الثورة _ سناء عبد الرحمن
في تطوّرٍ سياسي واقتصادي لافت، صوت مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية 77 صوتاً مقابل 22 على مادةٍ ضمن مشروع ميزانية وزارة الدفاع لعام 2026، تنص على إلغاء قانون قيصر وإنهاء العقوبات المفروضة على سوريا ، في خطوةٍ وصفت بأنها تحوّل تاريخي في الموقف الأمريكي تجاه دمشق.
المحلل السياسي نزار فجر بعريني أكد لصحيفة “الثورة “أن هذا التصويت يشكّل نقطة تحول مفصلية في مسار العلاقات الدولية مع سوريا، ويحمل في طياته دلالات عميقة تتجاوز الجانب الاقتصادي لتشمل الأبعاد السياسية والاستراتيجية.
وأوضح بعريني أن القرار الأمريكي ينص على رفع العقوبات المفروضة على سوريا دون قيد أو شرط مع نهاية العام الحالي، مع تضمين بندٍ غير ملزم يتيح للكونغرس مناقشة إعادة فرض العقوبات في حال عدم تحقيق الحكومة السورية تقدماً ملموساً خلال اثني عشر شهراً متتالية.
وأشار إلى أن مجرد تمرير هذه المادة في مجلس الشيوخ بهذا الإجماع الواسع يعكس تغيّراً نوعياً في نظرة الولايات المتحدة إلى الملف السوري، واعترافاً ضمنياً بأهمية استقرار سوريا في المعادلة الإقليمية والدولية.
وبيّن بعريني أن هذه الخطوة تعزّز جهود القيادة السياسية السورية في تنفيذ أولويات المرحلة الانتقالية وفق الرؤية الوطنية، التي حددها السيد الرئيس، والمتمثلة في تحقيق وحدة سوريا ونهضتها وتحويلها إلى منارة للعلم والرخاء والتقدم.
وأضاف أن العقوبات السابقة كانت من أبرز العقبات أمام تعافي الاقتصاد الوطني، وأن رفعها سيسمح بإعادة هيكلة شاملة للاقتصاد، وجذب الاستثمارات، وخلق فرص عمل حقيقية ترفع مستوى المعيشة وتعيد الحيوية إلى المدن والريف.
وقال بعريني: إنّ السيد الرئيس، في خطابه الأول بعد مؤتمر النصر، حدّد بوضوح أن بناء سوريا الجديدة يتطلب ترابط الجهود السياسية والاقتصادية وإقامة علاقات خارجية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، واليوم، يأتي هذا القرار الأمريكي كترجمة واقعية لتلك الرؤية.
وحول أبعاد القرار في السياسة الخارجية، أوضح بعريني أن الولايات المتحدة بدأت تدرك أن استقرار سوريا يشكّل شرطاً أساسياً لاستقرار المنطقة بأكملها، وأن رفع العقوبات يخدم مصالحها الاستراتيجية.
وأشار إلى أن وزير الخارجية الأمريكي لعب دوراً محورياً في إقناع لجنة العلاقات الخارجية بالتصويت لصالح القرار، موضحاً أن الإعفاءات المؤقتة لا تكفي لجذب المستثمرين، وأن رفع العقوبات بالكامل ضروري لخلق بيئة اقتصادية آمنة ومستقرة .
وأضاف بعريني أن الوزير الأمريكي لفت إلى الترابط الوثيق بين استقرار سوريا ولبنان والمنطقة عموماً، معتبراً أن نجاح العملية السياسية في دمشق “سيفتح آفاقاً واسعة للسلام والأمن وإنهاء الحروب في الشرق الأوسط”.
وأكمل: من الواضح أن واشنطن باتت تتعامل مع سوريا بمنطق جديد، يقوم على الشراكة لا المواجهة، وعلى المصالح المتبادلة لا الإملاءات.
وأشار بعريني إلى أن سوريا، وهي تتهيأ لمرحلة إعادة الإعمار المادي والمجتمعي، تستفيد اليوم من هذا التحوّل الدولي لدعم مشاريعها التنموية، مؤكداً أن رفع العقوبات سيمكن البلاد من استعادة دورها الاقتصادي الحيوي في الإقليم.
ولفت أن الحكومة الانتقالية بدأت فعلاً تنفيذ حزمة إصلاحات تشريعية واقتصادية شملت فتح مجالات الاستثمار في قطاعات حيوية، كالمصارف والطاقة والخدمات والبنية التحتية، ما يؤهل سوريا للدخول في مرحلة جديدة من النمو والاستقرار
وختم الدكتور بعريني تصريحه قائلاً:
إلغاء قانون قيصر ليس مجرد قرار إداري في واشنطن، بل إعلان واضح عن نهاية مرحلة الحصار وبداية عهد جديد من التعافي والانفتاح، وإنّ سوريا اليوم تستعيد موقعها الطبيعي في محيطها العربي والدولي، وتسير بثقة نحو مستقبل من العمل والإعمار والسيادة الوطنية.