الثورة – فردوس دياب:
ينتظر مجلس الشعب الجديد جملة واسعة من التحديات، التي يتعلق بعضها بالأمور التنظيمية، وبعضها الآخر بتلبية وتحقيق طموحات ومطالب الشعب السوري الذي عانى وضحّى وقدّم الكثير مقابل حريته وكرامته.
حول أبرز التحديات والمعوقات التي سيواجهها مجلس الشعب الجديد، التقت “الثورة” الباحث في القانون العام نورس العبد الله الذي قال:”إن المرحلة الأساسية في تشكيل مجلس الشعب قد انتهت وبات من المنتظر صدور قائمة التعيين المباشر من السيد الرئيس أحمد الشرع، لنصبح أمام تشكيل أول مجلس شعب سوري بعد إسقاط نظام الأسد المخلوع، ليبدأ مهامه الحقيقية التي انتخب لأجلها، والتي ستتناول بداية تعديل الكثير من الأمور الإجرائية والتنظيمية.
وأكد العبد الله، أنه وبغضّ النظر عن نقاش فعالية المسار الإجرائي لتشكيل مجلس الشعب في تحقيق معايير التمثيل والكفاءة، وبالتركيز على عمله وأدواره المأمولة، ثمة مجموعة من القضايا الجديرة بالبحث والنقاش العام والتفاعل الفكري، حتى يكون المجلس الأول قادراً على الارتقاء في أعماله لمستوى تطلُّعات السوريين بعد عقود طويلة من وجود “مجلس دمى” هزيل ومشوّه ، ذلك أن مهمة أعضاء هذا المجلس ومسؤوليته مضاعفة وحسّاسة معاً، إذ إنها مرتبطة بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والتنموية من جهة، وبكسب ثقة الشعب السوري من جهة أخرى، لتغيير الصورة النمطية المورثة، حيث يغدو السؤال المهم هنا، كيف يمكن أن يكون هذا المجلس قادراً على افتتاح عهد وطني جديد يليق بتضحيات الشعب السوري ويتلاقى مع آماله؟.
تصحيح العلاقة
وأضاف الباحث في القانون العام، أن من أولى القضايا التي يجب على المجلس بحثها ودراستها، هي السعي لتغيير الفلسفة التي كان يحملها عضو مجلس الشعب في ظل النظام البائد بصفته منفصلاً عن دائرته الانتخابية بعد “اختياره”،
حيث من المفترض أن يسعى عضو البرلمان الحالي إلى تصحيح علاقته بدائرته، وهذا ما يتطلّب التركيز على آفاق المشاركة المجتمعية في العمل البرلماني، فالمشاركة المجتمعية لا تتوقف عند التصويت، بل تمتد لتشمل متابعة أداء النواب، وإبداء الملاحظات على القوانين، والمساهمة في رسم السياسات العامة مباشرة أو عبر حوامل متعددة كالنقابات والمجتمع المدني والإعلام ..الخ. ومن أجل أن يصبح مجلس الشعب مؤسسة تمثيلية حقيقية، فإنه وبحسب العبد الله، يجب على عضو مجلس الشعب السعي لفتح قنوات دائمة للتواصل مع الناس، سواء من خلال جلسات استماع علنية، أو نشر تقارير دورية، أو استقبال شكاوى ومقترحات، و بهذا المعنى تصبح المشاركة المجتمعية مدخلاً أساسياً لإعادة بناء الثقة وتصحيح العلاقة.
أما القضية الثانية، فإنها وفقاً للعبد الله، ترتبط بقدرات أعضاء المجلس، حيث لا يختلف أحد على أن المرحلة المقبلة في سوريا مليئة بتحديات أولها المتطلبات التشريعية والرقابية المعقدة، وهذه المهام لا يمكن إنجازها بكفاءة من دون أعضاء يمتلكون معرفة وقدرات متنوعة قانونية، اقتصادية، وسياسية، إضافة إلى مجموعة مهارات أساسية كالتفاوض والتواصل والحوار، وعليه فإن المراهنة على مجلس فاعل يتطلب كفاءة عالية عبر آليات متسمرة للتدريب والتأهيل العملي، مثل ورشات متخصصة في إعداد القوانين، وتبادل الخبرات مع برلمانات أخرى، أو إنشاء مراكز دراسات داخل المجلس نفسه لدعم النواب بالمعلومات والتحليل.
وأشار إلى أنّ هناك قضايا تنظيمية رئيسية، تبرز أهمية العامل القانوني الرئيسي الحاكم لعمل المجلس، وهو النظام الداخلي الذي يمكن اعتباره بمثابة العمود الفقري لعمل البرلمان، وليس مجرد قواعد شكلية، وبناء عليه فإنه من الضرورة الوقوف بشكل واعٍ رصداً وتحليلاً للتوجهات المختلفة في الأنظمة البرلمانية ومراجعة الأنظمة السابقة في سوريا دون استنساخها، والانطلاق مما سبق في تقديم مدخلات رئيسة في الحالة السورية تساعد على إصدار نظام داخلي يتناسب مع المأمول من أدوار المجلس وبما يتناسب مع الاحتياجات الحالية.
و في ذات السياق، تبرز بحسب العبد الله، أهمية فهم موقع رئاسة مجلس الشعب وأدواره الرئيسة، وبالتالي حساسية هذا الموقع ومحوريته في الحياة البرلمانية، فرئيس المجلس لا يقتصر دوره على إدارة الجلسات وتنظيم جدول الأعمال، بل يمتدّ إلى رسم الإيقاع العام للمجلس، وتحديد أولويات النقاشات، والتأثير على علاقة المجلس بالسلطة التنفيذية وبالمجتمع، وبناء عليه تكمن حساسية المنصب في أنّه قد يتحول إلى أداة لتعزيز استقلالية المجلس ورفع مكانته كمؤسسة تشريعية فاعلة، ولذلك من الضرورة بمكان البحث بشكل مسبق وكاف في المواصفات المطلوبة وآليات العمل في رئاسة المجلس، مؤكداً أن على أهمية وضرورة أن تكون الرقابة البرلمانية ” حاضرة ” يجب توفرها بشكل دائم.