الثورة – ترجمة أمل معروف:
عبارة “الهروب إلى الأمام” هي واحدة من أكثر العبارات التي تلائم توصيف حالة “إسرائيل” اليوم، إذ يبدو أن كل ما قامت به “إسرائيل” في العام الماضي أو نحو ذلك هو مجرد محاولة إنكار أو هروب من السيناريوهات المستقبلية الوشيكة – وكلها قاتمة بالنسبة لها.
فقد أثبت التفوق العسكري الإسرائيلي خلال العام الماضي أنه لم يعد قادراً على كسب الحروب أو تحديد النتائج السياسية.
وأكثر من ذلك، فإن الإبادة الجماعية في غزة والسرقة السريعة للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية كشفت، أكثر من أي وقت مضى، عن الوجه القبيح للاستعمار الاستيطاني الصهيوني.
وفشلت المحاولات المتواصلة التي يبذلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتهميش القضية الفلسطينية، إن لم يكن محوها بالكامل، حيث تحولت معاناة الشعب الفلسطيني ومقاومته القضية إلى قضية عالمية.
في الحادي والعشرين من تشرين الأول، ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن “إسرائيل” تريد بناء عدة كتل استيطانية داخل غزة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف لـ”إسرائيل” أن تحمي هذه المناطق التي تتحدث عنها في حين لم تتمكن من حماية جنوبها قبل عام واحد فقط؟
كما تتحدث حكومة نتنياهو اليمينية اليوم عن الضم الكامل للضفة الغربية، ولكن ذلك لن يغير من الوضع القانوني للضفة بموجب القانون الدولي، باعتبارها أرضاً فلسطينية محتلة بشكل غير قانوني، وينطبق الأمر نفسه على مدينة القدس الشرقية الفلسطينية، التي ضمها الكنيست الإسرائيلي رسمياً في عام 1980، بموجب ما يسمى “قانون القدس”.
ليس هناك في المجتمع الدولي من هم على استعداد لقبول مخطط “إسرائيل” في الضفة الغربية ــ باستثناء واشنطن ــ فهم لا يزالون يرفضون الاعتراف بسيادة “إسرائيل” على القدس.
والواقع أن العكس هو الصحيح، حيث قررت محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من تموز قراراً – وهو ما لقي الإجماع الدولي – بأن “إسرائيل” ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أسرع وقت ممكن، وفي السابع عشر من أيلول، تبنت الأمم المتحدة قرار محكمة العدل الدولية بالكامل.
تخضع “إسرائيل” اليوم لسيطرة مجموعة من السياسيين الذين يتمتعون بقاعدة فكرية ضيقة الأفق ومتطرفة بنفس القدر؟، وتكافح هذه المجموعة لإقناع نفسها بأنها منتصرة، في حين أنها ليست كذلك؛ وأنها قادرة على فرض إرادتها على الفلسطينيين وبقية العالم، في حين أنها لا تستطيع ذلك؛ وأن استمرار الحرب سوف يسمح لهم بإكمال مهمة كان ينبغي في نظرهم أن تنتهي منذ زمن طويل وتتلخص بـ: التدمير الكامل للشعب الفلسطيني.
وبما أن هذا الحشد مدفوع بأيديولوجيات دينية متطرفة، فإنه غير قادر على الالتزام بأي شكل من أشكال التفكير العقلاني.
لا يهم نتنياهو ووزراءه اليمينيين الاستمرار بالإشارة إلى العقائد الدينية القديمة وإعادة تدويرها، بينما يصلون بحرارة من أجل المعجزات، وفي القيام بذلك، يصرون على إعادة بناء “إسرائيل” الجديدة التي يتخيلونها، والتي من المؤكد أنها ستنهار، كما تفعل الخيالات دوماً عند الاصطدام بالواقع.
المصدر – موقع أنتي وور الأمريكي