الثورة – جهاد اصطيف:
يواصل سعر صرف الليرة السورية بوتيرة متسارعة الارتفاع أمام العملات الأجنبية منذ الثامن من كانون الأول الماضي “ليلة سقوط النظام البائد”، متأثراً بعوامل عدة باتت معروفة للجميع، ولعل تحسن سعر الصرف الذي انعكس بطبيعة الحال على القدرة الشرائية للمواطنين، جعل بمقدورهم سد احتياجات كان من الصعب تأمينها قبل التحرير، إذ شهدت معظم السلع في أسواق حلب انخفاضاً ملحوظاً بأسعارها، وبالرغم من التحسن هذا، إلا أن ارتفاع أسعار بعض السلع الرئيسية كالغاز والخبز وأجور النقل، عوامل أسهمت في عدم توفر ما يكفي من السيولة بين أيدي الكثير من المواطنين للاستفادة من انخفاض الأسعار .
– يتماشى مع الواقع المعيشي:
وفي جولة سريعة في أسواق حلب، رصدت “الثورة” آراء عدد من المواطنين، وقالت صفاء عبد الكريم: إنها لمست فرقاً كبيراً في أسعار السلع الغذائية من سكر، وأرز، وسمنة، وزيت نباتي وغيرها، وانخفض سعرها إلى النصف وأكثر لبعض السلع، بالرغم من انفلات بالأسعار، فكل بائع يسعِّر على مزاجه، وأردفت: المهم بالنسبة لنا، إلى جانب تحسن سعر الصرف، وانخفاض أسعار بعض السلع من بسكويت ومعلبات وألبسة مستوردة، أن يتماشى مع الواقع المعيشي، لأن الراتب الحالي للموظفين لم يعد يغطي ثمن جرة الغاز والخبز شهرياً، خاصة بعد خفض وزن الربطة إلى ١٢٠٠ غرام قبل أيام.
– قدرة محدودة:
ويقول الموظف شادي مهنا: صحيح أن انخفاض الأسعار يعد مؤشراً إيجابياً وعاملاً مهماً لدى الناس، إلا أن عدم زيادة الرواتب، التي أعلن عنها مؤخراً، لتوازي انخفاض الأسعار، ستبقي القدرة الشرائية لدى الكثير من الناس محدودة، بمعنى عدم قدرة المواطن على التسوق، إلا بالحدود الدنيا من حاجياته الأساسية.
– آفاق عمل جديدة:
يقول أحمد اصطيف- عامل صحية: منذ فترة لم أقم إلا بتصليحات بسيطة بالكاد يكفي أجرها لشراء خبزي اليومي، فالكثير من الأعمال متوقفة الآن بانتظار استقرار الأسعار في الأسواق، وفتح آفاق عمل جديدة، خاصة مع قدوم عدد لابأس به من المهجرين إلى منازلهم، أو طلب عدد من المغتربين من ذويهم إجراء تصليحات لبيوتهم وتجهيزها قبل عودتهم، مضيفا أنه استدان مبلغ ٥٠٠ ألف ليرة خلال الشهرين الماضيين لسد احتياجاته الضرورية.
– تثبيت سعر الصرف:
أمام ذلك يعتقد الكثير من الخبرات الاقتصادية أن الانعكاس المباشر لارتفاع سعر صرف الليرة على حياة السوريين يتمثل في انخفاض قيمة السلع، حيث أصبحت سوريا اليوم معتمدة بشكل كبير على السلع المستوردة بما في ذلك المحروقات، وبالتالي أي انخفاض في سعر صرف العملات الأجنبية سينعكس على أسعار هذه السلع وعلى تحسن مستوى المعيشة، ويحذر هؤلاء أن هذا التحسن بقيمة الليرة قد يكون وهمياً وقصير الأجل، إذ إن أي ارتفاع مستدام لقيمة العملة يجب أن يستند إلى زيادة الإنتاج المحلي، وتحسين الميزان التجاري، وتعزيز ميزان المدفوعات، لكن الواقع يشير إلى أن الإنتاج المحلي في سوريا لايزال ضعيفاً، وإذا استمر ارتفاع الليرة، فقد تصبح السلع المستوردة أكثر تنافسية مقارنة بالمنتجات المحلية، مما سيؤدي إلى تراجع الإنتاج الوطني، وزيادة البطالة، خاصة بين العمال، ومن الأفضل اقتصادياً، تؤكد هذه الخبرات أن يثبت سعر الصرف عند مستوى معين، كما يسعى المصرف المركزي بحسب التصريحات الأخيرة أن يقوم به، بدلاً من التقلبات الحادة التي تؤثر سلباً على الاستثمارات والاقتصاد العام.
#صحيفة_الثورة