الثورة- غصون سليمان:
حين تصمم المرأة على عبور مستقبلها بطريقة مختلفة، وترسم عناوين تمكينها ضمن أعمدة البيت مادياً ومعنوياً لابدّ أن يصل الطموح إلى غايته ..
لم يكن اللقاء بها عابراً بل كان عاكساً لشخصية متزنة مدركة لكلّ دورمن أدوار الحياة ..فاللأمومة خصوصيتها، وللتعليم ركائز، وكذلك الطموح وقوده الإرادة والعزيمة والتصميم ، والأهم زوج محبّ وداعم لبلوغ الغايات والأهداف.
شاءت الأقدار أن تتزوج بعد شهادة الصف التاسع حسب العادات والتقاليد السائدة عند البعض، مارست دورها كأم في تربية خمسة أطفال أربعة ذكور وفتاة ،لكن حنينها إلى إكمال ما تحبّ من التعليم كان يسري بهدوء وشغف إلى أن بلغ ابنها البكر الشهادة الثانوية لتبدأ وإياه خطوات الوصول إلى مدارج الجامعة فكيف كان القرار.
تقول الدكتورة نبال الملقي كلية التربية جامعة دمشق في حديث لـ«الثورة» :إنها لم تزاول مهنة التدريس في الجامعة إلا بعد أن أنهت تعليم أبنائها وأوصلتهم إلى برالأمان تعليمياً واجتماعياً ، عندها قررت أن تتحدى «البكالوريا لتعود طالبة تجاري وتشارك ابنها «الفرع العلمي» على طاولة واحدة. ولعل الدافع الأكبر لهذه الخطوة موقف زوجها المحبّ والمشجع والداعم لهذه الخطوة بكلّ قوة، متفقاً واياها على إنجاز المهمة بصمت ودون إعلام أحد..
درست الملقي الشهادة الثانوية الفرع الأدبي وحدها في المنزل دون أن تستعين بأحد أو بأي درس خصوصي.ومع تقديمها الامتحان وصدورالنتائج العامة كان النجاح حليفها وبدرجات تؤهلها دخول كلية التربية جامعة دمشق ، فيما ابنها الشريك دخل كلية الهندسة، وبعد إكمال السيدة الملقي سنوات الدراسة الجامعية ودبلوم التأهيل التربوي ، تابعت دراسة الماجستير ومن ثم الدكتوراه اختصاص منهجية البحث العلمي «طرائق مناهج التدريس» حيث كان حلمها الذي أجلته لبناء أسرتها بشكل سليم ،وبالتالي كلّ ما كانت تقوم به من رعاية واهتمام وتفاعل وحوار مع أفراد العائلة داخل بيتها كانت تعكسه على طلابها في الجامعة، بمعنى كلّ ماطبقته من أساليب رعاية واهتمام على أبنائها الصغار نفذته على أبنائها وطلابها الكبار ولاسيما الخريجين المؤهلين لمزاولة مهنة التدريس « معلم صف» وغيره .
الدكتورة الملقي لم ينته دورها كأم ومربية عند رعاية أبنائها وطلابها وإنما مستمرة في رسالتها ودورها الأسري والاجتماعي مع أحفادها الذين يمنحونها كما تذكر عمراً آخر من الشباب والحيوية والنشاط وهي تحاورهم، وتناقشهم،وتلعب معهم.
لذلك تنصح الأهالي في هذا الجانب أن يتبعوا أسلوب اللعب والحوار والتشارك مع أطفالهم، بمعنى أن يعيشوا عمرهم مع أطفالهم بحيث يخوضون المرح معهم حسب عمرهم الصغير ، لا أعمارهم هم .إذ علينا حسب رأيها أن ننحني إلى عتبات تفكير الطفل ونزرع الحبّ والنقاء والاهتمام، فما نزرعه بعناية ورعاية نحصده مستقبلاً آمنا لنفوس الأبناء في حياتهم العامة .
وختمت الملقي حديثها لـ «الثورة» بالقول: على المرء أن يضع هدفاً نصب عينيه ويسعى إلى تحقيقه قدرالمستطاع ، مع التأكيد على أن المرأة اذا مانوت وأصرّت على تحقيق هدف سام بالحياة فلا يمكن لأي ظرف أن يثنيها عن ذلك.