الثورة- ترجمة رشا غانم:
مع انتخاب الناخبين في الولايات المتحدة رئيسا جديدا، زادت التكهنات حول المسار الذي ستتخذه العلاقات الصينية الأمريكية، لاسيما في مجال التكنولوجيا.
الرئيس الأمريكي الجديد، مع خبرة تجارية وافرة وقيود سياسية أقل، لديه الفرصة للابتعاد عن نهج التجربة والخطأ للإدارة الحالية وتبني موقف أكثر عقلانية وواقعية تجاه الصين.
خلال الحملة الانتخابية، ألقى الرئيس المنتخب خطابات واتهامات معادية للصين، واقترح اتخاذ إجراءات يمكن أن تعيق العلاقات الثنائية في مجال التكنولوجيا الفائقة.
ومع ذلك، من المهم أن نفهم أن خطاب الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة غالبا ما يختلف عن القرارات الفعلية التي تتخذها الحكومة- وهي سمة متأصلة في السياسة الانتخابية الأمريكية، ونأمل أن توجه مصالح الشعب الأمريكي سياسات البيت الأبيض.
ومن الناحية المثالية، فإن الشيء الصحيح الذي يجب فعله للإدارة الجديدة هو التخلي عن سياسة التكنولوجيا العالية المدفوعة بالعاطفة تجاه الصين، حيث تشير كل من الأدلة التجريبية والمنطق إلى أن القيود المستمرة على التبادلات التكنولوجية بين الجانبين تضر ليس فقط بالصين ولكن بالولايات المتحدة أيضا.
الافتراض الرئيسي الذي تقوم عليه القيود الأمريكية على تبادل التكنولوجيا هو أن التقدم التكنولوجي للصين يشكل تهديدا لقطاع التكنولوجيا الفائقة في الولايات المتحدة، ومع ذلك، فإن مثل هذه الافتراضات لا تصمد أمام العقل أو التدقيق. والجوانب التكميلية والمفيدة للطرفين للبحوث والتبادلات التكنولوجية، والتعاون الأكاديمي، وتقاسم براءات الاختراع، والتجارة في حقوق الملكية الفكرية تفوق بكثير عناصر المنافسة والمواجهة العمياء.
الصين لديها أكبر عدد من مرشحي الدكتوراه في العالم، وفي الواقع، جنت الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات فوائد كبيرة من استثماراتها وعمليات البحث والتطوير في الصين، واستفادت من الموارد البشرية للصين للحصول على ملكية فكرية قيمة.
يرتبط نمو التصنيع الصيني عالي التقنية ارتباطا وثيقا بتكامله مع سلسلة القيمة العالمية بقيادة الولايات المتحدة، ويتضمن جزءا كبيرا من صادرات الصين عالية التقنية المعالجة، والتي تتطلب واردات كبيرة من المكونات والسلع الوسيطة – وكثير منها يأتي من الولايات المتحدة.
لذلك، فإن الادعاءات بأن التطور التكنولوجي للصين يمثل تهديدا للولايات المتحدة لها دوافع سياسية إلى حد كبير، خاصة لأن الأدلة تظهر أن السياسات الأمريكية التي تهدف إلى الفصل وإزالة المخاطر عن الاقتصاد الصيني لم تسفر عن النتائج المرجوة.
وبالنسبة للصين، ربما تسببت هذه السياسات في اضطرابات قصيرة الأجل في صناعتها وسلاسل التوريد، ولكن في التحليل النهائي، عززت البدائل، من خلال دفع البلاد إلى تسريع البحث والتطوير الأصلي والمبتكر.
إلى جانب ذلك، أجبرت سياسات واشنطن بعض الشركات الأمريكية على تحويل وحدات التصنيع والوحدات الأخرى الخاصة بها من الصين إلى الولايات المتحدة أو دول أخرى.
ومن المثير للاهتمام، أن لجنة التجارة الدولية الأمريكية قالت إن تكلفة فرض رسوم جمركية إضافية على المنتجات الصينية بموجب أحكام المادة 232 والقسم 301 من قانون التجارة الأمريكي لعام 1974 يتم تمريرها إلى الشركات والمستهلكين الأمريكيين.
هذا وشكك العديد من الخبراء الأمريكيين في الحكمة من فصل الاقتصادين الأمريكي والصيني، على الرغم من أن فرص توصل الجانبين إلى إجماع حول سياسات مراقبة الصادرات أصبحت صعبة بشكل متزايد.
أيضا، أدى نهج الولايات المتحدة إلى زيادة العبء على العديد من الشركات والمستهلكين العالميين، وعلى سبيل المثال، أدت القيود الأمريكية على تصدير أشباه الموصلات إلى الصين إلى تعطيل سلسلة التوريد العالمية لأشباه الموصلات، مما أجبر الشركات في اليابان وكوريا وهولندا واقتصادات أخرى على التنقل بين زيادة التكاليف التشغيلية وانخفاض الطلب في السوق، مما قد يؤدي إلى الطاقة الزائدة في البلدان المتقدمة في صناعات الرقائق.
وبالإضافة إلى ذلك، تستخدم الولايات المتحدة “ولايتها القضائية الطويلة الذراع” والضغط السياسي لإجبار شركات الدول الثالثة على الانضمام إلى كتلة الحصار التكنولوجي ضد الصين، مما يضر بمصالحها، وقد أدى التناقض بين التزام الولايات المتحدة المعلن ذاتيا بالسوق الحرة والمنافسة العادلة واستخدامها المتكرر للسياسات غير السوقية والظالمة لاستهداف البلدان الأخرى إلى تآكل مصداقية البلاد وزرع عدم الثقة بين الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة والدول النامية.
إن تحسين العلاقات التكنولوجية بين الصين والولايات المتحدة أمر ضروري ليس فقط للمصالح المشتركة للجانبين ولكن أيضا لتنشيط العولمة الاقتصادية.
لذلك، يجب على الإدارة الأمريكية الجديدة تبني نهج عملي ومرن لسياستها التكنولوجية تجاه الصين، ورفع ضوابط التصدير والتعريفات الإضافية على المنتجات الصينية، وتعزيز التعاون في مجال التكنولوجيا الفائقة وتوسيع تبادل الأفراد. ويجب على البلدين تعزيز التواصل والتعاون، والعمل معا لتوجيه العلاقات الثنائية نحو مستقبل تعاوني ومفيد للطرفين.
المصدر – تشاينا ديلي