الثورة – حسين صقر :
أطلقت وزارة الصحة، بالتعاون مع المنظمات الدولية والمحلية، المسح الوطني التغذوي في جميع المحافظات السورية، في خطوة تهدف إلى فهم الواقع الغذائي بدقة ووضع سياسات صحية أكثر فاعلية. ويُعد هذا المسح أحد أهم الأدوات العلمية لتقييم الحالة الغذائية والصحية بمختلف الفئات العمرية، ولا سيما في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة.

صحيفة الثورة وبعد الاطلاع على الإعلان سارعت لمواكبة الحدث، من أجل تسليط الضوء على منعكساته الإيجابية على المجتمع السوري وكان لها هذه اللقاءات.
ليست كل العادات الغذائية صحية لكون الأسرة وبالأخص الأمهات تعد حجر الأساس في تشكيل العادات الغذائية للأطفال تلعب مشاركتهن في المسح دوراً محورياً في نجاحه، وتقول أم محمد أم لطفلين في حديثها مع صحيفة الثورة “عندما شاركنا في المسح، اكتشفت الكثير عن العادات الغذائية في البيت، لأننا نظن أن أطفالنا يأكلون بشكل صحي، لكن الاستبيانات والتحاليل بيّنت لي أننا بحاجة لزيادة الخضروات والحد من الحلويات، والتجربة كانت مفيدة لي ولأسرتي”.
أما سامية وهي أم لأربعة أطفال والتي شاركت بعملية مسح سابقة تؤكد أنه أكثر ما أعجبها المعلومات التي حصل عليها وعرفت أهمية كل قياس، وشعرت أن صوت الأمهات يُسمع وأن البيانات التي يقدمونها تساعد في تطوير برامج تخدم أبناءهم، ومن هذا المنطلق عرفت الحاجة إلى وجود أدوات موثوقة تساعد في ترتيب حياة الأطفال الصحية.
المسح التغذوي
وللاطلاع أكثر على موضوع المسح الوطني التغذوي قالت الدكتورة رنا كنعان الاختصاصية في طب الأطفال والتغذية العلاجية والقياسات الأنتروبومترية أن المسح هو دراسة واسعة النطاق تُجرى على مستوى الدولة لجمع معلومات حول العادات الغذائية، ونسب انتشار سوء التغذية، ونقص العناصر الدقيقة، ومعدلات السمنة، وجودة الأنماط الغذائية لدى الأسر والأفراد، ويشمل ذلك قياسات جسمانية وفحوصات مخبرية واستبيانات غذائية مفصلة.
وأضافت يكتسب المسح أهمية خاصة لكونه يرصد المشكلات الغذائية الحقيقية مثل نقص الحديد أو السمنة أو سوء التغذية عند الأطفال، ويوجه السياسات الوطنية لوضع برامج غذائية وصحية تعتمد على بيانات دقيقة وليست على التوقعات، كنا يساعد في قياس أثر البرامج الصحية بعد تطبيقها، ومعرفة مدى نجاحها أو الحاجة إلى تعديلها، ويدعم الأمن الغذائي عبر فهم الفجوات في استهلاك الغذاء داخل الأسرة، وكذلك يُعد مرجعاً علمياً للباحثين والجهات الصحية والمبادرات العلمية.
كنعان أضافت: إن المسح الوطني التغذوي ليس مجرد أرقام، بل هو خريطة صحية للأمة، ويساعد الأطباء على فهم المشكلات التغذوية المنتشرة، وبالتالي تصميم برامج علاجية ووقائية أكثر دقة، منوهة بأنه عندما نعرف مثلاً أن نسبة فقر الدم لدى الأطفال مرتفعة، يمكن اتخاذ قرارات مثل تدعيم المواد الغذائية بالحديد أو إطلاق حملات توعية للأمهات.
وتضيف: “الأهم من ذلك هو أن المسح يحدد الفروقات بين المناطق والفئات الاجتماعية، ما يسمح بتوجيه الموارد إلى الأماكن الأكثر احتياجاً، وبالنسبة لنا كأطباء، يساعدنا على رصد الاتجاهات الغذائية الجديدة مثل انتشار السمنة لدى صغار السن نتيجة الأنماط الغذائية السريعة”.
يدمج العلم مع صوت الناس وأشارت أن استمرار المسح الوطني التغذوي وإجراؤه بشكل دوري يضمن رصد النقاط القوة والضعف في صحة المجتمع وتطوير برامج التغذية المدرسية، ورفع مستوى الوعي لدى الأسر بأهمية الغذاء الصحي، ويساهم في الحد من الأمراض المزمنة المرتبطة بالنظام الغذائي مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
وختمت يمثل المسح الوطني التغذوي حجر الزاوية في تحسين صحة المجتمع، فهو يدمج العلم مع صوت الناس، ويمنح صناع القرار نظرة واقعية تساعدهم في بناء مجتمع أكثر صحة، ومع تعاون المواطنين، خصوصاً الأمهات، يصبح بالإمكان الوصول إلى بيانات حقيقية تسهم في وضع سياسات فاعلة، وتحقيق مستقبل صحي للأجيال القادمة.