بعد القمع والحرب.. المرأة السورية تصوغ مستقبلها الآمن

الثورة – مها دياب:

شكّل اعتقال النساء في سنوات الثورة، خلال فترة النظام المخلوع، نقطة بداية لمعاناة مضاعفة لم تقف عند حدود السجن.

كثيرات خرجن ليواجهن أشكالاً من الرفض المجتمعي: أب تنكّر لابنته واعتبرها “ميتة”، وأخرى طُلّقت بذريعة “تلوث السمعة”، وثالثة قُتلت بحجة “الشرف”، وغيرها طُلب منها الصمت وعدم رواية ما تعرضت له.

هذه الوقائع أظهرت أن العنف ضد المرأة تجاوز التعذيب والاعتقال ليصل إلى النبذ الاجتماعي والحرمان من الحقوق، تاركاً الناجيات داخل “سجون بلا قضبان”.

ومع ذلك، ترتفع اليوم أصوات النساء السوريّات لتقديم روايتهن وبناء دور فاعل لهن في إعادة إعمار سوريا بعد التحرير، انطلاقاً من الحاجة إلى قوانين عادلة ومجتمع يعترف بحقوقهن.

أجرت “الثورة” لقاء حوارياً مع ناشطات حقوقيات ومشرفات جمعيات نسوية، قدمن خلاله قراءات متكاملة لواقع النساء في سوريا، وأثر القوانين، وآليات الحماية، والتشريعات الدولية ذات الصلة، وذلك بالتزامن مع فعاليات اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة تحت عنوان “المرأة والسلام والأمان”.

وصمة عار

تحدّثت الناشطة ليزا عاصي عن معاناة المعتقلات، مؤكدة أن المرأة تحملت العبء الأكبر خلال الثورة داخل الأسرة والمجتمع، وأن الناجيات واجهن الطلاق أو التنكر أو حتى القتل، في ظل ثقافة تُحمّل الضحية مسؤولية ما تعرضت له.

وترى أن تحويل هذه التجارب المؤلمة إلى طاقة تغيير ضروري، وأن على المجتمع النظر إلى الناجيات كرموز صمود يجب تمكينهن في مواقع العمل السياسي والاجتماعي.

قوانين تمييز

الناشطة سوسن زكزك سلطت الضوء على القوانين التي تميّز ضد النساء، ومنها: حرمان الأم من حضانة أطفالها عند الزواج مرة أخرى، حرمان المرأة من نقل جنسيتها لأطفالها، ومنح القانون إعفاءات أو تخفيفات لمرتكب الاغتصاب إذا تزوج الضحية، إضافة إلى غياب تشريع يجرّم العنف الأسري بشكل واضح.

وترى أن الإصلاح يجب أن يبدأ من تعديل القوانين، مروراً بالتمكين الاقتصادي والسياسي، وصولاً إلى تغيير الثقافة التي تحصر النساء في أدوار نمطية.

سلام وأمن

قدمت الحقوقية سما بكداش قراءة حول قرار مجلس الأمن 1325 المتعلق بالمرأة والسلام والأمن، موضحة محاوره الأربعة: المشاركة، الحماية، الوقاية، والإغاثة والتعافي.

وأكدت أن أهمية القرار في سوريا تتضاعف بعد سنوات الاعتقال والعنف والنزوح، ما يجعل تطبيقه أساسياً لضمان مشاركة النساء في مسارات الحل السياسي، العدالة الانتقالية، وإعادة الإعمار.

وترى بكداش أن امتلاك المرأة السورية لتجربة شخصية مع القمع والحرب يمنحها رؤية أكثر واقعية وإنسانية لصياغة مستقبل آمن، وأن تفعيل القرار ينقل النساء من موقع الضحية إلى دور صانعات السلام.

خطوات حماية

المشرفة على جمعية “نساء زنوبيا” رشا الخطيب تحدثت عن إجراءات الحماية الممكنة عبر إنشاء خطوط طوارئ، وتأمين دور إيواء، وتدريب الشرطة والقضاة على التعامل مع قضايا العنف.

وتعتقد أن هذه الخطوات ستساهم في استعادة الثقة ودمج النساء في المجتمع، ما يشكّل قاعدة لمشاركتهن في الحياة العامة بعد التحرير.

مشاركة فاعلة

روناهي حسن من مؤسسة “ستار” أكدت أن التغيير لا يتحقق دون مشاركة النساء في الحياة العامة، خاصة بعد الدور الكبير الذي أدّينه خلال الثورة.

وترى ضرورة بناء تحالفات نسوية لتجاوز الانقسامات وتحقيق هوية موحدة تسهم في بناء دولة قائمة على العدالة والمساواة.

دعم نفسي

مديرة مؤسسة “نبع الحياة” فادية إسماعيل شددت على أن الدعم النفسي ضرورة موازية للحماية الجسدية، فالصدمات تحتاج معالجة متخصصة تبدأ بالتدخل الفردي ثم إعادة الدمج المجتمعي.

وترى أن الدعم النفسي هو الأساس لتمكين النساء اقتصادياً وسياسياً، ولإعادتهن إلى حياتهن الطبيعية وجعلهن فاعلات في المجتمع.

تمثيل غائب

أشارت الناشطة ليزا عاصي إلى تراجع تمثيل النساء في مواقع القرار من 12بالمئة إلى 2.6بالمئة، معتبرة أن غيابهن يجعل القوانين غير فعالة.

وشددت على ضرورة رفع نسبة مشاركة النساء لضمان أن تعكس التشريعات واقع المجتمع وتطلعاته.

تفعيل قرار

رئيسة مجلس أمناء مؤسسة “عبير” نبيلة باردو اقترحت عقد مؤتمر عام يخرج بتوصيات عملية لتطوير السياسات المتعلقة بالمرأة، وتحديث المؤسسات والأنظمة بما ينسجم مع احتياجات المجتمع السوري.

وأكدت أن إدراك المرأة لدورها وتحويل هذا الإدراك إلى عمل مؤسسي هو ما يجعل مشاركتها جزءاً ثابتاً من البنية السياسية والاجتماعية لسوريا الجديدة.

قائدات مستقبل

ورغم أن هذه التجارب انطلقت من الألم، فإنها اليوم تشكل ركيزة لرؤية مستقبلية أكثر إيجابية.

وتجمع المشاركات على أن المرأة ليست ضحية، بل شريك أساسي في التحرير وإعادة البناء، وأن الطريق نحو سوريا الجديدة يبدأ بإصلاح القوانين التمييزية، وتفعيل القرارات الدولية، وتعزيز المشاركة السياسية والاقتصادية، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي، وتأسيس تضامن نسوي قادر على إحداث تغيير حقيقي.

آخر الأخبار
أي مستقبل نريده.. يضمن اتزان الأطفال قبل تعليمهم؟ الوزير الشيباني: شروط سوريا ثابتة وهذا موعد توقيع الاتفاق الأمني مع إسرائيل تضمنت 28 بنداً.. ما الذي نعرفه عن خطة ترامب لوقف الحرب الروسية الأوكرانية؟ بنية هشة وإمكانات محدودة تثقل كاهل سكان ريف دمشق مع قدوم الشتاء وزارة الدفاع تشارك في فعاليات هيئات التدريب بالجامعة العربية بيت سحم بين تراجع الخدمات وجهود المعالجة.. الأهالي بانتظار حلول جذرية بعد القمع والحرب.. المرأة السورية تصوغ مستقبلها الآمن الطريق إلى الوعي الغذائي.. يبدأ بمسح وطني شامل أذربيجان وتركيا تعمقان تعاونهما في الملف السوري إضرابات على بعض خطوط دمشق بعد تخفيض التعرفة.. ومؤسسة النقل تتدخل لضمان الخدمة بعد انقطاع لأعوام.. عبور أول قافلة ترانزيت من سوريا إلى الخليج عبر باب الهوى مع تراجع حضور الكتاب.. الملخصات تفرض نفسها وتعمّق أزمة الدراسة الجامعية إيجارات المنازل في حلب تواصل ارتفاعها.. هل من حلول بالأفق؟ المنتخب الوطني للكيك بوكسينغ يشارك في بطولة العالم بأبوظبي مدونة السلوك الجديدة... خطوة لإعادة بناء الثقة بين المواطن ورجل الأمن تحركات حكومية تمهد لإصلاح مصرفي شامل قاتل في سوريا.. من هو "طبطبائي" الذي قتلته إسرائيل بـ"الضاحية الجنوبية"؟ وصفات صندوق النقد الدولي بين الفرص والمخاطر قوى الأمن الداخلي في حمص تمدد حظر التجوال إثر تصاعد التوترات الطائفية حمص.. اختبار الخوف ومسؤولية النجاة