الثورة – رفاه الدروبي:
تعتبر صناعة الخيزران من الصناعات القديمة في العالم، إذ استخدم الصينيون سيقان نبات الخيزران “البامبو” المجوَّفة في صناعة الورق منذ ألفي عام، لكنَّ السوريين استعملوه منذ قرن ونصف لصناعة السلال المدرسيَّة للأطفال وكذلك للفاكهة، ثم تطوَّرت صناعته لتشمل الأثاث المنزلي.
الحرفي محمد مازن الحرش يعمل في هذه المهنة منذ نصف قرن تقريباً، وعلَّم مبادئها لنجله عبد الرحمن فأتقنها، وقد عمل الأب في مهنته بشغف وسافر لعدة دول “الصين، سنغافورا، إندونيسيا، ماليزيا” لاستيراد المواد الأوليَّة من عيدان الخيزران باعتبار أن موطنها الأصلي المناطق الاستوائية في شرق آسيا، ويتمُّ قطع أعواد الخيزران من فئة من النباتات النجيلية نظراً لما تتمتع به من لين القضبان، كذلك تتشابه زراعتها مع أشجار الزيتون من حيث جودة المواد وعطائها.
وأشار الحرش إلى أن الخيزران نبات أملس العيدان ينمو تلقائياً في المناطق الرطبة كخط متجانس مع القصب، لكنَّ قضبانه يتدرَّج لونها من الذهبي الفاتح إلى العسلي الغامق والأسود، وتتشابك أعواده لتصل إلى أربعة أمتار، ويمكن أن يصل طول القطعة الواحدة منه إلى أربعين متراً.
كما أوضح أنَّ حرفته يدوية في كل مراحلها تتمُّ في ورشته الخاصة، وتعتمد صناعة الخيزران على قضبان يلجأ إلى تقشير أعوادها بوساطة آلات خاصة ليبقى اللبّ فقط، مستخدماً الكمَّاشة والمطرقة والمقص والمسامير وموقد النار من أجل لوي القضبان، كي تُشكِّل الهيكل المطلوب كالكراسي بشكل أساسي، إضافة إلى صناعة الكثير منها كالمكتبات، والخزائن، والطاولات، والمقاعد الكبيرة للحدائق والمقاطع الفاصلة بين الغرف.
أما القشور، أي “القش”، فتستخدم لتغطية فراغات الأدوات المصنَّعة لتعطي منظراً لائقاً.
ولفت إلى أنَّ شيخ كار المهنة حسن الضبع بلغ من العمر عتيَاً، لكنه أعطى المهنة لليد العاملة الشابة فدرَّبها، وكان يضمن القطعة المصنعة في مشغله لعقود طويلة ويمكن العودة إليه عندما يصيبها أيُّ عطب لقطع لا تزال تلقى استحساناً، نظراً لخفة وزنها وسهولة نقلها والاعتناء بها وتنظيفها وتحمُّلها لمختلف الأجواء، لذلك يستخدم الخيزران غالباً في الأجواء المفتوحة كالمقاهي وباحات الفنادق الخارجية والحدائق المنزليَّة.