الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
أعلن مصرف سوريا المركزي يوم الجمعة الماضي عن وصول شحنة من العملة المحلية من روسيا، حيث تُطبع الليرة السورية منذ سنوات.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب اتصال هاتفي بين الرئيس السوري أحمد الشرع ونظيره الروسي فلاديمير بوتين يوم الأربعاء، وقد تقدم مؤشراً على العلاقات المستقبلية بين البلدين.
ورغم أن التسليم يأتي في إطار عقد تم التوصل إليه قبل سقوط بشار الأسد في كانون الأول الماضي، فإنه قد يشير أيضاً إلى الطريقة التي سيختارها حكام سوريا الجدد للتعامل مع مختلف الجهات السياسية الدولية الفاعلة أثناء محاولتهم إقناع الدول الغربية برفع العقوبات المفروضة على الحكومة السابقة.
وكانت روسيا أحد أقوى مؤيدي الأسد في الحرب التي استمرت 13 عاماً، حيث دعمته عسكرياً منذ عام 2015. حتى أن الأسد وعائلته حصلوا على حق اللجوء في موسكو بعد سقوطه في كانون الأول.
ومع ذلك، فإن استمرار وجود العقوبات الغربية، الأميركية على سوريا، قد يشجع روسيا وغيرها من المنافسين على تطوير شراكات مع الإدارة الجديدة.
وعندما أطاح الهجوم الذي شنته المعارضة بالأسد لأول مرة في كانون الأول، تصور كثيرون أن هذا قد يمثل نهاية حاسمة للوجود الروسي ونفوذه في البلاد.
ومع ذلك، اتخذ الشرع، ما يبدو أنه نهج أكثر تصالحية تجاه أحد الداعمين الرئيسيين لعدوهم.
وقال الخبير الاقتصادي السوري جهاد يازجي لموقع ميدل إيست آي: “لقد رأينا كيف يحاول الرئيس الشرع الحفاظ على العلاقات مع موسكو، الأمر الذي أثار دهشة معظم الناس”.
لقد أمضت روسيا عقوداً في الاستثمار في سوريا، وهي حريصة على الحفاظ على السيطرة على قواعدها في البلاد.
كما أنها تحافظ على علاقات قوية مع الدول العربية في الخليج وعلاقة مهمة مع تركيا، وهي الدول التي تعتبرها الحكومة السورية شركاء أساسيين في مستقبل بلادها.
وأضاف يازجي أن “هناك عوامل متعددة تبرر للسلطات السورية الحفاظ على علاقات جيدة مع الروس”.
وفي حين رحبت العديد من الدول الغربية بسقوط الأسد واحتفلت به، فإنها رفعت فقط بعض العقوبات التي كانت تهدف إلى إضعاف قبضة الرئيس المخلوع على السلطة.
لقد ضعف الاقتصاد السوري، الذي تضرر على مدى سنوات من الحرب، بسبب هذه العقوبات، ما يجعل من المستحيل تقريباً الاستثمار وجهود إعادة الإعمار الجادة.
حتى فريد المذهان، الشهير بقيصر الذي أدت توثيقاته لانتهاكات حقوق الإنسان في عهد الأسد إلى فرض عقوبات قانون قيصر الأمريكي، دعا إلى إنهاء هذه السياسات.
وأبدت بعض العواصم الأوروبية إشارات أمل بشأن إمكانية رفع العقوبات عن سوريا قريباً، وفي هذا الأسبوع استضافت فرنسا وزير الخارجية السوري وعقدت مؤتمراً دولياً لدعم البلاد.
كما تلقى الرئيس الشرع دعوة لزيارة باريس من الرئيس إيمانويل ماكرون، ومن المتوقع أن تتم الزيارة قريباً.
ورغم هذا، لا يمكن أن يقال نفس الشيء عن الولايات المتحدة، فقد قدمت واشنطن بعض الإعفاءات المؤقتة، وسمحت بإجراء معاملات معينة مع الحكومة السورية، بما في ذلك مبيعات الطاقة، ولكنها لم تتنازل عن أي من العقوبات الأكثر صرامة.
وقال يازجي “أشك في أن الأميركيين سيرفعون العقوبات عن سوريا في أي وقت قريب، أعتقد أنهم قد يستخدمونها كورقة ضغط على السوريين”.
ولهذا السبب، ووفقاً للخبراء، قد تحرص سوريا على إبقاء أبوابها مفتوحة أمام مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة.
وقال يازجي: “في سوريا، عليك أن تضع هذا في الاعتبار وتحتاج إلى حلفاء أجانب بديلين، أو على الأقل، أشخاص لا تريد معاداتهم.
المصدر- Middle East Eye