الثورة – رفاه الدروبي:
وقَّع الشاعر مازن محملجي ديوانه الثالث الصادر عن دار بعل تحت عنوان: “كلمات على جدار الزمن” في ثقافي أبي رمانة، حيث حمل بين دفتيه ١٧٣ صفحة من القطع المتوسط، تضمُّ ٥٢ قصيدة موزونة لجأ من خلالها إلى أنسنة المكان عبر قصائد الحبِّ المتبادلة على سبيل المثال ما بين نهر بردى ونبع الفيجة بصور إبداعية جميلة تحمل طابع الأصالة والبيان والمتعة والفائدة.
النقد الاجتماعي..
تناولت مقدمة ديوانه الثالث “كلمات على جدار الزمن” قوله: إنَّه لا يكتب لذاته فحسب وإنَّما للمجتمع والتاريخ. ونثر أشعاره في حديقة ديوانه قصائد عديدة تصبُّ في باب “النقد الاجتماعي”، عالج فيه العديد من الظواهر السائدة. وما يميز الشعر الحقيقي قدرته على الكتابة في مختلف الموضوعات والأغراض الشعرية. وقلما يستطيع شاعر أن يجعل الموضوعات العلمية مادة شعرية فيها البيان والمتعة والفائدة كونه يُجسِّد في قصيدته” ملحمة الوجود” لذا استهلَّ بها ديوانه حول نظريه النسبية ألبرت آينشتاين” على الرغم من اهتمامه بالثقافة العلمية المتعلقة بعلوم الفلك والفضاء إلا أنَّه لم يتوقف يوماً عن التغني بمحبوبته دمشق وخصها بالعديد من القصائد.
صور متنوعة للحياة..
وبدأت الدكتورة أسيل الأزعط حديثها عن عنوان الديوان باعتباره يدلُّ على أنَّ الشاعر لايكتب لنفسه بل يكتب للمجتمع والتاريخ، ويحمل الديوان في طياته صوراً متنوعة للحياة بحلوها ومرِّها.. قديمها وحديثها، حيث يحاور العقول فيقنعها، ويلامس القلوب فيأسرها، لذا تعتبره شاعراً بالفطرة، وفناناً ملهماً، مبدعاً.. مرهف الحس، واسع الخيال، عميق التفكير. عارك الحياة واختبر تجاربها، كما يتمتع بثقافة واسعة اكتسبها من مطالعةٍ أكبَّ عليها منذ نعومة أظفاره، وكانت لدراسته للأدب العربي أثر في صقل موهبته الشعرية، فأصبح قادراً على الكتابة في مختلف الموضوعات والأغراض الشعرية وخصَّ أغلب قصائده لديوانه الأول أيام شامية، واصفاً فيه البيوت الدمشقية والحياة الاجتماعية السائدة فيها، متغنِّياً بمصايف دمشق الساحرة:
لقاسيون مكان في النفوس عليَّ
فحبه قرَّ في الأضلاع والمُقلِ
إن رمُته من بعيدٍ خلتهُ كأبٍ
يحنو على طفله المحبوب بالقبل
كما أكَّد على حبِّ الشاعر ليس لبلده فحسب، بل ولعروبته كذلك، فشاعرنا عربي أصيل حتى النخاع، وتجلى في قصيدته “حق العروبة”:
حُبُّ العروبةِ ليسَ مِنكَ تفضُّلا
بلْ إنّهُ ســـعيٌ لِتُصبِحَ أكملا
والسِّــــرُّ في لغة العروبةِ أنّها
تُبدي خـفِـيّاً كان قبلُ مُسَــــربلا
حقُّ العروبةِ كيف عنهُ تغافـلُوا
لمّا تبدّى في الدّياجي مِشــعَـلا ؟
فأتتْ حضارتُـنا تُـنيرَ طريقَهم
وبِعلمِنا بلغـوا الثُّريّا مَنزِلا
الحب والجمال..
بدوره زياد الجزائري رأى بأنَّ المتصفِّح لأوراق الديوان لابدَّ أن يستمتع بمعانيه ويُسحر بعذوبته ويجوب رياضه ويُعجب بجزالته، فأبيات القصائد تنساب بسلاسة حتى تُغنَّى في بعضها بلا موسيقا، وخاصةً أنه طرق مفهوم الحبِّ والجمال في كلِّ أركان الكون فبدا صادقاً في وصفه وحبِّه، ناضجاً في كتاباته الأخيرة المحتوية على التنوع الكبير في الموضوعات كالمطروقة شعراً، وذلك من سمات الشاعر الحقيقي العاكس لكلِّ مايدور حوله وخاصة التغنِّي بعروبته.