الثورة – ناديا سعود
في ظل الظروف الاقتصادية المعقدة التي خلفتها حرب مدمرة، يبرز القطاع الزراعي كأحد الركائز الأساسية لبناء اقتصاد قوي ومستدام، ويؤكد الخبراء أن الزراعة ليست مجرد نشاط اقتصادي تقليدي، بل هي بداية الانطلاق نحو اقتصاد معافى خالٍ من الأمراض، قادر على تحقيق الأمن الغذائي والرفاهية للمجتمع.
جودة الغذاء
المحاضر في كلية الزراعة في حلب المهندس الزراعي قتيبة النجار، يرى أن وضع خطة زراعية شاملة في الوقت الحالي هو خطوة لا غنى عنها، وهذه الخطة يجب أن تبدأ بوضع النقاط على الحروف في عدة محاور، أبرزها تحقيق الأمن الغذائي، والوصول إلى أعلى جودة للغذاء مع كميات كافية تلبي احتياجات الأفراد وتحقق الرفاهية للجميع.
وأشار في تصريح لـ”الثورة” إلى أن القطاع الزراعي يواجه تحديات جسيمة بسبب التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، والتي تتجلى في ظواهر مثل التطرف المناخي، والصقيع القاسي، وانحباس الأمطار، وأن هذه التغيرات تتطلب استراتيجيات فعالة لتكييف الزراعة مع هذه الظروف، بما في ذلك تطوير محاصيل أكثر مقاومة للجفاف والأمراض، وتحسين إدارة الموارد المائية.
محاور الخطة
وبين المهندس النجار أن من أهم محاور الخطة الزراعية المقترحة هو الاستخدام الأمثل للمياه، حيث تشكل ندرة المياه تحدياً كبيراً للزراعة في العديد من المناطق، كما يجب أن تركز الخطة على تقدير الاحتياجات المائية للمحاصيل والأشجار، والحد من الهدر، والانتقال إلى طرق الري الحديثة التي تضمن كفاءة أعلى في استخدام المياه، كما أن إنشاء مسطحات مائية كبيرة في المناطق الصحراوية، سواء عبر السدود الترابية أو تحلية مياه البحر، يمكن أن يسهم في تعزيز الموارد المائية المتاحة.
دعم المحاصيل الإستراتيجية
وتشير الخطة- حسب النجار- أيضاً إلى أهمية دعم المحاصيل الإستراتيجية التي تسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى ذلك يجب تشجيع الزراعة العضوية والحيوية، والتي لا تعزز فقط صحة التربة والمحاصيل، بل تزيد أيضاً من فرص تصدير المنتجات الزراعية إلى الأسواق العالمية.
ولتحقيق هذه الأهداف، يرى النجار أنه يجب على الدولة دعم مشاريع البحوث الزراعية التي تهدف إلى استنباط سلالات جديدة من المحاصيل أكثر مقاومة للتغيرات المناخية والأمراض، كما أن تشجيع الاستثمار الخاص في القطاع الزراعي يمكن أن يسهم في تطويره وزيادة إنتاجيته.
ترسيخ ثقافة مجتمعية
وأضاف: هنا يتوجب علينا في هذه المرحلة ترسيخ ثقافة مجتمعية تدعم الزراعة المستدامة وتدرك أهميتها في مواجهة التغيرات المناخية، وهذا يتضمن تشجيع نظام الزراعة المحمية، وتعزيز الوعي بأهمية استخدام المياه بكفاءة، ودعم الممارسات الزراعية التي تحافظ على البيئة وتضمن استدامة الموارد للأجيال القادمة، فالنهوض بالقطاع الزراعي ليس فقط ضرورة اقتصادية، بل أيضاً إستراتيجية حيوية لضمان مستقبل آمن ومستدام في ظلّ التحديات المناخية والاقتصادية التي تواجهها المنطقة.