هناك من يعتقد أن مشكلة العرب الكبرى أنهم أمة قول لا فعل.. وهناك من يعتقد أنهم أمة تفتقر إلى الفكر .. وبين هذا وذاك يكمن الخلل في انعدام التطابق بين القول والعمل، والناجم عن طلاق بائن بين الفكر والواقع..
وهو ما يفسر غياب الممارسة الصحيحة في التعامل مع تحديات الواقع الدولي، وخاصة على الصعيد السياسي، وفي مواجهة التحدي الإسرائيلي الذي يهدد المنطقة العربية بأسرها، وليس فلسطين، والدول التي تتصدى لهذا التحدي لاسيما سورية.
لأن مثل هذا التحدي مرتبط بمخاطر أكبر وهو تحدي السياسات الغربية تجاه المنطقة، وفي المقدمة السياسات الأميركية، التي رهنت نفسها وأمنها للدفاع عن الكيان الإسرائيلي واستمراره وبقائه.
حتى أن الولايات المتحدة استنفرت كل طاقاتها وطاقات حلفائها الغربيين في هذا الهدف، وهو الأمر ذاته، في دفاعها عن نازيي كييف، وكادت تدخل العالم في حرب نووية عالمية.
الأمر نفسه، تعيد تكراره في منطقتنا، حين تبنت واشنطن سياسات نتنياهو وحكومته في العمل على إبادة الشعب الفلسطيني في غزة واليوم في الضفة لإقامة مشروعها الصهيوني.
ورغم أن هذه الأهداف الإسرائيلية لا تخفى على العرب شعوباً وحكومات، فإلى متى يبقى النظام العربي عاجزاً عن تدارك جموده، والتحرك المناسب والسريع لمجابهة خطر التحدي الإسرائيلي، والنهوض بالواقع العربي القادر على التعامل معه، وتحقيق التطابق بين أفكاره النظرية وسلوكه العملي، وتجسيد المصلحة العربية التي باتت في خطر في ظل الوضع العربي المأزوم، وفي ظل التفكك الواضح في المواقف والفعل في التعامل مع تحديات العصر، التي تتطلب بذل الجهود إلى تحول الإرادة والنوايا إلى فكر وفعل ملموس، يحافظ على الحقوق والإرادة، ويمنع ذوبان الأمة كرافعة للنهوض والتقدم وتحقيق الإرادة المشتركة وعدم ضياع الجهود المبذولة للنهوض الوطني والقومي، ومنع التأثيرات الخارجية لرمي أمتنا في أدراج الرياح.
أعتقد بأن الجهود العربية لابد أن تهتم وتنصب في إنتاج فكر جديد يساعد على نهج فعل يؤسس لانطلاقة حديثة ومعاصرة في مواجهة تحدي النازيين الجدد في منطقتنا المتمثلة في ممارسات الكيان الإسرائيلي، يساعد على توحيد الجهود والطاقات العربية مستفيدين من الحالة الجديدة التي أوجدها صمود الشعب الفلسطيني وصمود سورية بعد 13 سنة من العدوان والحصار والحرب التي تشن عليها نازية العصر في مختلف المجالات، وأن هذه الحالة لابد أن تعزز حالة التفاؤل بغد عربي أفضل، ينفض عنه حالة اليأس والاستكانة التي يريد عدونا فرضها على أمتنا، بأنه لم تعد للعرب قائمة.
التالي