رمال السيليكا.. كنزاً استراتيجياً صامتاً. تحركات استثمارية للاستفادة من احتياطات ضخمة ذات نقاوة عالية

الثورة – وعد ديب:
للسيليكون أهمية في الاقتصاد العالمي، كونه من الموارد الاستراتيجية لاقتصاد المعرفة الحديثة، ويرتبط نمو الطلب عليه بازدهار الصناعات التكنولوجية والطاقة النظيفة.. وتعد سوريا غنية برمال السيلكا عالية النقاوة، ما جعلها محط أنظار وصراع من قبل عدة دول، والهدف الحصول على هذه الثروة الباطنية المهمة.

672 مليون طن

عن أهمية مادة السيلكون، وانعكاس استثماراتها بالشكل الأمثل على الاقتصاد السوري، يقول الخبير الاقتصادي زياد وهبي في حديثه لصحيفة الثورة: تقدر احتياطيات رمال السيليكا في سوريا بنحو 672 مليون طن، مما يجعلها من الدول التي تمتلك مخزوناً استراتيجياً كبيراً من هذه المادة الحيوية، وهي متواجدة في مكامن القريتين بمحافظة حمص، ويُقدّر احتياطيها بنحو 195 مليون طن، وتُصنّف رمالها كأحد أفضل أنواع الرمال السيليسية من حيث النقاوة.

وتوجد أيضاً رواسب غنية بالسيليكا في مناطق مثل الزبداني، بلودان، وجبل الطبوق، حيث تتراوح نسب السيليكا فيها بين 95بالمئة و98بالمئة، مما يجعلها مناسبة لصناعة الزجاج والخزف.

وبحسب وهبي، فإن سوريا حالياً تشهد تحركات استراتيجية للاستفادة من احتياطياتها الضخمة من رمال السيليكا عالية النقاوة، والتي تُعد مادة خام أساسية في العديد من الصناعات الحديثة.

ومن أبرز المشاريع المحتملة مشروع “وادي السيليكون السوري، وهو من أبرز المبادرات الصناعية، ويهدف إلى إنشاء مجمع صناعي متكامل يعتمد على رمال السيلكا المتوفرة بكثرة في البلاد.

ويقع المشروع بين مدينتي حمص ودمشق، بالقرب من مدينة حسياء الصناعية، يهدف إلى إنتاج مشتقات السيليكون مثل سيليكات الصوديوم، كربونات الصوديوم، وماءات الصوديوم، بالإضافة إلى تصنيع الخلايا الكهروضوئية والألواح الشمسية، وإنتاج البوليمرات السيليكونية المستخدمة في مجالات متعددة من الطب إلى البناء وصناعة المركبات والطيران.

مفاوضات مع شركات صينية

وأشار إلى أن احتياطيات السيليكا في سوريا تجذب اهتمام الشركات الأجنبية، وتجري مفاوضات مع شركات صينية مختصة لإقامة مصنع لإنتاج السيليكا في سوريا، بقيمة تُقدر بـ67 مليون دولار، ويهدف هذا التعاون إلى نقل التكنولوجيا وتوطينها، ما يُساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي.

ورداً على سؤالنا حول انعكاسات المشاريع الصناعية المحتملة على الناتج المحلي الإجمالي، رد وهبي: إن تطوير مشاريع مثل “وادي السيليكون السوري” واستخراج السيليكا، قد يكون له تأثيرات كبيرة على الاقتصاد السوري، خصوصاً في الفترة القادمة، ومن هذه الانعكاسات زيادة الإنتاج الصناعي، وتنويع الاقتصاد، وكذلك خلق فرص عمل جديدة والتحول نحو الاقتصاد المعرفي.

الناتج المحلي

وبحسب وهبي- قد يبدأ التأثير الواضح على الناتج المحلي الإجمالي بعد نحو 3 إلى 7 سنوات من بدء المشاريع الاستثمارية، وأن بناء وتحديث البنية التحتية اللازمة لتدفق الاستثمارات سيتطلب أيضاً من 3 إلى 5 سنوات ليُسهم في النمو الاقتصادي المستدام.
ويشير إلى أنه من الممكن أن يبدأ الاقتصاد السوري في رؤية انعكاسات إيجابية على الناتج المحلي الإجمالي بعد 5 إلى 7 سنوات من بدء تنفيذ هذه المشاريع الصناعية الكبرى، ومع مرور الوقت، سيتصاعد التأثير ليصبح أكثر وضوحاً، على أن يسهم ذلك في تنويع الاقتصاد السوري بعيداً عن الاعتماد على قطاعات تقليدية مثل النفط والزراعة، إضافةً إلى خلق فرص عمل من خلال تشغيل العمالة المحلية تُعد المشاريع الصناعية الكبرى مثل هذه فرصة لتوفير آلاف الوظائف في مراحل التشغيل والصيانة والإدارة، على حد قول الخبير الاقتصادي.

وكذلك زيادة الصادرات بتوسيع سوق الصادرات، وإنتاج منتجات السليكون، مما يزيد من صادرات سوريا ويعزز العائدات الأجنبية، ناهيك تحسين الميزان التجاري، فسيُساهم ذلك في تقليص العجز التجاري عن طريق تصدير المنتجات الصناعية، مما يُحسن من ميزان المدفوعات- والكلام وهبي.

تحسين قطاع الطاقة المتجددة

ولفت إلى أن الاستثمار في السيليكا من شأنه تحسين قطاع الطاقة المتجددة من خلال الاستفادة من السيليكون للطاقة الشمسية بإنتاج الألواح الشمسية المحلية، ويُساهم في زيادة قدرة سوريا على توليد الطاقة المتجددة، مما يساعد في تقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية والمستوردة، و تقليل التكاليف المتعلقة بالطاقة وتوفير مصادر مستدامة للنمو الصناعي.

ويؤكد أن كل ما ذكر يقود بالنتيجة إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي من خلال الحد من الاعتماد على النفط، حيث يقلل تنويع الاقتصاد السوري من الاعتماد على النفط والغاز، ويُعزز الاستقرار الاقتصادي في ظل تقلبات أسعار النفط العالمية.

وعن الزمن المتوقع لظهور الانعكاسات على الناتج المحلي الإجمالي في سوريا، يوضح الخبير الاقتصادي أن المشاريع الكبرى مثل “وادي السيليكون السوري” واستخراج السيليكا، قد يستغرق عدة سنوات قبل أن تبدأ تأثيراتها في دعم الناتج المحلي الإجمالي بشكل ملموس، ويعتمد الزمن اللازم لتحقيق هذه الانعكاسات على مجموعة من العوامل الاقتصادية والعملية.
بما في ذلك الزمن اللازم للإعداد ويشمل هذا الزمن فترة التخطيط، البنية التحتية، والحصول على التمويل، وكذلك التفاوض مع الشركاء الأجانب.

وهنا يقول الدكتور وهبي: لن يبدأ التأثير الكبير على الناتج المحلي الإجمالي، إلا بعد أن يبدأ الإنتاج على نطاق واسع، وفي هذه المرحلة قد لا تكون التأثيرات واضحة تماماً، ولكن ستكون البداية ملحوظة.
وعند بدء تشغيل المصانع والمشاريع تسهم مشاريع السيليكون بزيادة معدلات التوظيف، وفقاً للدكتور وهبي، وسيكون هناك تأثير إيجابي على سوق العمل السوري، إلا أن التأثيرات قد تستغرق وقتاً لتتجسد بشكل ملموس .
ومع انطلاق هذه المشاريع ستحفز قطاعات مثل النقل، البناء، والخدمات المرتبطة بالإنتاج الصناعي، وبالتالي تسهم في دفع النشاط الاقتصادي بشكل عام.

التصدير

ومن المتوقع أن تبدأ المنتجات المصنعة مثل السيليكون والخلايا الشمسية في الوصول إلى الأسواق العالمية، بعد 5 إلى 7 سنوات من بدء الإنتاج، وفيما يتعلق بتحقيق استدامة الإيرادات قد يحتاج الاقتصاد السوري من 5 إلى 10 سنوات لتبدأ العوائد من الصادرات في التأثير الفعلي على ميزان المدفوعات، والناتج المحلي الإجمالي.

قد تتأخر فوائد الطاقة المتجددة، مثل الألواح الشمسية، في تحقيق تأثير كبير بسبب حاجتها إلى فترة طويلة لتنفيذ مشاريع طاقة شمسية واسعة النطاق متوقعاً أنه يتطلب هذا من 5 إلى 15 سنة.

وعلى المدى الطويل، يرى الخبير الاقتصادي أن مشاريع السليكون تسمح بتقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية، مما يؤدي إلى خفض التكاليف الاقتصادية وتحسين استدامة الاقتصاد السوري.

تأمين التمويل

بناءً على هذه العوامل- وبرأي الخبير الاقتصادي- من الممكن أن يبدأ الاقتصاد السوري في رؤية انعكاسات إيجابية على الناتج المحلي الإجمالي بعد 5 إلى 7 سنوات من بدء تنفيذ هذه المشاريع الصناعية الكبرى، ومع مرور الوقت، يتصاعد التأثير ليصبح أكثر وضوحاً بين 7 إلى 10 سنوات، ومع ذلك، قد يكون الاستقرار السياسي والأمني عاملاً مؤثراً في تسريع أو تأخير هذا الزمن.

ويضيف أنه من ضمن التحديات تواجه سوريا تأمين التمويل اللازم، لتنفيذ هذه المشاريع بسبب العقوبات الاقتصادية والظروف الاقتصادية الصعبة، وقد تؤثر البيروقراطية، والفساد على سرعة تنفيذ المشاريع والفعالية الاقتصادية لها.

يذكر أن السيليكون رمزه الكيميائي (Si) هو عنصر كيميائي شبه فلزي، يأتي في المرتبة الثانية من حيث الوفرة في القشرة الأرضية بعد الأوكسجين، ويمثل نحو 28 بالمئة من كتلتها، لا يوجد السيليكون في الطبيعة بشكله النقي، بل يوجد غالباً على شكل ثنائي أكسيد السيليكون (SiO₂) في الرمل والكوارتز.

آخر الأخبار
45 يوماً وريف القرداحة من دون مياه شرب  المنطقة الصناعية بالقنيطرة  بلا مدير منذ شهور   مركز خدمة الموارد البشرية بالخدمة  تصدير 12 باخرة غنم وماعز ولا تأثير محلياً    9 آلاف طن قمح طرطوس المتوقع   مخالفات نقص وزن في أفران ريف طرطوس  المجتمع الأهلي في إزرع يؤهل غرفة تبريد اللقاح إحصاء المنازل المتضررة في درعا مسير توعوي في اليوم العالمي لضغط الدم هل يعود الخط الحديدي "حلب – غازي عنتاب" ؟  النساء المعيلات: بين عبء الضرورة وصمت المجتمع خطوة تخفف الآلام.. المفقودون ...وجع يسكن كل بيت محامون لـ"الثورة": المرسوم 19 حجر الأساس لإنصاف ذويه... الأطباء السعوديون بلسموا قلوب 250 سورياً بمشفى جراحة القلب الأولى من نوعها ... زراعة بطارية لاسلكية ... الخارجية: سوريا تستعيد موقعها الطبيعي برؤية التعاون والانفتاح العدالة الانتقالية.. تجميد جراح الماضي.. خبراء قانونيون لـ"الثورة": استعادة سيادة القانون لمحاسبة من... خطط لإعمار المدارس وتأهيلها "سويفت" طفرة استثمارية... لا يُدار بكبسة زر مستشار هندسي يطرح حلولاً عملية كخارطة طريق إلى التنمية المستدامة 25 جراراً من مؤسسة حمد بن خليفة لدعم قطاع الزراعة الدولار يواصل التذبذب في دمشق