الثورة – رفاه الدروبي:
الحفر على الخشب يتمثَّل بإظهار النقوش والرسومات، كونه مجموعة من الفنون الحرفية القائمة على تحويل الخشب إلى فنون جميلة تظهر زخارف محفورة للداخل، مع ترك الأرضيَّات من دون حفر، وكان المصريون القدامى أوَّل مَنْ بدأ باستخدام الأسلوب المذكور.
التقت “الثورة” بشيخ الكار الحفَّار صادق درخباني في مشغله المقتطع من منزله بحي القيمرية بعد انتقاله إليه نتيجة الحرب الظالمة على الوطن، بعد أن كان محله في منطقة سقبا بريف دمشق باعتبارها تجمُّع حرفة الأثاث المنزلي لمهنة مارسها مدة ثلاثة عقود ونصف، وشكَّلت لديه شغفاً مع الخشب فالتقط أسرارها من معلمه وترك دراسته متَّجهاً لتعلُّمها، ما أعطاه لقب شيخ كار للمهنة، وأنجز العديد من التحف الفنية كترميم وتجديد أسقف البيوت الدمشقية في حارات الشام القديمة، إضافة إلى الأثاث المنزلي.
وأشار الدرخباني إلى أهمية التركيز أثناء العمل، يبدأ من الرسمة ثم يطبعها على الخشب، لكنَّه في أحيان كثيرة يجتهد في تغييرها حسب مزاجه وهواه، ويتَّجه فيما بعد لحفر الرسمة بأزامليه ذات المقاسات المختلفة، والرؤوس الفولاذية الحادة المشحوذة بدقة كي تساعده أثناء النقر عليها بمطرقته المصنوعة من الخشب المتين.
الدرخباني أكَّد أنَّ معالم الرسمة تبدو جليةً بعد جهد طويل يصل إلى ثلاثة أيام للقطعة، فالعمل اليدوي بكل مراحله لا يعتمد على الآلات، وإنما يهدف لإظهار روحانية القطع المُصنَّعة، وتجسيد مشاعر وأحاسيس عميقة، حيث يبدأ بحفر كل قطعة على حدة لتصل في نهاية المطاف إلى أيدي نجار محترف يعرف كيفية جمعها ضمن قطعة فنية متكاملة، ثم تدهن بمواد خاصة للمحافظة عليها مدى العمر.
وأوضح أنَّه يستخدم أنواعاً خاصة من الخشب، منها السنديان والجوز والسويد، لكن خشب السنديان والجوز يُفضِّلهما في الحفر لتميّزهما بالصلابة وجمال الألياف المتراصة مع بعضها البعض، لذا يستخدمهما في الحفر الدقيق.