متلازمة النفق الرسغي، حيث ينضغط العصب الأوسط في المعصم مسبّباً وخزاً أو خدراً في الأصابع”.
الأعراض والتحذيرات
يشرح الدكتور الخطيب أن من أهم العلامات التي يجب الانتباه إليها، ألم أو تيبّس متكرر في الرقبة والكتفين، صداع يبدأ من مؤخرة الرأس أو ينتشر إلى العينين، وخدر أو وخز في الذراعين أو الأصابع.
هذه الأعراض المبكرة تشير إلى أن العضلات والأعصاب بدأت تتأثر بالإجهاد المتكرر، وإهمالها قد يؤدي إلى تشنجات مزمنة أو تغييرات في فقرات الرقبة.
وينصح الدكتور: “عند الشعور بأي من هذه العلامات، خذ استراحة فورية، مدّد عضلاتك، وعدّل وضع جلوسك، وإذا استمر الألم مع خدر في اليدين، استشر فوراً طبيب عظام أو أعصاب”.
الوقاية والعلاج
تتنوع العلاجات حسب درجة الحالة، وتتدرج من خطوات بسيطة في المنزل إلى تدخل طبي متقدم.
وأكثرها فاعلية التمارين العلاجية البسيطة التي تعيد التوازن لعضلات الرقبة وتخفف الشد والضغط.
ومن أبرز التمارين التي يوصي بها الدكتور الخطيب، إرجاع الرأس ببطء للخلف ثم العودة للوضع الطبيعي، لف الكتفين للأمام والخلف، وإمالة الرأس ببطء يميناً ويساراً.
ويشير: “الاستمرارية أهم من الشدة، بضع دقائق يومياً تحدث فرقاً واضحاً خلال أسابيع”.
وينبه الخطيب أنّ استخدام الوسادات أو الدعامات يجب أن يكون بحذر، فهي تساعد على تخفيف الضغط على الرقبة، لكن ليست حلاً دائماً.
فالوسادة الطبية أثناء النوم يجب أن تحافظ على الانحناء الطبيعي للرقبة، أما الدعامة أو الطوق الرقبي فيجب استخدامها لفترات قصيرة وتحت إشراف طبي فقط، لأن الاستخدام الطويل يضعف عضلات الرقبة.
أما الكراسي الطبية المريحة (Ergonomic Chairs) فتعتبر خياراً ممتازاً لمن يقضي ساعات طويلة أمام الكمبيوتر.
نصائح عملية للموظفين
يوصي الدكتور الخطيب الموظفين باتباع مجموعة من الإرشادات اليومية لتفادي آلام الرقبة واليدين، ويبدأ بالوضعية الصحيحة، الشاشة بمستوى العينين، الظهر مستقيم، والكتفين مرتاحين.
ومن الضروري وجود فترات الراحة منتظمة، كل 30-45 دقيقة، الوقوف والحركة أو تمارين تمديد للرقبة والكتفين والمعصمين.
إضافة لتمارين صغيرة أثناء العمل، كلف الكتفين، إمالة الرأس برفق، وتحريك المعصمين والأصابع.
ومن الضروري الحد من الكتابة الطويلة على الهاتف، واستخدام ميزة الإملاء الصوتي أو لوحة مفاتيح خارجية عند الإمكان.
ونقطة مهمة أخيرة وهي الاهتمام ببيئة العمل، إضاءة جيدة، شاشة على مسافة مناسبة، وكرسي داعم للفقرات القطنية.