الثورة -عبد الحميد غانم:
مؤشرات كثيرة خرجت عن لقاءات الوفد الاقتصادي الحكومي السوري إلى أميركا ولقائه مع المسؤولين الأميركيين ومناقشة أوجه التعاون.. وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور معتز الدالاتي، أن الزيارة الأخيرة للوفد الاقتصادي الحكومي إلى الولايات المتحدة الأميركية تمثل نقطة تحول في بناء جسور التعاون الاقتصادي والتكنولوجي بين البلدين. وأشار لـ”الثورة” أن هذه الزيارة، التي ضمّت وزير الاقتصاد والصناعة، ووزير المالية، وحاكم مصرف سوريا المركزي، تأتي ضمن جهود متعددة المحاور لرفع العقوبات وإعادة إعمار سوريا.
و وصف الدالاتي زيارة الوفد السوري بأنها “ذات أهمية بالغة”، مشيراً إلى أن اللقاءات المباشرة التي جرت بين الوفد والمسؤولين في الحكومة الأميركية ساهمت في بناء جسور الثقة وتمهيد الطريق لإعادة العلاقات الاقتصادية.
وأضاف أن هذه الزيارة لم تكن منعزلة، بل سبقتها زيارات أخرى، مثل زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى مقر الأمم المتحدة ولقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، وزيارة وزير الخارجية أسعد الشيباني ولقائه بلجان الكونغرس ووزير الخارجية الأميركي.
عودة الشركات الأميركية
وفي سياق متصل، أكد الدالاتي أن المجلس السوري الأميركي لعب دوراً محورياً في دعم الجهود الرامية لرفع العقوبات وإلغاء قانون قيصر. كما أشار إلى أن قانون قيصر، الذي كان يهدف في بدايته إلى حماية المدنيين، أصبح عائقاً أمام عملية إعادة الإعمار والتنمية في سوريا. وسلّط الخبير الاقتصادي الضوء على الدور الكبير الذي لعبته المملكة العربية السعودية، وقطر وتركيا ومصر والأردن في دعم الجهود الدولية لرفع العقوبات عن سوريا.
وأكد أن هذه الدول تدرك أهمية سوريا كموقع عربي، وكمركز جغرافي واستراتيجي يجذب الاستثمارات العالمية، كما أشاد بالتعاون بين الولايات المتحدة وهذه الدول لضمان وحدة سوريا واستقرارها.
وحول فرص الاستثمار والتعاون المستقبلي، توقّع الدالاتي أن تفتح العلاقات الجديدة بين سوريا والولايات المتحدة أبواباً واسعة للشركات الأميركية والعالمية للاستثمار في سوريا، خاصة في مجالات النفط والغاز والثروات المعدنية والبنية التحتية والتحول الرقمي.
وأشار إلى أن الشركات الأميركية كانت تشكل حوالي 60 بالمئة من الشركات العاملة في الدول العربية النفطية سابقاً، ممّا يعكس فرصاً كبيرة لعودتها إلى السوق السورية.
كما تطرّق إلى دور وكالة التنمية الأميركية (USAID) في تقديم المعونات الاقتصادية والتكنولوجية والدراسية، والتي كان لها أثر إيجابي على سوريا في الماضي.
إلغاء قيصر
وأكد الدالاتي أن إجراءات إلغاء قانون قيصر قد بدأت بالفعل، فقد أقر مجلس الشيوخ الأميركي قراراً بهذا الشأن، وأن الخطوة التالية ستكون من مجلس النواب.
ووصف هذا القرار بأنه “نهاية لعقبة كبرى” أمام التبادل التجاري والاقتصادي بين سوريا والعالم. كما أشار الخبير الاقتصادي إلى أن رفع العقوبات سيسهل تفعيل نظام “سويفت” للمعاملات المالية، مما سيدعم تدفق الاستثمارات إلى سوريا.
سوق واعدة
ويرى الدالاتي صورة مبشرة للمستقبل وفرصاً اقتصادية وسوقاً واعدة في سوريا في حال رفع العقوبات، وخاصة في مجال الطاقة والثروات المعدنية، إذ يتوقع الخبير الاقتصادي عودة الشركات الأميركية للتنقيب عن النفط والغاز واستثمار الفوسفات (التي تحتل سوريا المركز الرابع عالمياً في احتياطاته)، مما سيفتح آفاقاً هائلة. مشدداً على أن سوريا بحاجة إلى استثمارات “عالية المستوى” في البنية التحتية بمجالاتها كافة، وهو ما سيشكل فرصة ذهبية للشركات العالمية. فضلاً عن التحوّل الرقمي، إذ يرى الدكتور الدالاتي أن شراكة تكنولوجية مع الولايات المتحدة، خاصة عبر وكالة التنمية الأمريكية (USAID)، يمكن أن تسرّع عملية التحوّل الرقمي وبناء اقتصاد المعرفة. إضافة إلى التمويل الدولي، إذ أشار إلى أن تفعيل نظام “سويفت” للمعاملات المالية سيكون أحد الثمار المباشرة لتحسين العلاقات، ممّا سيمكن البنوك السورية من التعامل مع العالم بسلاسة.
استراتيجية للشراكة
في ختام تصريحه، أعرب الدكتور معتز الدالاتي عن تفاؤله بمستقبل العلاقات السورية الأميركية، مؤكداً أن الزيارة الأخيرة للوفد السوري وضعت أسساً استراتيجية للشراكة بين البلدين.
وخلص إلى أن سوريا، بموقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية وتاريخها الحضاري، قادرة على استعادة دورها كمركز اقتصادي وتجاري في المنطقة، خاصة بدعم الشركات الأمريكية والعربية والدولية التي تتطلع للمشاركة في إعادة الإعمار.