بقلم الكاتب: أحمد عبد الحق
تشهد محافظة السويداء جنوب سوريا نقاشات متصاعدة حول مشروع “الجيش الموحّد” الذي أعلن عنه شيخ عقل الطائفة الدرزية حكمت الهجري، في مسعى لدمج الفصائل المسلحة ضمن جسم عسكري واحد، في مواجهة الحكومة السورية في دمشق، إلا أن المبادرة لم تلقَ حماساً واسعاً من أبرز الفصائل المحلية، إذ أعلنت بعضها أن الانضمام غير وارد في الوقت الراهن لغياب الوضوح بشأن طبيعة التشكيل وأهدافه.
مصادر مطلعة أوضحت أن المشروع يُنظر إليه بوصفه امتداداً لفكرة “الحرس الوطني” التي طُرحت في وقت سابق، واعتمدت على ضباط سابقين من جيش النظام البائد، وتشير تقارير إلى أن بعض الفصائل المنضوية في التشكيل كانت على ارتباط بجهاز الأمن العسكري، فيما عُرضت على الشباب حوافز مالية للانضمام، لكن كثيرين تراجعوا بعد توقف دفع الرواتب بانتظام.
يأتي الحديث عن تشكيل “الجيش الموحّد” بعد المواجهات الدامية التي شهدتها المحافظة في يوليو/تموز الماضي، والتي أدت إلى سقوط مئات القتلى من المدنيين والمقاتلين بين فصائل درزية وعشائر بدوية وقوات حكومية، هذه الأحداث عمّقت حالة التوتر ودَفعت الهجري إلى تصعيد خطابه المناهض لدمشق، مطالباً بالانفصال والاستقلال بدعم “إسرائيلي” ورفض مؤسسات الدولة .
وبالنظر إلى مواقف الفصائل في السويداء من التشكيل المعلن عنه، فإن “حركة رجال الكرامة”، التي تعد الفصيل الأكبر في المحافظة، أكدت أنها مع أي مبادرة لتوحيد الجهود دفاعاً عن السويداء، لكنها ربطت قرار الانضمام بوضوح آليات التشكيل وضمان التزامه بمبادئ الحركة، مشيرة إلى أن غياب الانضمام لا يعني غياب التنسيق. وفي المقابل، أعلنت فصائل أصغر مثل “لواء الجبل” انضمامها إلى التشكيل الجديد، فيما فضلت مجموعات أخرى التريث أو أبدت تحفظات واضحة.
بعض المحللين يرون أن مشروع “الجيش الموحّد” لا ينفصل عن سياق إقليمي أوسع، في ظل توتر الأوضاع جنوب سوريا وتكرار الغارات الإسرائيلية، وتطرح تقديرات أن هذه التطورات قد تمنح المشروع بعداً خارجياً، في حين تؤكد الحكومة والمجتمع الدولي تمسكهما بوحدة سوريا وسيادتها.
ثمة تقديرات أن الهجري يحاول استثمار الاهتمام الإسرائيلي بما يجري في الجنوب، والغارات التي شنها الاحتلال “لحماية الدروز”، لتقديم نفسه كحامٍ للطائفة بدعم خارجي، ولتكريس موقعه كزعيم محلي لا يمكن تجاوزه في أي معادلة إقليمية، لكن الهدف الأوسع للهجري هو تعزيز نفوذه السياسي والروحي عبر امتلاك قوة عسكرية موحدة، بما يتيح له التفاوض من موقع قوة مع دمشق والفاعلين الإقليميين.
يبقى مستقبل “الجيش الموحّد” غير محسوم، فبينما تتحدث مصادر عن آلاف المقاتلين المنضمين إليه، ترى مصادر أخرى أن العدد مبالغ فيه وأن تأثيره على الأرض محدود، ومع استمرار الانقسامات المحلية وتباين المواقف، يظل التشكيل الجديد أمام تحديات كبيرة في ترسيخ وجوده أو لعب دور مؤثر في المشهد الأمني والسياسي بالمحافظة.