الثورة – همسة زغيب:
ترجم كتاب “الإنسان بين الجوهر والمظهر” للكاتب إريك فروم من قبل سعد زهران إلى العربية عام (1989)، وهو يعبر عن رأي الكاتب الذي يأخذنا في رحلة إلى عمق النفس البشرية وما تعيشه من تناقضات بين ما يظهره الفرد للآخرين من سلوكيات يقبلها المجتمع وبين ما يخفيه الفرد في عمقه من حقائق تخالف ما يظهره من سلوكيات ومن رؤى نقدية فلسفية تناقش أساليب “الصراع الوجودي” للنفس البشرية، والسلوك الإنساني، ونقد المجتمعات الحداثية وما بعد الحداثية، كما تدور أفكاره حول الصراع الأزلي ما بين أسلوبين في الوجود هما مظهر الإنسان وجوهره يتصارعان من أجل الفوز بالنفس البشرية.
وهو كتاب يعتمد أسلوب الحب وسمو القيم الإنسانية على القيم المادية لذا يمكنكَ أن تلمح النور والضوء في بعض أفكاره ومقاطعه.
نلاحظ من العنوان to have or to be “أن تملك أو أن تكون” أن فكرة الكتاب تقوم على التفريق بين نمطين من أنماط الشخصية: نمط التملُّك، ونمط الكينونة أو الوجود كما يرى المؤلف أن النمط التملكي “سوف يدفع العالم إلى حافة الهاوية من الناحية البيئية والنفسية” ونمط الكينونة هو البديل، وهو السبيل الوحيد لتجنب الإنسانية الوقوع في الكارثة، والسمة الأساسية لنمط التملُّك هي “كلما زادت ممتلكات الفرد، زادت مكانته وارتفع تقديره من الآخرين.
والكتاب يوضح كيف يتجه النمطُ التملكيُّ إلى التأكيد على جوانب الاستهلاك، والثبات، والأنانية، والجشع، والغيرة، والضغينة، والخوف، والحرب، بينما يُؤْثِرُ نمطُ الكينونة الحب، والتفاعل، والإيثار، والنمو، والتفهُّم، لا يقتصر هذا النمط على الأغنياء، بل يمتد حتى أفقر الفقراء ما دامت تسيطر عليهم الرغبةُ في التملُّك، ويغلب عليهم حب الاقتناء وزيادة الممتلكات. في هذا النمط لا يتوقف التملُّك على ملكية الأموال والأشياء، بل يمتد إلى تملُّك الأشخاص.
ثم أشار إلى ظاهرة لغوية تتمثَّل في انتشار الأسماء في اللغات الغربية في أطوارها الأخيرة على حساب الأفعال مشيراً إلى التغييرات التي مرَّتْ بها هذه المجتمعات نحو الاتجاه التملُّكي فالأسماء هي الرموز المناسبة للأشياء.
إريك فروم عالم نفس وناقد اجتماعي ألماني يعتبر من أهم المفكرين في القرن العشرين، ولكتبه وتحليلاته أثر كبير في مجال علم النفس.