موائد رمضان في حلب.. بين غلاء الأسعار والحفاظ على التراث

الثورة – جهاد اصطيف:
تلقي الأزمة الاقتصادية، التي يعيشها الناس خلال السنوات الأخيرة، بظلالها على موائد الإفطار خلال شهر رمضان في حلب، وتشهد أسواقها استمرار ارتفاع أسعار السلع مع تراجع معدلات الشراء من قبل المستهلكين، ورغم ما تظهره المؤشرات من انخفاض الأسعار في رمضان الحالي، إلا أن أصوات المعاناة لا تزال تعلو داخل الأسواق من كلا الطرفين، البائع والمشتري.
تراجع المبيعات
يقول أبو محمود- بائع لحوم حمراء، في حي صلاح الدين: إن نسبة المبيعات بمتجره تراجعت بشكل كبير، رغم تحسن أسعار اللحوم، ويتراوح سعر كيلو غرام اللحم نحو ١٢٠ ألف ليرة، متراجعاً بنحو ١٠٠ ألف ليرة عن رمضان الماضي، ومع ذلك يضيف البائع: إن كثيراً من زبائنه لجؤوا إلى تقليل الكميات التي اعتادوا على شرائها، وبالتالي تراجعت مبيعاته.

وتقول أم حسام، أم لخمسة أبناء: إنها ومنذ رمضان قبل الماضي تلجأ لكثير من الحيل لتقليل الإنفاق على الطعام خلال شهر الصوم، موضحة أن مائدة إفطار أسرتها تخلت بشكل كبير عن أنواع البروتين المختلفة، واختصرت على التمر وقرص المعروك في أحسن الأحوال، مضيفة: إن راتب زوجها الشهري يبلغ نحو ٣٢٥ ألف ليرة مما يجعل بند الإنفاق لديهم في غاية الصعوبة، الأمر الذي يلزمنا كما تقول: للاستدانة مرة، والاعتماد على التبرعات والصدقات لمرات.
تباين ملحوظ بالأسعار
ويقول تاجر مواد غذائية بالحي نفسه: إن الأسعار تشهد تبايناً ملحوظاً بين مواسم رمضان المتعاقبة، نتيجة تقلبات أسعار السلع المستوردة المرتبطة بسعر صرف الدولار، مضيفاً: إن قناعة التاجر تلعب دوراً محورياً في تحديد الأسعار، حيث يستغل بعض التجار الموسم الرمضاني لزيادة الأرباح، ويؤكد أن القدرة الشرائية للمستهلكين تؤثر بشكل مباشر على الأسعار، ومع ذلك، فإن الزيادة تتركز في المواد الغذائية الأساسية التي لا تستغني عنها موائد الإفطار، مثل التمور والألبان والأسماك واللحوم وبعض ننننتأنواع الحبوب والحلويات، وتشهد هذه المواد ارتفاعاً في الأسعار.
ويشير إلى أن استهلاك المواطنين يزداد خلال شهر رمضان، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل الإنفاق اليومي، منوهاً بأن المائدة الرمضانية تختلف من أسرة إلى أخرى حسب الوضع المادي، فثمة موائد بسيطة وأخرى فاخرة، والأخيرة هم قلة قليلة، ليس في حلب فحسب، بل في عموم سوريا.
مستلزمات أنهكت الجيوب
ويقول أبو بهاء، من حي الهلك: إن مستلزمات رمضان هذا العام أنهكت جيبه، وهو عامل في إحدى شركات النقل، ولا يتجاوز أجره حالياً ١٠٠ دولار شهرياً.
ولم يستطع تغيير عاداته الرمضانية في الاستهلاك، رغم أنه في قرارة نفسه يرى ضرورة الاستغناء عن كثير من المواد لإنقاذ جيبه من الإفلاس، لكنه كما يقول يريد أن تعيش أسرته أجواء رمضان الغذائية كما تعودوا في السابق، هذه بصراحة شديدة.

ويضيف: راتبي لا يكفي لتغطية احتياجاتنا الأساسية بسبب الأوضاع الصعبة، كنا ننتظر شهر رمضان لنعيش أجواء الخير، لكن اليوم أصبح تأمين الطعام اليومي تحدياً كبيراً، كل شيء ما زال غالياً علينا، من الخضار واللحوم إلى الأرز والزيت، وكأسرة مكونة من ٦ أفراد أجبرنا على تقليل الكميات أو الاستغناء عن بعض الأصناف تماماً، لأنه بات من الصعب على قطاع كبير من المواطنين شراؤها، ويفيد أن الكثير من المواطنين لا يستطيعون توفير ما يفطرون به ويعتمدون على المطابخ الخيرية، التي تنشط فيها جمعيات ومنظمات خيرية ومتطوعون يدعمهم رجال أعمال ومؤسسات اقتصادية أو ما شابه.
طبق الإفطار في حلب
وتتكون مائدة الإفطار في حلب عادة من طبق الكبة بمختلف أنواعها، ويعتبر الوجبة الرئيسية، واللحوم الحمراء والبيضاء، فالأسماك والمحاشي بدرجات متفاوتة، بالنظر لتكلفتها، بالإضافة إلى سلطة الخضراوات بصورة دائمة والفتوش، والشوربة.
وعادة يبدأ الناس استعداداتهم لشهر رمضان قبل أسبوع من حلوله، ليبدأ التزاحم على الأسواق، لشراء ما يعرف بمؤونة رمضان، التي غالباً ما تقتصر على المواد الغذائية، مع دعوة الجهات المعنية لتشديد الرقابة على الأسواق لضمان توفر السلع بأسعار مناسبة، حتى لا يبقى المواطن تحت رحمة التجار الذين يستغلون الظروف الاقتصادية.
وبالرغم من تحدياتها الخانقة، لا تزال مائدة الإفطار الرمضاني في حلب تحافظ على مكوناتها التقليدية، بيد أن تأمينها أصبح أكثر صعوبة مع الوضع المعيشي الحالي، مما يضع الأسر في حلب أمام اختبار لقدرتها على التكيف مع الظروف المعيشية المتدهورة، ليغدو الشهر الفضيل مناسبة تمتزج فيها روحانية الصيام بتحديات الواقع الاقتصادي.

 

آخر الأخبار
محافظ اللاذقية يتفقد فرع الهجرة والجوازات وأمانة السجل المدني اشتباكات مع المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون في الصنمين بعد رفضها تسليم عناصرها تنظيم حركة المركبات والدراجات في حمص ارتفاع حصيلة الضحايا في الصنمين إلى خمس انطلاق سوق "رمضان الخير" في دمشق لتوفير المنتجات بأسعار مخفضة المعتقل صفراوي عالج جراح رفاقه في سجن صيدنايا وأنقذ الكثيرين "حركة بلا بركة" تفقد واقع عمل مديريات "التجارة الداخلية" في اللاذقية خسارة ثالثة على التوالي لميلان تكثيف الرقابة التموينية بطرطوس.. ومعارض بأسعار مخفضة برشلونة يستعيد صدارة الليغا باحث اقتصادي لـ"الثورة": لا نملك صناعة حقيقية وأولوية النهوض للتكنولوجيا شغل (الحرامات).. مبادرة لمجموعة (سما) تحويل المخلفات إلى ذهب زراعي.. الزراعة العضوية مبادرة فردية ناجحة دين ودنيا.. الشيخ العباس لـ"الثورة": الكفالة حسب حاجة المكفول الخصخصة إلى أين؟ محلل اقتصادي لـ"الثورة": مرتبطة بشكل الاقتصاد القادم المخرج نبيل المالح يُخربش بأعماله على جدران الحياة "الابن السيئ" فيلم وثائقي جسّد حكاية وطن استبيح لعقود دورة النصر السلوية.. ناشئو الأهلي أولاً والناشئات للنهائي كرة اليد بين أخطاء الماضي والانطلاقة المستقبلية