كيف نحسن فهم عواطفنا في عالم مليء بالاضطراب؟

الثورة- مها دياب :

في عالمٍ تتسارع فيه الإيقاعات وتختلط فيه الأصوات، حيث تهيمن الضغوط اليومية على تفاصيل الحياة، تبرز المشاعر كمهارة إنسانية أساسية لا غنى عنها، إنها ليست مجرد انفعالات عابرة، بل أدوات داخلية تساعدنا على فهم أنفسنا، واتخاذ قراراتنا، وبناء علاقاتنا بطريقة أكثر وعياً واتزاناً.

في زمنٍ تغلب عليه العلاقات الوهمية وتتصادم فيه القضايا الكبرى مع أخلاق صغيرة، يصبح الذكاء الشعوري هو البوصلة التي تقودنا نحو التوازن النفسي والاجتماعي.

الاختصاصية النفسية علا جبور تشير في الجانب إلى أن المشاعر، سواء كانت إيجابية كالفرح والدهشة، أو سلبية كالحزن والغضب والخوف والاشمئزاز، هي رسائل داخلية تعكس تجاربنا وانفعالاتنا وأفكارنا.

إنها إشارات من الجسد والعقل تخبرنا بما يحدث في داخلنا، وتدعونا للتوقف والتأمل، فلا يمكن للإنسان أن يدير مشاعره بشكل صحي من دون أن يتعرف عليها أولاً، ويفهم طبيعتها وتأثيرها عليه، لذلك فإن أول خطوة في بناء مهارة إدارة المشاعر هي الوعي بها.

وأضافت: على كل فرد أن يسأل نفسه: ما الإحساس الذي يرافق هذه المشاعر؟.

فعند الشعور بالخوف مثلاً، قد تظهر أحاسيس مثل: التوتر، الذعر، أو عدم الأمان، بينما عند الغضب يترافق مع تسارع ضربات القلب، انقباض العضلات، أو رغبة في المواجهة.

وبالتالي هذه الإشارات الجسدية والعاطفية هي مفاتيح لفهم ما نمر به، وربطها بالمواقف التي تثيرها يساعدنا على التعامل معها بوعي.

التعبير الصحي

وبينت جبور أنه بعد التعرف على المشاعر وفهمها، تأتي خطوة التعبير عنها، فالمشاعر التي لا تجد طريقاً للخروج تتحول إلى ضغط نفسي متراكم، وقد تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية.

وأكدت على أن التعبير لا يعني الانفجار أو التهويل، بل هو عملية واعية تهدف إلى إخراج المشاعر بطريقة صحية، سواء عبر الحديث، أوالكتابة، او الفن، أو حتى البكاء، فإخراجها يخفف من حدتها، ويمنحنا مساحة داخلية للتنفس.

إنه بمثابة صمام أمان يمنع تراكم الانفعالات وتحولها إلى أزمات داخلية، لذلك من المهم أن نسمح لأنفسنا بالشعور، وأن نمنح الآخرين أيضاً مساحة للتعبير من دون حكم أو تقليل.

ضبط المشاعر

وشددت بقولها إن ضبط المشاعر لا يعني كبتها أو تجاهلها، بل يعني فهمها والتعامل معها بحكمة، لأنها مهارة تتطلب تدريباً وممارسة، وتقوم على مجموعة من الأدوات النفسية التي تساعدنا على التوازن.

ومن أبرز هذه المهارات: إعادة تقييم المواقف بموضوعية، أي النظر إلى الموقف من زاوية مختلفة، وتفكيك الانفعالات المرتبطة به.

أيضاً التفكير الإيجابي، عبر التركيز على الجوانب المضيئة في الحياة، وتجنب الغرق في السلبية.

ومن المهم إدارة الحوار الداخلي من خلال مراقبة الأفكار التي نحدث بها أنفسنا، وتعديلها لتكون أكثر دعماً وتفهماً.

وأشارت جبور إلى أن من الوسائل الفعالة في ضبط المشاعر، هي المراقبة الذاتية اليومية، حيث يمكن للفرد أن يسجل مشاعره والمواقف التي مر بها، ويلاحظ كيف تفاعل معها، وهذا التمرين يساعد على التعرف على الأنماط الشعورية، وتحديد المحفزات، وتطوير استجابات أكثر نضجاً، مع ملاحظة أن الإدراك العاطفي يلعب دوراً محورياً، فهو يعني فهم المشاعر بعمق، وربطها بالإحساس الجسدي والموقف الخارجي، لأنه يمنحنا قدرة على التنبؤ بانفعالاتنا، والتعامل معها قبل أن تتفاقم.

المرونة النفسية والدعم الاجتماعي

وتحدثت أيضاًَ عن أهمية المرونة النفسية بأنها السبب بالقدرة على التكيف مع المشاعر، وعدم الانهيار أمامها، فهي تعني تقبل الانفعالات، والتعامل معها كجزء طبيعي من الحياة، فالشخص المرن نفسياً لا ينكر مشاعره، بل يحتضنها ويتعلم منها.

كما أكدت على أن الدعم الاجتماعي، يعد عنصراً لا يقل أهمية، فوجود شخص داعم في حياتنا، نستطيع الحديث معه من دون خوف أو خجل، يخفف من الأعباء العاطفية، ويمنحنا شعوراً بالأمان والانتماء، لأن العلاقات الصحية هي بيئة خصبة لنمو الذكاء الشعوري، وتعلم مهارات التعبير والتفهم.

فهم الذات واتخاذ القرار

وبينت أنه كلما اقترب الإنسان من ذاته، وفهم مشاعره، أصبح أكثر قدرة على اتخاذ قرارات واعية وصحيحة، فالقرارات التي تُبنى على وعي شعوري تكون أكثر اتزاناً، وتؤثر إيجاباً على الحياة الشخصية والمهنية لأننا نعيش في مجتمعٍ تائه بفوضى العلاقات، يصبح فهم الذات هو الحصن الذي يحمي الإنسان من الانجراف، ويمنحه وضوحاً في الرؤية والمسار.

الاختصاصية جبور ختمت كلامها بالقول، إن المشاعر ليست عبئاً، بل نعمة إذا أحسنا التعامل معها، فعلينا ألا نهرب من مشاعرنا، وألا نخجل منها، لأنها الدليل نحو حياة أكثر صدقاً واتزاناً.

وتعلمنا أن نصغي لها، وأن نفهمها، و نعبر عنها، وأن نضبطها بحكمة، فكل لحظة شعورية هي فرصة لفهم الذات، وكل قرار واعٍٍ هو خطوة نحو حياة أكثر إشراقاً، في زمن الفوضى، “كن أنت “نقطة الضوء، وابدأ من داخلك.

آخر الأخبار
وزير التعليم العالي: البيانات طاقة وطنية تبني مستقبل سوريا اجتماع تشاوري في طرطوس يناقش إعادة تفعيل المديرية العامة للموانئ دور تصحيح الرواتب والأجور في حساب تحسين الظروف المعيشية جمود عقاري في طرطوس.. واتجاه نحو الاستثمار في الذهب كملاذ آمن محافظ دمشق: العدالة أساس الدولة الجديدة والمرسوم 66 قيد المراجعة التشريعية اللجنة العليا للانتخابات تحدّد موعد الاقتراع في تل أبيض ورأس العين "التعليم العالي" تعلن متابعتها مطالب طلاب كلية الحقوق في جامعة دمشق البكور: السويداء تتلقى القوافل دون انقطاع وصرف الرواتب مستمر باراك: سوريا ولبنان القطعتان التاليتان في مسار السلام بالشرق الأوسط استعادة الثقة من خلال مصالحة ضريبية ومنظومة إلكترونية للجباية "فتح سجل الفروغ" انفراجة تُنهي سنوات من النزاع انتخابات اتحاد كرة القدم مهددة بالتزكية ! هل يأتي الأفضل أم يستمر العبث ؟ نقطة تحول لبناء جسور التعاون الاقتصادي السوري - الأميركي "الجوال".. أدة ذكية أم سجن رقمي كيف نحقق التوازن؟ افتتاح مراكز جديدة لتعزيز الخدمات الطبية في ريف إدلب كيف نحسن فهم عواطفنا في عالم مليء بالاضطراب؟ هل تستحق تفاصيل حياتنا اليومية أن تسجّل؟ قبل تصفيات آسيا للناشئين.. المصطفى: هدفنا المحافظة على لقب غرب آسيا مجلس الشعب المنتظر.. هل ينجح في تحقيق طموحات الشعب؟