قلب سورية و”واسطة العقد” في اقتصادها. سهل الغاب في مرمى اهتمام الحكومة .. فهل تكسب رهان الزمن باكراً..؟
الثورة – مرشد ملوك
من جباه الناس .. ومن خطوط الأرض المرسومة عبر الزمن قبل أن يخطها محراث .. من حقول القمح والشعير والخضراوات بكافة أنواعها ، من الزراعات العطرية والطبية .. تستطيع أن تبدأ الحكومة السورية مرحلة جديدة لها من “هولندا “الشرق.
من أفاميا وقلعة ميرزا و قلعة أبو قبيس ومتحف أفاميا وقلعة شيزر وقلعة مصياف والمحميات الطبيعية في أبو قبيس ومن حزام الغابات الطبيعية في موقع القمّة برأس الشعرة وموقع كنفو وموقع مراعي شطحة وموقع صلنفة و موقع السرمانية وموقع عين الكروم ومن موقع جبل الزاوية و موقع الصهرية ومراعي جورين، تستطيع حكومة الدكتور محمد الجلالي أن تكسب الرهان باكرا بمشروع حكومي زراعي صناعي سياحي معزز بمسحة اجتماعية كبيرة في منطقة الغاب.
في معادلة الزمن ستكون نقطة البداية ميزة لن يصلها إلا الكبار ، وفي نفس المعادلة ستكون النكسة والخسارة لاتعوض اذا مضى سيف الزمن بقطع الرقاب قبل أن تقطعه.
أغروبوليس
لا يزال الوضع التنموي في منطقة الغاب التابعة إدارياً لمحافظة حماة دون المستوى ودون كل شيء ، ورغم الجهود الحكومية التي بذلت لتنمية هذه المنطقة من خلال مشروع تطوير منطقة الغاب (أغروبوليس) قبل نحو خمسة عشر عاما، إلا أن الظروف التي مرت على البلاد أدت إلى توقف المشروع وعدم تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية له.
وسط سورية
تتمتع المنطقة بإمكانيات تنموية عالية بسبب الموارد الطبيعية الوفيرة (الأمطار المناسبة وموارد المياه، والتربة الخصبة والمحميات الطبيعية)، وموقعها الاستراتيجي الذي يتوسط سورية، ويضم المواقع السياحية والأثرية، كما تتوفر شبكة جيدة من الطرق المؤدية إلى الطريق الدولي بين دمشق وحلب، والسكك الحديدية بين دمشق وحلب، ومرفأي طرطوس واللاذقية، ومطار اللاذقية.
و يضم الغاب سبعة سدود بسعة إجمالية تبلغ 152 مليون متر مكعب وهو ما يشكل ميزة إضافية أيضاً. كما يشكل فائض الإنتاج الزراعي مصدراً محتملاً لتطوير الصناعات الزراعية من أجل إضافة القيمة وتوليد الدخل وخلق فرص العمل.
أهل الغاب
يصل إجمالي عدد سكان منطقة الغاب حوالي 500 ألف نسمة، يتوزعون على 134 منطقة سكنية (مدن أو قرى)، منها 90 قرية مرخصة ومنظمة بشكل رسمي، بينما توجد 44 قرية خارج المخطط التنظيمي منازلها مبنية بشكل عشوائي. تقع هذه القرى والتجمعات السكنية في السهول الزراعية وعلى تلال الأراضي المجاورة. يتم التوسع في البناء السكني على حساب المناطق الزراعية الخصبة.
وتعد الفئة العمرية 15- 64 سنة هي القوى العاملة الأساسية في منطقة الغاب،
وقد حدثت تغيرات كبيرة في منطقة الغاب في ملكية الأصول الإنتاجية من أراض زراعية وثروة حيوانية، فقد تراجع حجم الحيازات من الأراضي الزراعية كما تراجعت أعداد الأغنام وكذلك الأمر بالنسبة لأعداد الماعز والأبقار .
في الخدمات
تتوفر شبكة من الطرق العامة من الدرجات الأولى والثانية والثالثة ،والمنطقة مخدمة بالسكك الحديدية والقطارات وقريبة من الموانئ البحرية والمطارات، من ناحية أخرى يوجد مشاف هامة وخاصة في مراكز المدن ويتوفر في المنطقة مراكز إدارية وزراعية وخدمية أهمها في السقلبية، كذلك هناك عدد من المصارف .
إلا أنه ونتيجة الظروف الأمنية تعرضت تلك البنى التحتية وخاصة الطرقات إلى أضرار إضافة إلى توقف بعض فروع المصارف الزراعية في منطقة الغاب عن العمل مؤقتاً.
الموارد الطبيعية
يعد حوض الغاب من أغنى الأحواض السورية بموارده المائية، سواءً من حيث تنوّعها (أمطار- ينابيع- مياه جوفية – مياه سدود- مياه صرف)، أو من حيث كمياتها التي تحقق في السنوات الرّطبة حجماً يصل إلى مليار م3 قابلاً للاستثمار، وفي السنوات الجافّة ما لا يقل عن 300مليون م3. لكن الحجم المستثمر من هذه الموارد لمختلف الأغراض (الري والشرب وتربية الأسماك)، وفي الأعمال الحرفية والصناعية ولخدمات السياحة لم يتجاوز حتى الآن نسبة 35% سنوياً.
مواردها المائية
تعتبر منطقة الغاب غنية بمواردها المائية وتقدر كمية المياه الناجمة عن الهطولات المطرية بواحد كم3 في الفصول الرطبة وتنخفض إلى 0.3 كم3 خلال الفصول الجافة، إضافة لحصتها من نهر العاصي والمياه الجوفية من الآبار والينابيع. وتتعرض هذه الموارد لتراجع نتيجة انخفاض معدلات تعويض ما يتم استجراره من الآبار.
و لحقت الأضرار في كل من سد أفاميا /A/ ومحطة الضخ الرئيسية” أفاميا” ومحطات ضخ كل من ” التونية والشريعة باب الطاقة والقلعة القديمة ” وسكر جونسون و قناة الري /GAF/ ومشروع 3000 هكتار ومشروع 3564 هكتارا والأضرار التي لحقت بسدي قسطون وغيرها، إضافة الى الجسور على المصارف الرئيسية (A.B)
الغابات
تكسو الغابات الطبيعية والأحراش السفح الشرقي لسلسلة الجبال الساحلية، إضافة إلى بعض مواقع التحريج الاصطناعي ضمن الحوض الزراعي، بمساحة إجمالية تقارب 38 ألف هكتار. وتبلغ المساحة الإجمالية لحوض الغاب 140799 هكتاراً.
الزراعة
تمثل الزراعة أسلوب الحياة في الغاب، وهي عصب الاقتصاد . في الواقع لا يكفي الاعتماد على الزراعة (بما فيها الثروة الحيوانية والأسماك) في تطوير المنطقة، ورغم ذلك فإن كل الجهود التنموية تتمحور حول الزراعة والنشاطات ذات العلاقة.
يوفّر حوض الغاب بيئات صالحة لمعظم أنواع الزراعات المحصولية والشجرية. وتتمّ زراعة المحاصيل الاستراتيجية والرئيسية والتكثيفية وفق الخطة الإنتاجية الزراعية.
لكن الصعوبات تتعلق بمدخلات الإنتاج وصعوبات تتعلق بالري وصعوبات تتعلق بالتصنيع والتسويق وصعوبات تتعلق بالمكننة الزراعية.
الصناعة
شجعت شركات القطاع العام الصناعية للاستثمار في منطقة الغاب وأهمها شركة سكر سلحب التي تعرضت لأضرار خلال الأزمة ثم توقفت عن العمل نتيجة عدم توفر مادة الشوندر السكري التي تراجعت مساحتها بشكل كبير نظراً لشح مياه الري الناتج عن تخريب شبكات الري وعدم تناسب أسعار الشوندر مع ارتفاع تكاليف الزراعة.
على الرغم من تنوع الإنتاج الزراعي الذي من المفترض أن يشكل مصدراً هاماً لتأمين المواد الأولية لتحقيق التكامل في التصنيع، غير أن إقامة صناعات تعتمد على الزراعة لا تزال دون المستوى المطلوب .
ومن الملاحظ أن النشاطات غير الزراعية ومنها التصنيع الزراعي هي مشاريع صغيرة لا تعكس الإمكانات التي تملكها منطقة الغاب في ظل غياب صناعات الروابط الخلفية مع القطاع الزراعي (كصناعة مدخلات الإنتاج) و/أو الروابط الأمامية (كمراكز الفرز والتوضيب- الصناعات الغذائية..إخ).
أخيراً
سهل الغاب هو الجوهرة الزراعية الثمينة الواقعة في قلب سورية، وهو من أبرز المناطق الزراعية في البلاد. يتميز بموقعه الاستراتيجي بين الجبال الشمالية و الساحل السوري، مما أعطاه مناخًا معتدلاً وتربة خصبة تساهم في تنوع محاصيله. يمتد سهل الغاب على مساحة واسعة، حيث تُزرع فيه العديد من المحاصيل الغذائية والفاكهة والخضروات التي تُعتبر أساسية في السوق المحلي وتساهم بشكل كبير في الاقتصاد الوطني.
تاريخيا، كان سهل الغاب مركزا حضاريا وزراعيا مهما، حيث عُرف بتنوعه الثقافي والزراعي. يعتمد سكان المنطقة على الزراعة كمصدر رئيسي للعيش، حيث يزرعون القمح والشعير والحمضيات والخضروات، بالإضافة إلى تربية المواشي. كما يُعد سهل الغاب موطنا للعديد من المشاريع الزراعية الحديثة التي تهدف إلى تحسين الإنتاجية وتعزيز الأمن الغذائي.
تتجلى جماليات سهل الغاب في مناظره الطبيعية الخلابة، حيث تمتزج المساحات الخضراء مع الأنهار والجداول المائية. إن هذا السهل ليس مجرد منطقة زراعية فحسب، بل هو رمز للتراث والثقافة السورية التي تعكس روح العمل والتعاون، بفضل موارده الطبيعية واهتمام المجتمع المحلي بالزراعة المستدامة، يبقى سهل الغاب واحدا من أهم المناطق الزراعية التي تعكس غنى وتنوع البيئة السورية.
لهذا فإن هذا السهل مؤهل لأن يكون نقطة جذب للاستثمار الزراعي، إن تنوع المحاصيل والإنتاج الكبير يجعلان من المنطقة فرصة واعدة لتعزيز الأمن الغذائي وتعزيز التنمية الاقتصادية.