الثورة ـ سمر رقية:

تعد عادة قضم الأظفار من أكثر العادات العصبية شيوعاً بين الأطفال، وهي سلوك متكرر لا يقتصر على مجرد مشكلة جمالية، بل قد ينطوي على آثار صحية ونفسية سلبية. حيث يُظهر العديد من الأطفال هذه العادة في مرحلة ما من طفولتهم، مما يجعلها ظاهرة تستحق الدراسة والتحليل لفهم الأسباب الكامنة وراءها واستنباط أفضل السبل لعلاجها.
للإحاطة بمكنونات هذه العادة وتعريفها ومعرفة أسبابها وطرق علاجها تواصلت صحيفة “الثورة” الدكتور المحاضر بكلية التربية في جامعة طرطوس يوسف شاهين. الذي عرف عادة قضم الأظفار أنها سلوك قهري متكرر يقوم فيه الطفل بقضم أظافره والجلد المحيط بها باستخدام الأسنان، وغالباً ما تبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة (بين سن 4-6 سنوات) وقد تصل ذروتها في مرحلة المراهقة، ويمكن أن تؤدي الممارسة المزمنة لهذه العادة إلى تشوهات في الأصابع، ونزيف، والتهابات موضعية، ومشاكل في الأسنان، بالإضافة إلى الشعور بالخجل والقلق النفسي.
أسباب الظاهرة
تتعدد العوامل المسببة لقضم الأظفار كما أكد د. شاهين، وأرجعها لعوامل نفسية، وعوامل بيئية واجتماعية، وأخرى وراثية.ومن أهم العوامل النفسية على حد تعبيره، التوتر والقلق، ويُعد القلق من أهم المحفزات لهذه العادة ، حيث يلجأ الطفل إلى قضم أظفاره كآلية للتكيف مع الضغوط النفسية في المدرسة أو المنزل أو في المواقف الاجتماعية. وهناك المشاعر السلبية مثل الملل، أو الإحباط، أو الوحدة، أو الشعور بعدم الأمان، قد تكون العادة وسيلة لتفريغ هذه المشاعر المكبوتة. وأيضاً، سبب نفسي آخر وهو الميل إلى الكمال والحساسية الانفعالية، حيث يُعد السعي نحو الكمال إلى جانب ارتفاع مستوى “العصابية ” عاملين محوريين في استمرار هذه العادة، والقلق الذي ينتابهم عند تعرُّضهم لأي شكل من أشكال الفشل أو النقد، ممّا يحولها إلى آلية تعاملية مع الضغوط النفسية، وقد يكتسب الطفل هذه العادة بتقليد أحد أفراد الأسرة أو الأقران.
وهناك سبب جوهري لهذه العادة الضغوط الأسرية، مثل المشاجرات بين الوالدين، أو الطلاق، أو وجود بيئة منزلية غير مستقرة، وأيضاً التغيير المفاجئ مثلا عندما يذهب إلى مدرسة جديدة أو ينتقل إلى منزل آخر، أو عند الانفصال عن الأم، أو عند رفض إحضار لعبة ما له، وهنا من المهم منحه الكثير من الطمأنينة والاهتمام.
ولفت د شاهين إلى عامل مهم وهو الاستعداد الوراثي، إذ من الممكن جداً تزايد احتمالية ظهور هذه العادة لدى الأطفال الذين لديهم تاريخ عائلي مع اضطرابات الوسواس القهري .
طرق علاج هذه العادة
أكد د شاهين بأنه يعتمد علاج قضم الأظفار بالدرجة الأولى، على فهم السبب الجذري ومدى شدته وغالباً ما تكون المعالجة باتباع عدة طرق بنفس الوقت. والتي من أهمها العلاج السلوكي الذي يعتمد على قلب العادة، وهو من أكثر الأساليب فعالية، وتطوير استجابة منافسة أي تعليم الطفل سلوكاً بديلاً (مثل قبض اليدين لمدة دقيقة، أو اللعب بكرة مطاطية) عند الشعور بالرغبة في القضم، بالإضافة لنظام المكافآت، وذلك بوضع جدول للمكافآت يشجع الطفل على تقليل مرات القضم أو الامتناع عنه، مع التركيز على التعزيز الإيجابي بدلاً من العقاب.
إضافة لطريقة العلاجات الدوائية وتكون في الحالات الشديدة جداً والمقاومة للعلاج السلوكي، والتي ترتبط بقلق أو وسواس قهري واضح، قد يصف الطبيب النفسي أدوية للمساعدة في تقليل الدافع القهري.إضافة إلى طريقة الاستراتيجيات العملية والمنزلية، والتي تتضمن، العناية بالأظفار، وإبقاء الأظفار مقلمة وناعمة لتقليل الدافع الجسدي للقضم، واستخدام طلاء الأظفار المر، حيث يوضع طلاء خاص ذو طعم مر على الأظفار ليثبط السلوك من خلال التذكير اللا إرادي، و إشغال اليدين وتكون بتشجيع الطفل على أنشطة تشغل يديه، مثل الرسم، أو اللعب بالمعجون، أو العزف على آلة موسيقية، وأيضاً التواصل المفتوح، بمعنى خلق مساحة آمنة للطفل للتعبير عن مشاعره ومخاوفه بدلاً من تحويلها إلى سلوك مضر.و الطريقة الأخيرة وهي العلاج الأسري وتكون بتوفير الدعم العاطفي، و تجنب التوبيخ أو العقاب، الذي قد يزيد من توتر الطفل ويفاقم المشكلة، ومعالجة مصادر التوتر، و العمل على خلق بيئة منزلية مستقرة وآمنة وتقليل مسببات القلق التي يتعرض لها الطفل.