رفاه الدروبي:
يقف بائع التمر هندي والعرق سوس على ناصية الطريق، وأمامه أكوام من الأكياس اصطفت إلى جانب بعضها البعض تنتظر مَنْ يشتريها، حتى أصبح من الطقوس الرمضانية المألوفة لدى السوريين كي تروي ظمأهم فتبتل عروقهم بهما.
محمد السحَّار ذكر لصحيفة الثورة، أنَّه امتهن بيع الشرابين منذ أربعة عقود، وورثها عن والده في الأيام العادية، نراه يجول في أحياء دمشق القديمة سيراً على الأقدام متوجِّهاً من القيمرية إلى سوق الحميدية والبزورية فباب السريجة والقنوات يحمل إبريق التمر هندي، منادياً بأعلى صوته على شراب طبيعي أحبَّته شرائح المجتمع، لكن في رمضان يقف السحَّار في مكان ثابت يتصدَّر ناصية الشارع العام في حي الزاهرة، حيث يقف بقامته الفارعة ولباسه العربي التراثي المُكوَّن من السروال والقميص والصدرية، ويعتمر طربوشه الأحمر، لكي يبيع ما في جعبته من شرابي “التمر هندي والعرق سوس”، واضعاً أكياساً ملأها بكلا الشرابين فوق منضدة بعد أن يتمَّ تحضيرها مسبقاً، ويتهافت الناس في شهر الصيام لشراء حاجتهم منهما، لكسر ظمأ الصوم عند تناولهما وقت الإفطار، لما يحتويانه من عناصر غذائيَّة تُشكِّل أهميَّة كبيرة للجسم.
عشق البائع السحَّار مهنته الموروثة وأحبَّها، لأنَّها تراث الماضي والحاضر المرغوب من أغلب الفئات نظراً لما يمتاز به “التمر هندي” من حلاوة ممزوجة بالحموضة، وما يحتويه من مواد صحيَّة تُفيد الجسم، ويتمُّ تحضيره بوضعه داخل الماء من الصباح حتى المساء أو العكس ثم يُغلى على النار لتعقيمه من الجراثيم، وفيما بعد يُصفَّى ويُزوَّد بالماء ويُحلَّى بالسكر.
أمَّا طريقة صنع شراب “العرق سوس” فبين أنَّه يُحضَّر في فترة المساء ويضاف له كربونات الصوديوم كي تعطيه لوناً داكناً تجذب الزبائن لشرائه، ويضاف إلى الشرابين في النهاية ماء الورد أو ماء الزهر، ولفت السحَّار إلى الفرق بين وعاء التمر هندي والعرق سوس، حيث يُطلق على وعاء العرق سوس “قربة”، وتكون مزوَّدة بصنبورين الأول للماء والثاني لسكب الشراب، ويحمل البائع صحوناً نحاسيَّةً يطرقها ببعضها البعض لإعلام العامَّة بوجوده، بينما وعاء التمر هندي فيُسمَّى إبريقاً.