الثورة – منهل إبراهيم:
كسر اللقاء الأمني السوري اللبناني الذي تم أمس في بيروت الكثير من الجمود، وأزاح عقبات كثيرة مرتبطة بإرث النظام المخلوع، وفتح مرحلة جديدة من التعاون الأمني القائم على التنسيق المؤسساتي وتبادل المعلومات، بما يعزز شراكة أمنية جديدة أكثر وضوحاً وتنظيماً، في ظل التحديات الكبيرة والمعقدة التي يواجهها البلدين الشقيقين.
وقال بيان نشرته وزارة الداخلية في قناتها الرسمية على التلغرام: إن وفداً من وزارة الداخلية برئاسة معاون وزير الداخلية للشؤون الأمنية اللواء عبد القادر طحان، برفقة عدد من ضباط الوزارة، أجرى زيارة رسمية إلى لبنان التقى خلالها وزير الداخلية والبلديات في الجمهورية اللبنانية أحمد الحجار.
وأكد البيان أن الجانبين استعرضا خلال اللقاء في مقر وزارة الداخلية والبلديات في بيروت أوجه التعاون القائم بين الوزارتين، وبحث سبل تطويره في المجالات الأمنية والشرطية، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين، ويسهم في تعزيز التنسيق المستمر لمواجهة التحديات الأمنية، ومكافحة الجريمة والإرهاب، وصون الأمن والاستقرار في كلا البلدين.
كما عقد الوفد خلال الزيارة عدة لقاءات مع مديريات الأمن العام والداخلية وأمن الدولة في لبنان، حيث جرى خلالها بحث سبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين الشقيقين، وتطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، إضافة إلى تبادل الخبرات والممارسات الأمنية الحديثة بما يسهم في رفع كفاءة العمل الأمني وخدمة مصالح الجانبين، وتم التأكيد على أهمية التنسيق المستمر وتبادل المعلومات في مجالات الأمن الداخلي ومكافحة الجريمة والإرهاب، بما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة، بحسب بيان وزارة الداخلية السورية.
وأكدت وسائل إعلام لبنانية، أن الجانبين بحثا خمسة ملفات رئيسية تعتبر من أكثر القضايا حساسية في العلاقة بين دمشق وبيروت، وهي: المباحث الجنائية، الهجرة والجوازات والأحوال الشخصية، ومكافحة المخدرات، ومكافحة الإرهاب، وإدارة المعلومات.
وبحسب الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، فقد تم تشكيل خمس لجان مشتركة من ضباط سوريين ولبنانيين لتوسيع النقاش حول هذه الملفات ووضع تصورات عملية لمعالجة الثغرات القائمة.
وأوضح مصدر أمني لبناني أن الهدف من اللقاء هو معالجة الخلل القائم في التنسيق الأمني بين البلدين، ومناقشة سبل ضبط الجرائم العابرة للحدود، كما تطرّق البحث إلى مسألة السوريين المقيمين في لبنان بصورة غير شرعية، وطرق التعامل معهم، إضافة إلى مناقشة أوضاع السجناء السوريين في السجون اللبنانية وآليات التعامل الأمني والقانوني معهم.
وتؤكد وسائل إعلام لبنانية أن اللقاء لم يقتصر على الجانب التقني، بل حمل دلالات سياسية واضحة على تغير في الذهنية التي تعتمدها دمشق، فالمصادر أشارت إلى أن وزارة الداخلية السورية بدأت بتطبيق إجراءات جديدة تعكس توجهاً نحو تحديث العمل الإداري والأمني، من بينها استبدال مصطلحات كانت تستخدم في السابق، في خطوة يراد منها التعبير بأن سوريا الجديدة تتجه لترسيخ مؤسسات الدولة والقانون.
ومن المقرر أن تعد كل لجنة مشتركة مسودة اتفاق حول الملف الذي ناقشته، تمهيداً لعرضها على وزيري الداخلية في البلدين، السوري أنس خطاب، واللبناني أحمد الحجار.
وبحسب مصادر لبنانية، سيُبحث في الاجتماعات المقبلة ما إذا كانت هذه المسودات ستدرج ضمن الاتفاقيات الأمنية السابقة بعد تطويرها، أم سيصار إلى توقيع اتفاقيات جديدة، مع إمكانية التوسع لاحقاً نحو مناقشة ملف ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان.
وكان رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، أكد خلال زيارته لدمشق في نيسان الماضي أن اللبنانيين سعداء بالتغيير في سوريا، وأنهم على استعداد لفتح صفحة جديدة بالعلاقات اللبنانية السورية، قائمة على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل بشؤون الطرف الآخر.
كما نوه سلام في تصريحات له بـ17 آب الماضي بالتقدم الكبير الحاصل في ملف قضايا التهريب على الحدود بين سوريا ولبنان، موضحاً أن الجانبين أقاما غرفة أمنية مشتركة تواصل العمل على ضبط الحدود، وخاصة التصدي لتهريب المخدرات والسلاح.
ولفت سلام إلى التعاون الكبير الذي جرى بملف مكافحة تهريب المخدرات بعد اتفاق الجانبين خلال لقاء وزيري الدفاع السوري مرهف أبو قصرة واللبناني ميشال منسي في مدينة جدة السعودية أواخر آذار الماضي.