الثورة :
أطلق الهلال الأزرق الدولي نداءً إنسانياً عاجلاً محذراً من تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا، مشيراً إلى أن 75% من السكان باتوا في حاجة ماسة إلى الدعم الإغاثي، رغم مرور أكثر من 14 عاماً على اندلاع الثورة السورية في عام 2011، وسقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
وفي تقرير نشرته منصة “OCHA” المعنية بالأخبار والتقارير الإنسانية، وصف الهلال الأزرق الوضع في سوريا بأنه من بين أكثر الأزمات تعقيداً واستمرارية على مستوى العالم، نتيجة سنوات الحرب التي خلفت دماراً واسعاً، وانهياراً اقتصادياً، ونزوحاً جماعياً، وواقعاً إنسانياً بالغ القسوة.
وأكد التقرير أن سوريا بدأت تخطو نحو مرحلة ما بعد الحرب، إلا أن التحديات الإنسانية لا تزال هائلة، خصوصاً مع عودة أكثر من 1.4 مليون شخص إلى مناطقهم خلال الأشهر الأخيرة، بينهم نحو 400 ألف لاجئ من دول الجوار، وأكثر من مليون نازح داخلي، عادوا إلى مدن وبلدات تفتقر للبنى التحتية والخدمات الأساسية، ما يعقّد جهود التعافي وإعادة البناء.
رغم تراجع نسبي في العمليات القتالية، حذّر التقرير من تجاهل عمق الكارثة الإنسانية المستمرة، مشيراً إلى أن الأوضاع الأمنية لا تزال متوترة في مناطق متفرقة من البلاد، خاصة في الساحل والجنوب والشمال الشرقي، حيث تتواصل الهجمات التي تطال المدنيين وتعيق وصول المساعدات.
وأشار الهلال الأزرق إلى أن الذخائر غير المنفجرة تشكّل تهديداً قاتلاً، إذ تسببت في مقتل 414 شخصاً وإصابة نحو 600 آخرين منذ ديسمبر/كانون الأول، ثلث الضحايا من الأطفال.
وحذّر التقرير من أن النظام الصحي السوري على وشك الانهيار، إذ تعمل أقل من 60% من المستشفيات، كما لا تقدم سوى نصف مراكز الرعاية الصحية الأولية خدماتها بشكل منتظم. وفي ظل تفاقم الجفاف وتدهور أنظمة المياه، يخشى من تفشي أوبئة جديدة مثل الكوليرا، خاصة في فصل الصيف.
وأوضح التقرير أن سوريا تواجه أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من 30 عاماً، ما ألحق ضرراً بالغاً بالقطاع الزراعي. وتوقع أن يدمر الجفاف نحو 75% من محصول القمح، وهو ما يكفي عادة لإطعام 16 مليون شخص على مدار عام كامل.
كشف الهلال الأزرق عن أن أكثر من نصف سكان سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهو ما ينذر بارتفاع معدلات الفقر وسوء التغذية، خصوصاً بين النساء والأطفال وكبار السن. كما حذّر من احتمال نزوح جديد من المناطق الزراعية المنكوبة بسبب الجفاف، وارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية وغياب فرص العمل الموسمي.
ودعا الهلال الأزرق إلى توسيع نطاق المساعدات الغذائية، وتوفير مستلزمات الزراعة والري، إلى جانب دعم تقنيات التكيّف مع الجفاف، وتعزيز التنسيق بين الجهات الإنسانية والتنموية والمناخية، لضمان استجابة فعالة وشاملة.
واختتم التقرير بتحذير من أن إهمال الوضع الحالي قد يؤدي إلى انهيار يصعب تداركه، مؤكداً أن سوريا بحاجة ماسة إلى تضامن دولي فوري ومنسق يعيد الأمل لملايين السوريين المنهكين من سنوات الحرب والكوارث المتعاقبة.