الثورة – عبير علي:
افتتح مؤخراً في المركز الثقافي العربي بكفرسوسة، معرض مكبرات صور وأرشيف موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، ترافق مع إقامة ندوة نقدية، شارك فيها الباحث والمؤرخ الدكتور علي القيم، والباحث الموسيقي أحمد بوبس، وعزف لبعض ألحانه على أوتار عود الشابة شهد جمول، وهي من تنظيم وإشراف الفنان والناقد التشكيلي والمؤرخ الموسيقي أديب مخزوم.
قدمت الاحتفالية الإعلامية أريج قاسم بكلمة جاء فيها: محمد عبد الوهاب من أبرز أعلام الموسيقى العربية، لقّب بموسيقار الأجيال، لأن ألحانه استمرت وتجددت وتواصلت مع الأجيال المتعاقبة، على مساحة الوطن العربي الكبير، وتجاوز إنتاجه الفني الحدود المحلية، بعدما استطاع أن يصل بألحانه وصوته، وبأصوات عظماء الغناء والطرب إلى قلوب الملايين.
وذكرت أن عبد الوهاب قال في مذكراته: إنه كسر القاعدة اللحنية، التي كانت سائدة في أغنيته “يا جارة الوادي” وما بعدها، ولهذا شكلت تلك المرحلة، نقلة كبيرة ونوعية، في الموسيقا والغناء العربي بصفة عامة.. إذ شكل إنتاجه الموسيقي والغنائي ثورة فنية، كما لقب بمطرب الملوك والأمراء، وانفرد بالغناء في حضرتهم، واعتبر صاحب الصوت الغنائي الأول في عالمنا العربي.
ومن أهم مراحل حياته في بداياته الفنية، ارتباطه بأمير الشعراء أحمد شوقي، الذي قام برعايته وتبنيه، فكان بمثابة الأب الروحي، والمثل الأعلى لعبد الوهاب، ويعتبر الموسيقار محمد عبد الوهاب، هو الرائد الأول للسينما الغنائية كمنتج وموسيقار وممثل ونجم غنائي.
وتحدث د. القيم عن ريادته الموسيقية والغنائية على مدى عقود، وتقديمه ألحاناً خالدة بأصوات كبار المطربين والمطربات، وفي مقدمتهم أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز ونجاة الصغيرة وفايزة أحمد ووديع الصافي، وهكذا يكون جدد في الألحان، وأعطى كل صوت لوناً يناسبه ويكشف الطبقات المجهولة في صوته.
بينما تحدث بوبس: عن زيارات الموسيقار محمد عبد الوهاب إلى سورية، بدءاً من زيارته الأولى في منتصف العشرينات، مع أمير الشعراء أحمد شوقي، ثم زيارته الثانية عام 1930، وإقامته الحفلات في دمشق وحمص وحماة وحلب، مشيراً إلى الأحداث التي حصلت معه خلال تلك الزيارات، ثم كانت زيارته الثالثة عام 1932 مستعيدا حكاية أغنية الهوى والشباب، ومن ثم زياراته السنوية لدمشق، واتخاذه من بلودان مقراً دائماً لاصطيافه.. ونوه بوبس بزيارته لفندق بلودان مؤخراً، وإطلاعه على الجناح الذي كان يقيم فيه، والذي يحمل اليوم اسم: جناح محمد عبد الوهاب.
من جهته أبرز أديب مخزوم بعض الوثائق وقام بالتعقيب عليها، ومن ضمنها حوار قديم مع فريد الأطرش يقول فيه: إنه بدأ بتقليد عبد الوهاب، كما أبرز وثائق تؤكد أن معظم الملحنين تأثروا بعبد الوهاب وفي مقدمتهم رياض السنباطي، وأظهر كتاب “السبعة الكبار”، الذي يقول فيه مؤلفه فيكتور سحاب: في فصل يحمل عنوان السنباطي الوهابي، أن السنباطي من أعظم تلاميذ عبد الوهاب، منوهاً بأن عبد الوهاب توقف في منتصف الستينات، عن إقامة الحفلات ولم يتوقف عن الغناء كما هو شائع، لأنه أعاد بصوته وعلى أوتار عوده الساحر، العديد من ألحانه التي قدمها بأصوات الآخرين، كما عاد عام ١٩٨٩ ليقدم بصوته لحنه الأخير (من غير ليه) الذي أحدث دوياً في ساحة الغناء العربي، وجعل العديد من المطربين يسجلونه بأصواتهم.
بعد ذلك ارتجلت مدير المركز همسة فوزي عليوي في كلمة شكرت فيها المشاركين في الندوة، مؤكدة على أهمية التركيز على غناء العصر الذهبي، في خطوات مواجهة الانحطاط الغنائي الراهن، والحد من انتشاره.
ثم تم افتتاح معرض مكبرات صور وأرشيف عبد الوهاب الذي قال عنه مخزوم: إن جميع الصور المكبرة مأخوذة من المجلات الورقية المعروضة ضمن القاعة، ولا توجد ولا صورة من الإنترنت، ولتأكيد ذلك عرض الصور المكبرة، إلى جانب الصور الورقية الأصلية.