الثورة – دمشق – نهى علي:
أكدت مدير عام هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ثريا إدلبي أن العمل جارٍ حالياً على وضع التصور المؤسساتي الأمثل للجهة الناظمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة (هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة)، بما يتناسب مع المهام المطلوب منها إنجازها خلال المرحلة القادمة، ضمن سلسلة من الخطوات المتخذة في إطار تطوير بيئة عمل هذه المشروعات.
ولفتت إدلبي في تصريح خاص لـ”الثورة” إلى أن الهيئة تبني مجموعة من العلاقات الدائمة والمثمرة مع مختلف الجهات ذات الصلة، بهدف ضمان تقديم أفضل الخدمات وتنفيذ أحسن الممارسات في مجال تطوير المشروعات، وبهذا الخصوص، تعمل الهيئة حالياً على تشكيل شبكة وطنية لمقدمي الخدمات للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، لضمان تحقيق رؤيتها في هذا المجال.
رؤية على مسار التنفيذ
لكن أمام هذه الخطوات الواثقة يبقى التساؤل مشروعاً عن وجود برامج جديدة أو خطط مرحلية تعمل عليها الهيئة للإسراع بتنفيذ “رؤية الدولة” لتطوير قطاع المشروعات الصغيرة والمتناهية.
هنا ترى مدير عام الهيئة، أنه من حيث المبدأ.. تنفذ الهيئة مجموعة من البرامج الاستهدافية المختلفة والتي تشمل القطاع الزراعي والصناعي، ووفق فئات مستهدفة تشمل طالبي العمل من الشباب والنساء، بهدف إثبات أهمية المشروعات الصغيرة في إحداث التغيير النوعي لحياة السكان حيثما وجدت، ولتشجيع المجتمع المحلي على تحمل مسؤولياته، وتخفيف العبء عن كاهل الحكومة التي تقوم من خلال مؤسساتها بدور الداعم للمبادرات المحلية، وللترويج لهذه المشروعات كحل تنموي مناسب لظروف سورية.
وتؤكد مدير عام “تنمية المشروعات” أن فروع الهيئة في المحافظات تتولّى متابعة الراغبين بالحصول على الدعم وصولاً لضمان تأسيس مشروعاتهم والبقاء في السوق، إضافة إلى الاهتمام بالمشروعات القائمة المسجلة لديها والراغبة بالتوسع من خلال تقديم الخدمات التدريبية والتسويقية وغيرها.
من جهة أخرى ستعمل الهيئة على تعزيز الخدمات المقدمة وتوسيع برامج عملها لتنفيذ ما جاء في كلمة السيد الرئيس لجهة دعم تأسيس المشروعات والمساهمة في توسعها وانتقالها من المستوى متناهي الصغر إلى الصغير فالمتوسط.
تكمن في التفاصيل
إذاً أين تكمن مشكلة المشروعات الصغيرة وخصوصاً بعد أن لاقت الدعم الكافي من الدولة، وليس فقط من الحكومة، فكما يرى محللون أن الحكومة أوجدت بيئة تشريعية جاذبة لعمل المشروعات من خلال إصدار دليل تعريف المشروعات في عام 2023، ومؤخراً اعتماد التصنيف الوطني للأنشطة الاقتصادية في الجمهورية العربية السورية الذي يلزم الجهات الحكومية وغير الحكومية بتطبيق التصنيف عند توصيف وترميز الأنشطة الاقتصادية التي تقع في مجال عملها.. ما الذي بقي مطلوب إنجازه لتمكين إقلاع هذا النوع من المشروعات ذات الأهمية البالغة في البعدين الاقتصادي والاجتماعي.؟
في إجابتها لا ترى إدلبي أن مشكلة المشروعات الصغيرة تكمن في إمكانية تصنيف المشروع فقط، وإنما عملية التصنيف تأتي في بداية مسار متكامل للمشروع، بدءاً من مرحلة تأسيس المشروع مروراً بكافة مراحل الترخيص والتدريب والتوظيف والتشغيل والتسويق وانتهاءً بإغلاقه وتصفيته، ولكل مرحلة من هذه المراحل هناك مشكلات تتعلق بطبيعة كل مرحلة.
وإن إصدار دليل تعريف المشروعات في عام 2023، ومؤخراً اعتماد التصنيف الوطني للأنشطة الاقتصادية ليسا إلا خطوات أُنجزت في إطار مشروع يتم العمل عليه حالياً، لتطوير بيئة أعمال المشروعات، يشتمل على برامج أخرى تختص بتبسيط إجراءات معاملة تأسيس المشروعات، واعتماد السجل الوطني للمشروعات.
الصغير والأصغر
يرى محللون وباحثون اقتصاديون أنه من الأفضل حالياً بعد الأزمة والحرب التي شهدتها سورية التركيز على المشروعات متناهية الصغر لكونها الأنجع مرحلياً.. هل خصّت الهيئة هذا النوع من المشروعات بما يدعمها ويسرع نشرها أفقياً؟
لا يبدو من حديث مدير عام هيئة تنمية المشروعات أن ثمة خصوصية أو تخصيص للمشروعات متناهية الصغر، بميزات وبرامج داعمة أكثر.. فهي توضح أن برامج عمل الهيئة وخدماتها الداعمة تقدم لمختلف شرائح المشروعات، ولا يمكن أن تستثني أي منها، ولاسيما أننا قد أشرنا سابقاً إلى أن الهيئة تسعى لتطور وتوسع المشروع وانتقاله إلى المستوى الأعلى كما تسعى لتحقيق الاستدامة للمشروع.
وتضيف: كما أن المشروعات على اختلاف حجومها، المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، تمثل الحل الأمثل لعودة النشاط الاقتصادي في سورية خلال هذه المرحلة لقدرتها الديناميكية على التحول والتأقلم مع الظروف، وقابليتها للانتشار في مختلف المناطق والمحافظات، إلى جانب أن متطلبات تأسيسها من موارد طبيعية وبشرية تتوافر في جميع المحافظات.
تذليل العقبات
لعلّه من المهم هنا التساؤل عن أغلب المعوقات التي تعترض من يقدم على افتتاح مشروع صغير، وهل بإمكان الهيئة حل تلك المعوقات أم تحتاج لتدخل جهات وسلطات أخرى، وهو تساؤل مهم يراود كل من يبحث عن فرصة مشروع ومرجعيّة.
تلفت مدير “تنمية المشروعات” إلى أن تأسيس مشروع جديد يمكن أن يتعرض لعدد من المشكلات التي تختلف بطبيعتها وبطريقة معالجتها.. وهذا يعود لكون قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، واسع ومتشعب، ولتعدد الجهات المعنية التي تتعامل معه، سواء لجهة التراخيص أو الخدمات التي تقدم إليه على اختلافها.
وتشير إلى أن المشكلات التي تعترضه لتشمل الإدارية والتقنية، والتمويلية، والتسويقية، فهي تبدأ منذ مرحلة تأسيس المشروع واستصدار التراخيص والموافقات اللازمة للبدء بتأسيسه، ولاسيما أن التراخيص تصدر عن عدة جهات ناظمة، وتحتاج للكثير من الخطوات والوثائق، تليها مرحلة الحصول على التمويل المناسب، ومن ثم مشكلات تأمين العمالة المناسبة والإنتاج، ويليها مشكلة التسويق.
وهنا يأتي دور الهيئة في الوقوف إلى جانب المشروع منذ المراحل الأولى، لتقديم جميع خدمات الدعم الممكنة لتأسيسه وتطويره ومنعه من التعثر والتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية لتيسير متطلبات تأسيسه.
أولويات
في سياق الأولويات التنموية التي تعمل عليها الدولة في قطاع الاستثمار عموماً، لا بد من الاستفسار عن وجود لائحة مشروعات ذات جدوى اقتصادية للأشخاص والبلد يمكن تشجيع أصحابها باعتبارها تسد نقصاً في السوق المحلية وتكون مرغوبة في الأسواق الخارجية، باختصار ماذا عن خارطة الأولويات..؟
هنا تعيدنا مدير عام الهيئة إلى فجوة التعاون والتنسيق بين جميع الجهات ذات العلاقة، وتقول: إن إعداد وتنفيذ برامج استهدافية تستهدف قطاعاً معيناً أو منطقة جغرافية معينة، ووضع خرائط تبين الفرص المتاحة أمام أصحاب المشروعات ضمن القطاعات ذات الأولوية يتطلب العمل عليها مع جهات عديدة وبصراحة تعتبر من المواضيع ذات الأولوية التي سيتم التركيز عليها خلال عام 2025.
خريطة ميزات
بصيغة أكثر بساطة، من المهم أن يعلم كل متابع، فيما إذا كانت الهيئة تركز في مشوراتها ونصائحها المقدمة لأصحاب المشروعات، على المزايا النسبية والمطلقة لكل محافظة ومنطقة لاستثمارها بشكل مثمر، وبالتالي ضمان إقامة مشروع ناجح قادر على تصريف إنتاجه؟
تلفت إدلبي إلى أن كل منطقة تمتاز بمزايا نسبية تختلف عن غيرها من المناطق، تسمح لها بتأسيس مشروعات خاصة بها والتي تشمل منتجاتها التراثية وبعض المنتجات الغذائية، وهي تعتبر من العوامل الأساسية التي يركز عليها العاملون في فروعنا في المحافظات خلال مرحلة الإرشاد والتوجيه ولدى إعداد دراسات الجدوى الخاصة بها.
ورشات وندوات
ونصل ختاماً إلى الورشات والندوات.. هل هي بالفعل مجدية في دعم أو تطوير عمل أي جهة أو مؤسسة.. هل سبق وتوصلت الهيئة لحلول ناجعة لمشكلة تعترض عملها أو قدمت رؤية جديدة لتوجه مستقبلي بعد ورشة أو ندوة؟
هنا تبيّن إدلبي أن ورشات العمل والندوات الحوارية التفاعلية، هي برامج تعليمية قصيرة الأجل، تستهدف تعزيز المهارات والتقنيات في مجال محدد، يتم تنظيمها وتقديمها لعدد محدود من المشاركين، ما يتيح لهم فرصة التفاعل والتعلم من بعضهم البعض، بالإضافة إلى أنها توفر فرصة قيمة لبناء شبكة علاقات جديدة، واكتساب المعرفة والخبرة من خلال التفاعل مع المتحدثين والمشاركين الآخرين.
لذا- الكلام لإدلبي- فهي تمثل الأرضية الأفضل لمناقشة القضايا وتبادل الآراء للوصول إلى حلول ونتائج لحل مشكلة معينة أو وضع برامج وسياسات تسهم بتطوير عمل أي مؤسسة.