الثورة- منذر عيد:
شهدت الأيام الأخيرة، سيلا من التصريحات والمواقف الإيجابية التي صدرت عن العديد من النواب الأميركيين، ودبلوماسيين عرب وأجانب لجهة العلاقات السورية – الأميركية، وضرورة فتح صفحة جديدة بين البلدين، بما يفضي إلى رفع العقوبات عن سورية، تكون بمثابة خطوة أولى من جانب واشنطن على طريق دمشق الدبلوماسي.
لا شك أن شكل العلاقة الجديدة بين دمشق وواشنطن، يعتمد بالنسبة للأخيرة على رد الأولى على جملة من المطالب أبرزها، إبعاد الأجانب من مواقع السلطة، ومنع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية، واتخاذ خطوات جادة لتدمير أسلحة النظام الكيميائية بطريقة يمكن التحقق منها، وطرد التنظيمات الفلسطينية من البلاد، رد وصفه مصدر مطلع على المراسلات بين الجانبين بأنه «دبلوماسي وإيجابي»، بحسب ما ذكرت صحيفة «القدس العربي» قبل أيام.
ما تسرب من نذر يسير ومقتضب عن رد دمشق على مطالب واشنطن، جاء بشكل صريح وواضح من قبل السيد الرئيس أحمد الشرع في حديثه لصحيفة “نيويورك تايمز” اليوم بتأكيده عدم وجوب ألا يشكل أي وجود أجنبي في سوريا تهديدا للدول الأخرى عبر أراضيها، وان سوريا التزمت منذ البداية بمنع استخدام أراضيها بما يهدد أي دولة أجنبية وقوله:” بعض الشروط الأميركية بشأن رفع العقوبات تحتاج إلى مناقشة أو تعديل.
لا شك أن كلام الرئيس الشرع الواضح يشكل حالة من الاطمئنان للدول الأخرى وعلى رأسها الولايات المتحدة، بشأن السياسة السورية الجديدة، وحرصها على أمن واستقرار المنطقة، ما يشكل دفعا لواشنطن للتقدم بخطوة نحو دمشق ورفع العقوبات المفروضة عليها، خاصة مع دعوات أعضاء بارزين في مجلس الشيوخ الأمريكي، في رسالة موجهة إلى وزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، في إدارة الرئيس دونالد ترامب، إلى تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا وتوسيع سبل التعاون مع الحكومة السورية، وتشديد الرسالة التي وقعها رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جيمس ريش، والعضو الديمقراطي البارز في اللجنة جين شاهين، الإثنين على ضرورة “موازنة الفرصة بالمخاطر، وفتح المجال أمام الشركاء الإقليميين والدوليين للانخراط في المرحلة الانتقالية بسوريا”.
إعادة الحركة على الطريق الدبلوماسي بين واشنطن ودمشق ليست بالأمر السهل، جراء الملفات الشائكة بين البلدين، لكنه أيضا ليس بالأمر المستحيل، إذ أكد وزير خارجية دولة قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عقب مباحثاته مع نظيره الأميركي، ماركو روبيو، قبل أيام أن الإدارة الأميركية منفتحة بشأن سوريا، قائلا “من المهم جداً أن يكون هناك رفع العقوبات عن سوريا كي تتمكن حكومتها من العمل وتوصيل الخدمات للشعب السوري “.
من المعروف أن عالم السياسة، عالم مرن، لا تبنى فيه المواقف والاتفاقات بين الدول على رؤية أحادية الجانب، بل على وجهتي نظر ورؤية كلا الطرفين، وذلك على قاعدة الحوار والمباحثات والتفاوض التي تثمر في نهاية الأمر إلى حلول وسط تكون مقبولة من قبل الطرفين، وعليه من السابق لأوانه التكهن في مستقبل العلاقات السورية – الأميركية، بانتظار قادمات الأيام، وما ستفضي ما تحمله من مباحثات عن نتائج، يرجى منها أن تكون ايجابية على سوريا والشعب السوري.
